تسعى معظم القوائم الانتخابية، والكتل السياسية التى تخوض الانتخابات البرلمانية الحالية إلى اختراع خصم لها، وعدو تلقى عليه كل الاتهامات، وذلك فى محاولة للحصول على أصوات الناخبين.
هناك جماعة الإخوان كعدو مشترك للجميع، والقوائم الانتخابية. والمرشحون لديهم خطابهم الجاهز ضدها، مستندين على ممارساتها السياسية والفكرية الإرهابية، لكن هل فكر أحد ممن يخوض الانتخابات بأن تركيزه على إثبات عدائه للإخوان وحده يكفى أم لا، ليحصل على أصوات الناخبين؟ كانت هذه القضية محور مناقشات عديدة مع كثير ممن قابلتهم فى فترة عيد الأضحى، والتى أتاحت لى فرصة للاستماع إلى آراء مختلفة تعكس ثقافة ووعى أصحابها، لكنها أولا وأخيرا كاشفة لما يدور بعيدا عن صخب النخب والأحزاب والقوى السياسية والإعلام الذى لاحظت حصوله على كراهية ممن تحدثت معهم له، فمعظمهم أكدوا انصرافهم عن مشاهدة برامج التوك شو، بينما كانوا يحرصون على مشاهدتها أثناء فترة حكم محمد مرسى، لأنها كانت فى خندق المعارضة له، وبالتالى عبرت عن هموم المصريين بجد. فى مسألة الانتخابات، دارت القضايا الغالبة فى المناقشات حول الأوضاع الاقتصادية، وفى صدارتها الشكوى العامة من عجز الكثيرين فى مواجهة غول ارتفاع الأسعار، وهناك أيضا قضية البطالة، وتكرار الحكومة لقولها إنها لن توفر فرص عمل لأحد فى وقت يعجز القطاع الخاص عن تشغيل الخريجين من الجامعات، وبالطبع فإن الفساد وانتشاره وتمكنه فى مؤسسات الدولة هو الحدوتة العامة التى لا يخلو أى تجمع من الحديث عنه، فأى مواطن يذهب لتخليص خدماته فى أى مؤسسة يلمسه بالتجربة العملية، حيث يجد الرشوة التى يتم دفعها تحت مسميات مخففة، هى السبيل لإنهاء خدمته.
مجمل هذه القضايا هى الشاغل الأكبر لدى الناخبين، واللافت أنها تدفع إلى الإحباط بدرجة لمست معها عزوفا عن الرغبة فى المشاركة بالتصويت فى الانتخابات، بقناعة أنها لن تفيد فى تحسين الأحوال، وفى هذا السياق فإن المرشح الذى يضع يده على كتلة تصويت من باب القبلية، أو الانتماءات الجغرافية كأن يكون ابن منطقة معينة هو الذى سيحظى بحضور انتخابى مؤثر.
يحدث ذلك وسط غياب القضايا السياسية المؤثرة، فالحديث عن المشاكل اليومية والخدمية التى تقابل المواطن هى الأكثر حضورا من التركيز على عداء الإخوان، وتلك مسألة تحتاج إلى تفسير.