صناعة الغزو فى العقول والقلوب كان مشهد إسقاط تمثال صدام حسين فى ميدان الأندلس فى بغداد، فى 9 إبريل 2003، واحدا من أهم تجليات صناعة الانتصارات والهزائم والفوضى بالصور، «سى إن إن» و«الجزيرة» عرضا مشهد إسقاط تمثال صدام، وأعلنت أمريكا نجاح «تحرير العراق».
قبلها كانت تقارير قناة الجزيرة عن سقوط مطار بغداد قبل سقوطه الفعلى جزءا من حرب نفسية.
لم تكن القوات الأمريكية وصلت بعد إلى المطار أو بغداد، لكنها كانت رسالة أربكت العراقيين والقوات العراقية. كانت الصورة الأولى من خمس صور، لمواطن عراقى يحاول بمعوله تحطيم التمثال البرونزى الضخم، وأمريكا تريد أن تقول للعالم إن الشعب العراقى هو من يحطم التمثال، أصاب الارتباك القوات العراقية، وبدأت أكبر فوضى فى تاريخ العراق.
الصورة الثانية كانت عرضتها قناتى «سى إن إن» و«الجزيرة» لعمليات نهب وسلب وتدمير للمصارف والمؤسسات العراقية، قالت إنها لعراقيين، اعترف ضباط أمريكيون بعد سنوات أن عمليات نهب المصارف والذهب والمتاحف تمت بمعرفة القوات الأمريكية التى استعانت بمئات من العملاء يتحدثون اللهجة العراقية، بعضهم كانوا مجرمين تم إخراجهم من سجون العراق.
الصورة الثالثة لنجوم قدمتهم الولايات المتحدة على أنهم زعماء المعارضة الشعبيين القادرين على قيادة العراق وصنع الديمقراطية، كانت أسماء مثل أحمد الجلبى، والجعفرى، وغيرهما، ظهروا كمنشقين معارضين يريدون تحرير الشعب العراقى.. «بول بريمر» أول حاكم عسكرى للعراق كتب فى مذكراته أن أحمد الجلبى أو إبراهيم الجعفرى وباقى القادة قدمهم الإعلام الأمريكى كزعماء ينتظرهم الشعب العراقى، رفضوا العودة على طائرات عادية، واشترطوا نقلهم على طائرات عسكرية، إلى قواعد عسكرية فى حماية الجيش الأمريكى.
ويعترف بريمر «اكتشفنا أن هؤلاء الزعماء بلا قواعد شعبية ولا حتى فى عشائرهم وأن أحدا لا يعرفهم». واتضح أن صورتهم تمت صياغتها بالصورة والتقارير الصحفية الأمريكية.
الصورة الرابعة روجها الإعلام الأمريكى، «وواشنطن بوست نيويورك، تايمز فوكس، سى إن إن»، عن رعب الدمار الشامل، وتم تسويق قصة حصول صدام على اليورانيوم من النيجر، لم تظهر أسلحة دمار.
وتحدث بوش عن ديمقراطية لم تتحقق، وتكشف مذكرات برايمر تقديم القيادات الطائفية واستبعاد حتى المعارضين لصدام فى الداخل بل واغتيالهم.
الصورة الخامسة بعد 8 أشهر والإعلان عن العثور على صدام حسين فى حفرة بالأرض، كشف المترجم العراقى فراس أحمد الذى حصل على الجنسية الأمريكية، وكان يعمل مع الجيش الأمريكى أنهم «قبضوا على صدام فى غرفة تحت منزل ريفى وخدروه، وأجروا بروفات لتصويره وهم يخرجونه من حفرة، ولما اقتنعوا بالهيئة التى أرادوها التقطوا الصور وأرسلوها إلى وكالات الأنباء، لتكون ضمن واحدة من أنجح عمليات تسويق الغزو، وبعد 13 عاما، بقيت الفوضى والصور، ضمن درس يأتى بعد فوات الأوان.