كيف نروج لآثارنا وحضارتنا بالخارج؟.. يوم الأربعاء الماضى نشرت «اليوم السابع» خبرين ذوا دلالة، بالنسبة لى، الأول للزميلة مى الشامى رصدت خلاله تزيين عدد من حافلات ومترو العاصمة البريطانية لندن، بصور لآثار العالم، ومن بينها الآثار المصرية، ففى الطريق إلى المتحف البريطانى، عبر خطوط المترو، تجد حوائط محطة «هولبورن»، تتزين بتمثال مصرى، يرجع أصله إلى عصر الفراعنة.
الخبر الثانى نقلته لنا الزميلة بسنت جميل عن الموقع الأجنبى heritagedaily، الذى قدم لعبة معلوماتية تختبر فيها معلومات القراء من خلال طرح سؤال عن الآثار المصرية، وبها ثلاثة اختيارات، من بينها جواب صحيح، ومن بين هذه الأسئلة، سؤال كان بصيغة: من هو الفرعون الذى عمل على توحيد مصر العليا والسفلى؟، وتعددت الاختيارات أمام القراء ما بين ملوك مصر القدامى نارمر ورمسيس الثانى والإسكندر الأكبر وأمنحتب الثالث، وسؤال آخر عن الفرعون الذى غير فى العبادة الدينية، وكانت من بين الاختيارات إخناتون وسيتى وكليوباترا وزوسر، وأسئلة أخرى كثيرة عن الحضارة المصرية القديمة.
من يقرأ الخبرين سيصل إلى نتيجة منطقية، وهى أنه إذا أردنا الترويج لآثارنا وحضارتنا الفرعونية القديمة، لم نكن لنفعل كما فعل هؤلاء، ففى لندن استخدموا المواصلات العامة لنشر الوعى لدى البريطانيين وزوار العاصمة لندن بحضارات العالم القديم، وعلى رأسها بالطبع، الحضارة الفرعونية، فالقائمون على المتحف البريطانى استخدموا هذه الصور كوسيلة جذب لمستخدمى المواصلات العامة ليزوروا المتحف ويتعرفوا عن قرب على كل حضارات العالم القديم.
إذا أردنا أن نروج لحضارتنا الفرعونية، وننشر الوعى الثقافى عنها، لما فعلنا مثلما فعل الموقع الأجنبى heritagedaily، الذى استخدم طريقة بسيطة جداً لتعريف زوار ومستخدمى الموقع بمصر وتاريخها.
من يقرأ الخبرين وتبهره الفكرتان سيطرأ على ذهنه سؤال بديهى، وهو أين نحن من كل هذا؟.. وأين وزارات الآثار والثقافة والسياحة؟.. لماذا لا نفكر كما فكر اللندنيون أو القائمون على موقع heritagedaily؟.. ولماذا لا نفكر خارج الصندوق، بدلاً من الدوران حول أفكار قديمة، لم يعد لها أى تأثير؟.. وأسئلة كثيرة تحتاج لمن يجيب عنها.
من يقرأ الخبرين ويفكر فى الأمر، سيكتشف أن الأمر لا يتعلق بإقامة معارض أو مؤتمرات للترويج لنا فى الخارج، وما أكثرها، لكنه يتعلق بطرق جديدة ومبتكرة لتعريف العالم بنا، فالمسؤولون عندنا كما يقول المثال الشعبى «دقة قديمة» لم يصلوا بعد إلى هذا المستوى من التفكير.. نحن للأسف، ننفق أموالاً طائلة فى عمليات الترويج وطرق الأبواب، وغيرها من المسميات الكثيرة، لكنها لم تحقق المطلوب منها حتى الآن، والسبب معروف، وهو أننا نسير على كتالوج قديم أو وصفة قديمة، لا تحديث فيها، فالشىء الوحيد فى مصر الذى نسير فيه على ما بدأه السابقون هو طريقة إدارة ملف الترويج فى الخارج، فلا جديد ولا أمل فى أن يكون هناك جديد.
الأمر لا يتعلق بكم ننفق من أموال، بقدر ارتباطه بعدد من وصلت إليهم الرسالة أو المعلومات الصحيحة عنا، وعن آثار مصر، والأماكن التى سيقضى فيها السائح وقته فيها، حال اختار مصر، وبقدر ارتباطه بالطريقة السلسة التى تصل بها إلى أكبر عدد من المستهدفين، فلعبة مثل التى طرحها الموقع الأجنبى، رغم بساطتها إلا أنها تساعدنا كثيراً فى تحقيق الهدف، الذى نسعى له، فمن سيدخل على هذا الموقع، ويرى اللعبة، إما أن يقرر المشاركة بها أو تركها، وإذا شارك فإنه سيحصل على معلومات جديدة، قد تكون البداية للبحث والقراءة، بشكل أكثر عمقاً عن مصر والتاريخ المصرى.
مشكلتنا الأساسية التى تحدثنا عنها كثيراً، وسنظل نتحدث عنها، أننا لا ننظر إلا تحت أقدامنا فقط، ولا نفكر خارج الصندوق، فنحن ندور حول أنفسنا، والنتيجة أننا نبقى كما نحن.. نبقى فى أماكننا، دون أن نتحرك خطوة واحدة، وسيبقى هذا الوضع قائماً، طالما أننا لا نعترف بأن تفكير العالم كله يتغير، إلا نحن.