متى تحول مستقبل مصر إلى «فعل فاضح»؟
فى الصور التى نشرها موقع «برلمانى» خير دليل على أن مصر تدار بالعبث لمن يريد أن يبحث عن دليل إضافى، فبرلماننا الموقر بحسب الموقع المتخصص ارتكب «سابقة» برلمانية لم تحدث فى تاريخ البرلمانات المصرية، بأن وضع أجهزة تشويش فى جنبات القاعات المختلفة للبرلمان حتى يضمن «السرية» لكل ما يدور داخله؟ وهنا لنا أن نسأل: متى تحول مستقبل مصر إلى فعل فاضح يخشى البرلمان على الناس من إذاعته؟ وكيف يسمح نواب مصر أصحاب الحصانة والسيادة والرأى الحر بأن يسكنوا فى هذا القفص الزجاجى معزولين عن العالم محاطين بالموجات الإلكترونية التى تخنق الصوت وتطمس الصورة؟
نص الخبر الذى نشره موقع برلمانى المتخصص فى شؤون البرلمان أن الصور التى التقطها الموقع تؤكد أن الأجهزة التى تم وضعها فى المجلس أجهزة تشويش، وبإمكانها أن تقطع الاتصال بين الشعب ونوابه سواء عن طريق النواب أو عن طريق الصحفيين، وقد تم وضع هذه الأجهزة فى شرفات القاعة، وعلى إثر وضع تلك الأجهزة، لم يتمكن المحررون البرلمانيون من تغطية آخر جلسة عامة، من شرفة مجلس النواب المخصصة لهم لتغطية الجلسات بعد انقطاع الإرسال، واضطر عدد منهم لتغطيتها من شاشة التليفزيون الموجودة فى إحدى غرف الصحافة، وقد حاول بعض النواب الاستفسار عن هذه الأجهزة فقيل لهم إنها أجهزة واى فاى!
ولأنى لم أصدق أن هذا الأمر يحدث فى مصر فى عام 2016 حاولت أن أسأل عن الأسباب الحقيقية لوضع هذه الأجهزة التى لا تشبه بالطبع أجهزة الواى فاى، فقيل لى إنها بالفعل أجهزة تشويش لكن المجلس وضعها فى القاعة لأن النواب يكثرون من الحديث فى التليفونات المحمولة أثناء انعقاد الجلسة، ولهذا تم وضع هذه الأجهزة للقضاء على هذه الظاهرة، وفى الحقيقة فإن هذا التبرير ليس أكثر من سبة إضافية للبرلمان، فمن المفترض أن يكون السادة النواب على قدر المسؤولية، وأن ينصاعوا إلى الآداب العامة واللوائح المنظمة للعمل داخل البرلمان من تلقاء أنفسهم وليس بالمنع والتشويش، والمصيبة الكبرى التى يحملها هذا التبرير هو أن رئاسة البرلمان أصبحت تتعامل مع السادة نواب الشعب وكأنهم أطفال فى مدرسة، لا يمتلكون إرادة حرة، ولا ينصاعون إلى تعليمات الإدارة، فكيف يصوغ مستقبلنا من تتعامل معه مؤسسته باعتباره قاصرا لا يملك من أمره شىء؟
تلك حالة غريبة على جانبيها، فلو كان المنع من أجل التعتيم على النواب فتلك مصيبة، ولو كان المنع من أجل تقويم النواب فالمصيبة أعظم، وفى الحقيقة فإننى أجد أن البرلمان مطالب بأن يصحح مساره ويغسل سمعته خاصة فيما يتعلق بشفافية العمل بداخله، وإلا فإنه بتلك الممارسات الخاطئة سيضيف إلى سلسلة المخازى خزيا جديدا.