كنت قد كتبت مقالا بعنوان «صدمة الإخوان من تقليم أظافر هشام جنينة»، وذلك يوم الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015، وقلت نصا: «لا بد أن نقف كثيرا أمام القرار الجمهورى رقم 541 لسنة 2015 بتعيين كل من المستشار هشام بدوى، ومنى صلاح نائبين لرئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، بالرصد والتحليل العميق، وباهتمام بالغ.. بداية، تعالوا نقر بأن القرار يُعد ضربة معلم، إذا وضعنا فى الاعتبار أن تعيين نائبين لرئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، سابقة فريدة من نوعها، لم نشهدها طوال 70 عاما كاملة».
وتوقعت فى المقال أيضا ما نصه: «اللافت أيضا أن هشام جنينة ستنتهى فترة رئاسته الأولى للجهاز فى السادس من سبتمبر 2016، أى يتبقى له 9 أشهر فقط، وأن هناك معلومات مؤكدة مفادها أن رئيس الجهاز الحالى بدأ وضع سيناريو اتخاذ إجراءات وقرارات تصعيدية لإحراج النظام والحكومة، بتقديم تقارير ضد جهات سيادية عن مخالفات غير مكتملة الأدلة وبعيدة عن الواقع، قبل مغادرة منصبه، خاصة أنه يتملكه يقينا بأنه لن يتم التجديد له لفترة ثانية». ثم كان العامل المهم عندما قلت نصا: «أيضا ومن خلال المعلومات يمكن لنا أن نؤكد أن المستشار هشام بدوى، رئيسا للجهاز المركزى للمحاسبات المقبل، خلفا للمستشار هشام جنينة، فى حين أن منى توحيد لا يتبقى لها سوى 8 أشهر على انتهاء خدمتها من الجهاز، وستحال على المعاش فى توقيت انتهاء ولاية هشام جنينة.
وقلت فى نهاية المقال نصا: « فى النهاية لا تستطيع قول إلا أن القرار ضربة معلم، ومدروس بعناية شديدة، ومغلف بذكاء مدهش، لتقويض صلاحيات رئيس الجهاز الحالى المقبل على حصان جماعة الإخوان، ويعد صدمة عنيفة للجماعة الإرهابية».
ولم يمر شهر على نشر هذا المقال، حتى خرج هشام جنينة بقنبلة تصريحات عن أن حجم الفساد فى مصر بلغ 600 مليار جنيه فى عام واحد 2015، وتحقق ما حذرت منه وتوقعته، وحينها كتبت مقالا بعنوان «مفاجأة..هشام جنينة همّش 60 قيادة كبيرة لصالح مجموعة الـ14»، وذلك يوم الأحد 17 يناير 2016 - 12:09، طرحت فيه عددا من الأسئلة المهمة من عينة، لماذا أدلى المستشار هشام جنينة بهذا التصريح، ثم تراجع عنه أمام لجنة تقصى الحقائق؟ ولماذا لجأ إلى أرشيف الجهاز مستخرجا من مخزونه كل التقارير القديمة التى يعود بعضها إلى عام 1920، أى ما يقرب من مائة عام، ولماذا استعان بجهة أجنبية لتسليمها نسخة من التقرير فى تشويه متعمد وخطير لسمعة مصر؟ وما حقيقة «مجموعة الـ14» التى تضم مراقبين ومفتشين بالجهاز يحظون بثقة «جنينة» الكبيرة، ويعتمد عليهم فقط فى إعداد كل التقارير التى يطلبها بنفسه عن الإدارات والهيئات والوزارات المختلفة؟ ولماذا «همّش» دور 60 قيادة بارزة تتمتع بكفاءة وخبرة عالية؟ المحصلة من المقالين السابق ذكرهما بجانب عدد من المقالات الأخرى، تؤكد أن الأمر كان واضحا وضوح الشمس للعميان قبل المبصرين، أن هشام جنينة هدفه الرئيسى منذ وصول السيسى للحكم، وعزل محمد مرسى بإرادة شعبية جارفة، ليس كشف الفساد بقدر إحراج نظام رئيس الجمهورية، أى أنه سخر الجهاز الرقابى الأشهر فى مصر، الجهاز المركزى للمحاسبات، ليكون معاول هدم لنظام السيسى، وتشويه صورة مصر، واعتبار أن الفساد كائن يسير على أرجل أمام أعين الجميع. الفساد فى مصر لا يمكن أن يقبله أحدا، ولا بد أن تكون هناك إرادة لمكافحته، ولا يمكن أن يقبل أى مواطن شريف ومحترم، الفساد وانتشاره، ولكن عندما نكشفه، لا بد أن يكون بأرقام حقيقية، ووقائع حقيقية، وليست مختلقة مثلما فعل هشام جنينة، الذى وصل إلى منصبه عبر قطار جماعة الإخوان.
ذهب هشام جنينة غير مأسوف عليه، لأنه فضل مصلحة جماعة الإخوان فوق مصلحة الوطن، كعادة كل أعضاء وقيادات والمتعاطفين مع الجماعة، وبدلا من أن يسطر اسمه بأحرف من نور فى كتب التاريخ، شوه صورة مصر.