أواصل الكتابة عن رحلتى إلى الصين والبحث عما تيسر من أسرار المعجزة الصينية.
انتقلنا من العاصمة الصينية «بكين» إلى مقاطعة «كيوتو» جنوب غرب الصين، فى المقاطعة أنت تعيش بين سحر الطبيعة، مساحتها 176 ألف كم مربع، منها 92% جبال وتلال، مغطاة بالغابات، وحين ترفع نظرك إلى الجبال الشاهقة يطاردك سؤال عن سر هذا الاختلاط بين الأشجار عليها وشلالات المياه المنحدرة من أعلى إلى أسفل، ليكون المشهد أمامك «جبال تجرى من تحتها الأنهار».
تضم مقاطعة «كيوتو» 9 ولايات، والولاية هى كالمحافظة عندنا فى مصر، وتعداد سكانها 39 مليون نسمة، وهناك 6 ملايين آخرين يعملون خارجها، ويوجد بها وحدها 17 قومية ضمن 56 قومية فى كل الصين، وتحتل المرتبة الـ28 فى معدلات التنمية بالصين التى تنقسم إلى 33 مقاطعة، ويعترف المسؤولون فيها بأنه بالرغم من التطور السريع للمقاطعة فإنها بمقارنتها مع مقاطعات أخرى تبدو أقل بكثير.
المناظر الجميلة والغابات الشاسعة، والخضرة التى لا يحدها بصر، جعلت من «كيوتو»، كما قال لنا المسؤولون فيها: «مكيف كبير»، كما أنها «المقاطعة النفيسة» لتعدد الطبيعة والثقافة والبيئة، وفيها الطاقة المائية، وصناعة العقاقير الطبية الصينية، وتنتج الخمر من الأرز وتفتخر بتمايزها فى هذا الجانب تحديدًا ويعتبرونه من «منصات النشر والانتشار» عبر معرض الخمر الدولى الذى تنظمه المقاطعة كل عام، وبالطبع فإن السياحة والصناعة تحتاج إلى وسائل مواصلات فعالة، حتى تأتى التنمية بثمارها، وبناء على ذلك فإن السكك الحديدية فيها تربط بين الـ10 المدن الكبرى فيها، كما أن الطرق السريعة ممهدة بامتياز، بالإضافة إلى مطار كبير.
الحديث عن صناعة السياحة وكيفية النهوض بها لا ينتهى فى المقاطعة، وجمال الطبيعة يكتمل بالتمسك بكل ما هو تراثى، فأنت مثلا أمام قرى طرازها المعمارى واحد ويعود إلى مئات السنين، وتقدم إنتاجها المحلى فى كل شىء، يمكنك أن تتخيل أنك فى «خان الخليلى» فى مصر، لكن ينتهى بك التجول هناك إلى أنهار تقودك المراكب فيها إلى رحلة بين الجبال الخضراء التى يتساقط منها شلالات مياه من أعلى إلى أسفل، وحتى نعرف نتيجة جهود صناعة السياحة فى هذه المقاطعة يكفى أن نعرف أن قرية واحدة هى «شيشى» تدر دخلا سنويا 300 يوان صينى (يساوى جنيها و20 قرشا مصريا) وقت رحلتنا.. يتبع.