نار «الربيع العبرى» تحرق العالم الإسلامى وتصدر الإرهاب للعالم
لم يكن الربيع العربى أو العبرى مؤامرة على الدول التى انطلقت فيها مظاهرات الغضب فقط، بل شملت المؤامرة دولا لم يكن فيها مظاهرة واحدة ضد نظام الحكم، المفاجأة أن دولة مثل إسرائيل لم تحرق بالربيع العبرى ولم يكن هناك أى مد للنشطاء فى دولة العنصرية والدماء، ويبدو أن إسرائيل تصدر لنا شغل النشطاء وتقوم بتمويلهم كما حدث مع تنظيمات مثل 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين وغيرهم.
وربما يرى الدكتور مصطفى علوى فى بحثه الرائع عن ما يعتبره بأن الثورات العربية سبب لاشتعال نار داعش والتطرف فى دول من خارج طوق الربيع العبرى، حيث يقول: خارج دول الربيع العربى، زاد الهجوم الإرهابى على بلاد المغرب «الإسلامى»، وانطلاقا من دول الساحل والصحراء، وبالذات مالى، وكانت الجزائر أكثر دول المغرب العربى استهدافا من ذلك الهجوم، وبخاصة المناطق الحدودية فيها، وهو ما يستلزم تجهيز هذه المناطق، استراتيجيًا واقتصاديًا، لمواجهة هذه الهجمات بفاعلية والحيلولة دون تحقيق أهدافها. ومن الطبيعى أن تحاول القاعدة، بعد مقتل بن لادن وتولى الظواهرى قيادة الجماعة، تصعيد أنشطتها الإرهابية فى دول المنطقة العربية لإعادة تأكيد وجودها وأهميتها وتأثيرها.
وفى هذا السياق، ربما تكون قيادة الظواهرى لتنظيم القاعدة خطوة فى اتجاه تضييق الفجوة بين القاعدة وجماعات الإسلام السياسى فى البلاد العربية مثل جماعة الإخوان المسلمين، وجماعة حماس الفلسطينية، بل وربما التنسيق الأنجح للاستفادة من حالة الاضطراب، أو عدم الاستقرار، المساندة فى المنطقة العربية فى مرحلة ما بعد الربيع العربى.
ولدى القاعدة، لا فرق بين الديمقراطية العلمانية والديكتاتورية العلمانية، فكلاهما غير إسلامى، أو غير جهادى، ومن ثم فإن الهدف لديها هو بناء نظام إسلامى جهادى غير علمانى، وهو ما قد لا يتحقق فى دول الربيع العربى، أو فى بعضها، ولدى القاعدة، أيضًا، لا يتحقق الهدف بوسائل سلمية، بل لابد من استخدام العنف الإرهابى لتحقيق الهدف، وهاتان الفكرتان هما من الأفكار التى يمكن للدول العربية، خاصة دول الربيع العربى، أن توظفها فى التواصل مع جماهيرها للابتعاد عن نموذج القاعدة سياسيًا وثقافيا وإعلاميًا.
أثبتت الثورات أنه يمكن تحقيق التغيير الثورى الجوهرى من خلال الثورات السلمية. وليس باستخدام العنف.
ويتبين من دراسة حالتى القاعدة وداعش أن القاعدة هى الأقدم، وكانت هى أقوى تنظيمات الإرهاب الدولى قبل الربيع العربى، ولكن مع ذلك الربيع وما ترتب عليه من نتائج سياسية وإستراتيجية فإن داعش تتحول الآن إلى التنظيم الإرهابى الأكبر والأوسع والأقوى والأكثر تأثيرا فى المنطقة العربية، أو فى منطقة الربيع العربى أكثر من غيرها، حتى إذا قورنت بتنظيم القاعدة.
والمركز الرئيسى لوجود داعش وتأثيرها هو شمال شرق سوريا وشمال غرب العراق، وهما منطقتان متجاورتان ويشهدان غيابًا للدولة أو ضعفًا لوجودها، أو صراعًا تاريخيًا مؤثرًا بين القوى الدينية الإسلامية من سنة وشيعة وبعضهم بعضًا، أو غيرهما من الطوائف الدينية أو الجماعات العرقية.
ولأن عناصر داعش لم يكونوا فى الصورة من قبل، ولأن قياداتهم توجد على الأرض العربية فى العراق أو سوريا أو ليبيا، بينما قادة القاعدة يقيمون فى باكستان أو أفغانستان، ولأن الدول العربية التى وقعت فيها ثورات الربيع العربى غابت فيها الدولة أو تفككت أو ضعفت فلم يعد نظامها السياسى قويًا ولا فاعلًا، وذلك كما هى الحال فى ليبيا والعراق وسوريا واليمن، وكلها دول تحيط بمركز المنطقة العربية، أو توجد فيها، فإن ذلك كله قد أسهم فى إعادة تشكيل المنطقة، وذلك على نحو ساند داعش.