منذ أن بدأ اجتماع الجمعية العمومية للصحفيين ردا على انتهاكات وزارة الداخلية بدأ المزايدون فى حملة تشكيك فى كل شىء، وفى الحقيقية فإن لهم العذر فيما قالوا لأن ما رأوه قد هالهم حقا، فقد ظن بعض المتنطعين أن أقصى عدد ستصل إليه الجمعية العمومية هو 200 صحفى، وأنهم سيقفون على سلم النقابة لا حول لهم ولا قوة بعد محاصرتهم بأرباب السوابق من كل جانب، ولما رأوا عدد الصحفيين الغاضبين من انتهاكات الداخلية والمتضامنين مع المطالب المشروعة لنقابتهم يفوق أكبر الجمعيات العمومية للنقابة فى كل تاريخها أصابهم الذعر وأحاط بهم الارتباك، ومن هنا بدأت تلك الحملة المشبوهة لإلصاق بعض التهم بالنقابة وهى فى الحقيقة تهم تدل على جهل استثنائى وترصد «مغفل» بمستقبل النقابة.
يقولون: لماذا لم تدن النقابة كل أشكال التضامن «الخارجية» بدلا من أن تنص على رفضها للتدخل الرسمى فقط؟ وهو فى الحقيقة تنطع لا يصدر إلا عن جاهل ومغرض فى الآن ذاته، فلا تملك النقابة باعتبارها مؤسسة مجتمع مدنى أن تدين تضامن مؤسسات مجتمع مدنى هى عضوة بحكم إنشائها فيها، فنقابة الصحفيين المصريين عضو أساسى فى غالبية المؤسسات المعنية بالصحافة وحرياتها فى جميع أنحاء العالم، ومن غير المعقول مثلا أن نقول لاتحاد الكرة المصرية من فضلك قاطع الفيفا، أو من فضلك قل لجميع لاعبى العالم موتوا بغيظكم، فمن أطلق هذا الادعاء واحد من اثنين، إما أن يكون جاهلا جهلا عصاميا بالأعراف الدولية المتبعة، أو حاقدا على الموقف الوطنى المشرف الذى اتخذته النقابة وجموع الصحفيين برفض جميع أشكال التدخل الخارجى الذى من شأنه أن يحرج مصر دوليا أو يسهم فى إضعاف صورة مصر.
قال المتنطعون: إنها لم تكن «جمعية عمومية» وأن النقابة لم تتأكد من أن كل الذين حضروا أعضاء نقابيين بالفعل، ولذلك فإن قراراتها غير ملزمة، وهذا أيضا كلام فارغ من كل شىء سوى التفاهة، فالدعوة من الأساس لم تكن لـ«عقد جمعية عمومية» وإنما لاجتماع جمعية عمومية، ولو كانت النقابة دعت لعقد جمعية عمومية يوم الأربعاء الماضى لبطلت قبل أن تبدأ، وذلك لأن أى جمعية عمومية لابد أن يتم الإعلان عنها قبل خمسة عشر يوما، وفى مثل هذه الظروف الحرجة والعاجلة كان لابد أن يسرع الصحفيون بالاجتماع من أجل كرامة مهنتهم، أما الادعاء بأن النقابة لم تتأكد من هويات المشاركين فهذه حجة أتفه من أن يتم الرد عليها، فلو كلف هؤلاء «المخبرون» أنفسهم، وسألوا زملاءهم الضباط الذى حاصروا النقابة كانوا سيتأكدون من أن جميع المشاركين فى اجتماع الجمعية العمومية نقابيون، لأن الأمن ذاته منع دخول أى صحفى «غير نقابى»، فما بالنا بغير الصحفيين.
لم يذكر هؤلاء عشرات الإيجابيات فى اجتماع الجمعية العمومية، منها عدم الهتاف ضد مؤسسة الدولة، وعدم تسييس الأزمة، والاتفاق حول كرامة المهنة، وأنها الجمعية العمومية الأكبر فى تاريخ النقابة بشهادة حتى أشد المخالفين، وهذا أمر متوقع طبعا «فمن يك ذا فمن مر مريض.. يجد مرا به الماء الزلالا