تثبت دولة الإمارات العربية المتحدة أنها واحدة من الدول العربية القليلة التى ترى فى العروبة واقعا وتاريخا متجددا وممتدا ممزوجا بالأفعال وليس الأقوال والشعارات الرنانة التى لا تصمد طويلا فى مواجهه أزمة عابرة بين دولتين عربيتين تتحول معها إلى جفاء سياسى.
تؤكد الإمارات بزعمائها التاريخيين وقادتها الحاليين أنها دولة المبادئ الثابتة والمواقف الجادة والواضحة فى الوقوف إلى جانب أشقائها العرب ودعمهم سياسيا واقتصاديا، وفى المقدمة منهم الشقيقة الكبرى مصر، وأنها إمارات الخير صاحبة الأيادى البيضاء على الدول الشقيقة والصديقة.
ورغم تاريخية العلاقات بين الإمارات ومصر وبين الشعبين فى البلدين، لكن كان إعلان سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبو ظبى عن قرار أخيه سمو الشيخ خليفة بن زايد، رئيس الدولة، بدعم مصر بـ4 مليارات دولار، 2 مليار دولار كاستثمارات و2 مليار دولار وديعة فى البنك المركزى ليرتفع الاحتياطى لأكثر من 18 مليار دولار، هو قرار جاء فى وقته تماما، لعدة أسباب: أولها: قطع الشك باليقين ودحض الشائعات التى ترددت خلال الشهور الماضية وتداولتها مواقع الإخوان عن توقف دول الخليج والإمارات عن دعم مصر ماديا، والثانى، الأزمة الاقتصادية الداخلية وخاصة أزمة سعر الصرف الأجنبى وقرار ضخ 4 مليارات يسهم فى كبح جماح سعر الدولار أمام العملة المحلية والمساهمة فى تراجع.
وثالثا: إثبات أن الاقتصاد المصرى جاذب للاستثمارات ويتمتع بفرص استثمارية كبيرة. ضخ المليارات الأربعة بعكس طبيعة العلاقة بين القاهرة وأبوظبى التى لم تفتر أو تضعف فى يوم من الأيام ومنذ نشأة دولة الاتحاد فى عام 71 والتى أسهمت مصر بخبرائها القانونيين والسياسيين فى قيامها وكانت أولى الدول التى اعترفت بها، ولذلك كانت مواقف مؤسس الدولة الوالد الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، إلى جانب مصر فى أزماتها وعثراتها لأنه كان دائما يرى فى مصر امتدادا للعروبة وسندا لها وقال كلمته الشهيرة وهى الكلمة الوصية لأولاده من بعده: «نهضة مصر نهضة للعرب كلهم، وأوصيت أبنائى بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر».
ولم يتراجع الشيخ زايد عن مواقفه الداعمة لمصر رغم الضغوط سواء فى حرب أكتوبر أو فى المقاطعة العربية التى قال فيها قولته الشهيرة فى قمة عمان فى منتصف الثمانينيات: «إذا لم تأت مصر إلينا فسوف نذهب إليها» وكان ذلك سببا فى رفع المقاطعة العربية عن مصر بسبب زيارة السادات للقدس واتفاقيات كامب ديفيد.
مواقف الإمارات تحديدا منذ ثورة 30 يونيو 2013 وبعد الإطاحة بنظام الإخوان أصبحت أكثر قوة وتقاربا، فالإمارات كانت على رأس الدول العربية التى أيدت الثورة المصرية بل ومدت يد العون مرارا للخروج بالاقتصاد المصرى من عثرته، بادرت بتقديم مساعدات مالية وعينية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، فى إطار حزمة مساعدات خليجية لمصر بلغت 12 مليار دولار، ثم واصلت دعمها للاقتصاد المصرى بعد توقيع اتفاقية مساعدات خلال شهر أكتوبر 2013 بقيمة أربعة مليارات وتسعمائة مليون دولار شملت منحة بقيمة مليار دولار وتوفير كميات من الوقود لمصر بقيمة مليار دولار أخرى، إضافة إلى المشاركة فى تنفيذ عدد من المشروعات التنموية فى قطاعات اقتصادية أساسية فى مصر، من بينها بناء خمس وعشرين صومعة لتخزين القمح والحبوب بهدف المساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى لمصر وإنشاء أكثر من خمسين ألف وحدة سكنية فى ثمانى عشر محافظة وبناء مائة مدرسة، إضافة إلى استكمال مجموعة من المشروعات فى مجالات الصرف الصحى والبنية التحتية.
تحية تقدير لإمارات الخير ولقادتها على مواقفهم لدعم مصر وتحية خاصة للشيخ خليفة بن زايد والشيخ محمد بن زايد ولشعب الإمارات الذى يثبت دائما أنه شعب عاشق ومحب لمصر أكثر من بعض المصريين.