انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى مقطع فيديو لمناظرة بين رئيس الوزراء الكندى وزعيمة المعارضة فى كندا، والتى كان حزبها السياسى يشكل الوزارة من قبل، الفيديو لا تتعدى مدته 4 دقائق ولكنه يتضمن مزيدا من الرسائل المهمة التى يجب على كل ممارس أو مراقب لأداء الحكومة والأحزاب أن يتابعها ويتعلم منها، وأنصحكم بمشاهدته وهو يحمل عنوان «درس فى الديمقراطية الكندية».
الرسالة الأولى: جميع الأسئلة التى وجهتها زعيمة المعارضة الكندية لرئيس وزرائها رسائل تتضمن أرقاما ومعلومات خالية من أى عبارات إنشائية، وفى المقابل جميع الردود لرئيس الوزراء تتضمن معلومات وأرقاما، بلا أى عبارات مطاطة.
الرسالة الثانية: لم تشهد المناظرة أن قاطع رئيس الوزراء زعيمة المعارضة عند حديثها، أو حتى محاولة زعيمة المعارضة مقاطعة رئيس الوزراء، كلا الطرفين احترم الآخر خلال المناظرة دون أى مقاطعة ولم يبدأ أى منهما بالحديث إلا بعد أن انتهى الطرف الآخر.
الرسالة الثالثة: تضمنت المناظرة حديثا مختلطا بين الاقتصاد والسياسة بمرونة شديدة فى الانتقال بين الملفين وبربط منظم، لدرجة تدفع كل مشاهد للمناظرة أن يبدى إعجابه بزعيمة المعارضة التى تسأل، وبرئيس الوزراء الذى يرد.
الرسالة الرابعة: لم يكن محددا وقت لطرح الأسئلة أو الأجابة عليها، ولكن كلا الطرفين التزم بدقيقة لكل رد وكل إجابة دون أى تجاوز، وهو أمر عكس الحرفية الشديدة فى صياغة سؤال قوى من زعيمة المعارضة وفى المقابل الإجابة برد حاسم من رئيس الوزراء.
الشاهد من الرسائل الأربع، أن الديمقراطية ليست مبادئ نظرية تدرس فى الكتب فقط، ولكنها أيضا واقع عملى نراه على أرض الواقع، الإسقاط والمقارنة بين البرلمان المصرى والكندى، إسقاط ظالم لاختلاف البيئة والوسط السياسى، وظروف البلدين والتاريخ الحديث للدولتين، وكذلك تركيبة البرلمان المصرى والكندى، ولكن ما أريده حقا فى البرلمان المصرى أن تكون مناقشات «فى القضايا» وليست عن القضايا، مناقشات «فى المضمون» وليست «فى الشكل»، مناقشات مبنية على قواعد ثابتة وأسس واضحة مرسوم بحدود للخلاف، أتمنى أن تكون مناقشات بناءة لا تنتهى بخناق أو صوت عالٍ، بقدر ما تنتهى بنتيجة إيجابية للبلاد، أتمنى أن نؤسس لمناقشاتنا بمعلومات وأرقام تدعم أى حوار، أتمنى ألا تتكرر وقائع الغياب المستمرة فى البرلمان المصرى، وألا يتجمع النواب حول الوزراء فى القاعة العامة للحصول على موافقات وتأشيرات بطلبات لأهالى الدوائر، فى مشهد حزين، دائما يحذر منه الدكتور على عبدالعال، ولكن دون استجابة من النواب.
هل أنتقد برلمان 2016؟.. نعم.. ولكن أنتقده من واقع خوف وطنى، على مجلس أريد له النجاح، مؤمن بأنه يضم عددا كبيرا من الشباب والمثقفين وأصحاب المؤهلات العليا والماجستير الطامحين فى خدمة البلاد، مؤمن بأن البرلمان يضم عقليات تستحق أن نقف إلى جوارها،.. ومن هنا كان النقد البناء لبرلمان أظن أنه لا يزال يحتاج لإسراع ماكينة عمله والتعجيل بها كثيرا لكى «يطلع قماش». أتمنى أن يتخلص البرلمان من هواجس البث التليفزيونى ويصدر قرارا حكيما بعودة البث التليفزيونى المباشر لكى يكون المواطن على دراية أولا بأول بكل كلمات وتحركات وأفعال النواب الذين اخترناهم ونقف وراءهم.
أخيرا.. أدعو كل أصدقائى من النواب المحترمين مشاهدة فيديو «درس فى الديمقراطية الكندية».