السبت، 23 نوفمبر 2024 12:33 ص
سعيد الشحات

سعيد الشحات

«هاتف الخلافة»

4/18/2016 9:06:03 AM
كانت قوى الإسلام السياسى فى قلب هذا المشهد فى يوم 18 إبريل 1974، كانت مصر تعيش مرحلتها التالية لانتصارها فى حرب 6 أكتوبر 1973، كان الرئيس السادات ينطلق من انتصاراته العسكرية فى الحرب لعمل إجراءات سياسية، من يراجعها الآن سيفهم منها الكثير من سياسات المرحلة الحالية، وفى مقابل ذلك كانت القوى السياسية المعارضة للسادات تبحث عن أفق جديد لها.

كانت قوى الإسلام السياسى فى قلب هذا المشهد، فالإفراج عن قيادات جماعة الإخوان تم، أما القوى المتطرفة فأطلقت صيحتها يوم 18 إبريل 1974 بمحاولتها اقتحام الكلية الفنية العسكرية، وهى الحادثة التى أدت إلى مقتل 13 بينهم 6 من أفراد الكلية، و7 من العساكر والجنود الذين قاوموا المقتحمين للكلية بقصد السيطرة عليها.

فى كتاب مهم عن هذه الحادثة بعنوان «هاتف الخلافة»، وهو عبارة عن شهادة من الدكتور أحمد الرجال، حررها وقدمها الدكتور كمال حبيب الذى قام بتعريف وتخريج لكل الشخصيات والأحداث الواردة فى الكتاب، وأخرج الأحاديث وضبط الآيات وكتب المقدمة، ويقول فيها: «العنوان الذى اختاره أحمد الرجال لمشاهداته ومذكراته عن حادث الفنية يعد هو المعنى الحاكم لما يفكر فيه أحمد الرجال ورفاقه من الشباب الغض الذى كان من كليات عملية فى أغلبها، وهى الطب والهندسة والزراعة والفنية العسكرية»، ويضيف «حبيب»: «اندفع هؤلاء الشباب الغض خلف هاتفهم بأنفسهم، وبعواطفهم الجياشة، وبنفوسهم البريئة، وكأنه الظل الملازم لصورة الإنسان حين يتحرك، بيد أننا أمام ظل روحى يخاطب الروح ويداعب الأفكار، ويهتف بها أن قوموا لاستعادة الخلافة».

يلقى «حبيب» إضاءات مهمة للمذكرات فى مقدمته، بدءا من قوله بأن أحمد الرجال كان عضوًا مخلصًا فى تنظيم الفنية العسكرية، مخلصًا للتنظيم، فاعلًا من أجل استكمال أهدافه ومسيرته، وكان لا يزال شابًا صغيرًا لم يجاوز بعد العشرين: «هو أول خطواته نحو الجامعة فى كلية الطب عام 1972، وهو من مواليد 1953، وسنجد أن كل ذلك الجيل ممن شارك فى حادث الفنية العسكرية ينتمى لجيل الخمسينيات، وذلك هو الجيل المؤسس لما نطلق عليه اليوم السلفية الجهادية».

انضم الشاب اليافع أحمد الرجال إلى التنظيم الذى دعاه إليه محمد الباشا، ومحمد خليفة، ومحمد جاد، وهم جميعًا من مدينة الإسكندرية التى كان لها النصيب الوافر من أعضاء التنظيم، ويتعجب «حبيب» من أن «الرجال»، هذا الشاب المتفوق المثابر الجاد ذو الهمة العالية، وهذه كانت سمات ثابتة فى كل أعضاء التنظيم، وهو شىء مثير للالتفات، ترك نفسه وعقله لمن دعاه للتنظيم، وظل عضوًا فيه حتى جاء وقت ويوم ما أطلق عليه أحمد الرجال «يوم المذبحة»، فوجد نفسه وقد تعرض لهاتف فعلًا، فلم يكن هناك تنظيم حقيقى ولا خطط حقيقة، إنما اندفاع نحو مهاجمة الحراس بأدوات بدائية، كان من المفترض أن يقوم «الرجال» بذبح حارس إحدى بوابات الكلية بمطواة، وأن يقيده بحبل.. حاول «الرجال» أن يعرف من هو أمير التنظيم أو مسؤوله دون أن يدرك هذه الأمنية، ويعلق «حبيب» على هذا: «تخيلوا عضوًا فى تنظيم يسعى للخلافة وسيقدم على أعمال مواجهة وقتل لا يعرف أمير التنظيم ولم يقابله، ولكنه قيل له إنه رجل عالم وسياسى وذو علاقة بالنخبة الحاكمة أو قريب منها، وأن التنظيم لديه قوة عسكرية فى الجيش، وأن هذه القوة العسكرية هى التى ستقوم بالأمر المهم كله، بينما أدوار المدنيين ستكون معاونة».. وللحديث بقية.

print