البرلمان غائب بصفة مراقب ربما نتوقع رقابة صارمة من مجلس النواب وأعضائه على الحكومة وأدائها، ونشاطا غير عادى فى التشريع بعد أن يعود النواب من التزويغ، أو يجدوا لديهم من الوقت والجهد، ما يكفى لممارسة العملية البرلمانية، حسب الدستور والقانون واللائحة، طبعا بعد عمل اللائحة نفسها.
ويندهش المرء حتى تقف أظافره من البرود والتراخى الذى أصاب أغلبية النواب، وجعلهم غافلين عن الدور الذى يفترض بهم أن يقوموا به، يزوغون بشكل مستمر، لدرجة أن الدكتور على عبدالعال ينتظرهم أكثر من ساعة ويعطل الجلسة، حتى يكتمل النصاب الذى هو 300 عضو، ليتيح مناقشة أى موضوع، ولو كان على سبيل التسالى.
والمدهش والمثير للأتربة البرلمانية، أن نوابا تقدموا لرئيس المجلس ببيانات عاجلة وأسئلة وطلبات، وجهوها للحكومة والوزراء تتعلق بدوائرهم وشكاوى مواطنيهم، ومع أن رئيس البرلمان قال إن هذا الأمر غير دستورى طالما لم يمنح المجلس ثقته للحكومة، ومع ذلك قال إنه سيعقد جلسة «فض مجالس»، وممارسة الكلام البرلمانى، للمفارقة والهول فإن النواب الذين قدموا طلبات دوائرهم لم يحضروا الجلسة المسائية وزوغوا بأغلبية الأصوات، لدرجة أن رئيس المجلس قال كلمة حزينة أبدى فيها زعله من المزوغين، وأمله فى أن يعتدلوا، لأن صورتهم أمام الشعب أصبحت «بايخة». وهدد الدكتور عبدالعال ببث الجلسة وأن يشكو النواب للشعب، ولا يعلم رئيس المجلس الموقر أن النواب لم يعد يهمهم لا شعب ولا ناخب، بعد أن حصلوا على ما يريدون أثناء الانتخابات.
وكل منهم يقدم فقرات استعراضية يصرخ فيها بكلمة الشعب ثلاثين مرة، والناخبين والدايرة، ثم يكتفى بهذا القدر ويزوغ لحال سبيله
ومع خالص الانشراح، فإن السيد رئيس مجلس النواب لديه صلاحيات وطرق، أخشن قليلا من «العتاب»، وهناك طرق لمحاسبة نواب التزويغ، غير حالة الحنين الرومانسى لبرلمان الزمن الجميل والقيم البرلمانية المقلمة، والمربعة تحت ظلال «البرلمون». وحضرته يعرف أن هناك لائحة يفترض أن البرلمان جلس لها كل الفترة الماضية، وأنفق 15 مليونا، ولا شك أن اللائحة تحدد الواجبات والحقوق، إلا إذا كانوا نسوا الواجبات واكتفوا بالميزات والبدلات و«التعلب الذى فات». اللائحة يجب أن تحتوى على عقوبات مع الفيتامينات، تصل إلى الفصل واستدعاء ولى الأمر، لأن نوعيات النواب الذين نراهم لا ينفع معهم العتاب، ولا الوعد بتركيب جهاز بصمات، وهو غير قادر على إلزامهم بعدم التحدث فى التليفون.
لأن النواب يفترض أنهم يعرفون أنهم ينفقون من مال الشعب، وبالرغم من إنفاق مليارات، فإن الموقر شاهد ماشافش ولا شرع حاجة، أنفق 15 مليون جنيه فى أقل من أسبوعين من مال الشعب الذى يتحدثون باسمه، وإذا كان البرلمان لا يراقب نفسه، فكيف يراقب الحكومة، ويزوغ بأغلبية الأصوات.