كيف تواجه الحكومة و«المركزى» الحصار الاقتصادى؟
عندما نقول إن البلد يتعرض لحصار اقتصادى محكم وحرب شعواء تستهدف تركيعه ووقف مسيرته التنموية حتى يقبل بالمشروع الصهيو أمريكى لمصر والمنطقة، تخرج علينا الغربان الناعقة بأن حديث المؤامرة خيال الضعفاء، وأن الدول فى العالم الراهن لا تدار بمثل هذا الكلام وإنما من خلال قواعد الديموقراطية وتدعيم المجال السياسى العام واحتواء جميع المخالفين فى الرأى وكل التيارات، دون استثناء.
ولهؤلاء المنكرين لحديث المؤامرة، أود أن أطرح عليهم مجموعة من الأسئلة حول صناعة الأزمة الاقتصادية لمصر والتى ترقى لمستوى الحصار الاقتصادى:
أولا ما مبرر بريطانيا لقيادة تكتل الدول التى حجبت رحلات الطيران والسياحة إلى مصر؟ وهل حادث الطائرة الروسية فى أجواء سيناء، أخطر من الانفجارات المروعة والأعمال الإرهابية المتلاحقة داخل مطار بروكسيل؟
لماذا لم تفرض بريطانيا حظرا جويا ومنعا للرحلات السياحية إلى بروكسل وغيرها من المطارات والمدن البلجيكية؟ وتحت أى مبرر حولت بريطانيا الموقف الروسى من طائرة سيناء إلى قرار مشابه لما اتخذته بمنع السائحين الروس من الوصول لمصر ومنع الرحلات الوطنية المصرية من الوصول لروسيا؟ ولماذا لم تجرؤ بريطانيا على فرض مثل هذا الحصار على باريس التى شهدت تفجيرات إرهابية عنيفة وتشهد المزيد من التهديدات المتتابعة؟!.
ثانيا، كيف يبرر هؤلاء السياسيون الذين يصنفون أنفسهم بالإصلاحيين، ضبط أكثر من خلية إخوانية تنشط وسط تجمعات المصريين للإحلال محل البنوك فى الحصول على تحويلات العاملين بالدولار وإيصالها لأسرهم بالجنيه المصرى، وبلغت المبالغ المقدرة ما يقارب الثلاثمائة مليون جنيه؟ وكيف يبررون نشاط مندوبى الإخوان وشركاتهم فى السعودية والكويت للمضاربة على سعر الدولار وشرائه من المصريين بأعلى من سعر السوق السوداء داخل مصر لا لشىء، إلا لضرب معدلات تحويلات المصريين؟
ما رأى السياسيين من دعاة المثالية المفرطة من طرف واحد فى العلاقات الدولية، فى شركات الصرافة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية والتى جمعت الدولار من السوق الداخلية بالمضاربة عليه لرفع سعره وإضعاف قيمة الجنيه؟!
وما رأى السياسيين فى تعمد طائفة من المستوردين المشبوهين التوجه لتركيا تحديدا لاستيراد الملابس المستعملة، نعم الملابس المستعملة والشيكولاته، والحلوى الرخيصة التى توجد العشرات منها بالمصانع المصرية التى تنتج أفضل منها بمراحل؟
بالطبع هذه الأسئلة، ليس هدفها الصراخ والعويل على المؤامرة التى تحاك لمصر بهدف تركيعها، فالعالم لا يخلو مطلقا من مؤامرات وحروب شرسة لفرض السيطرة وكسر الإرادة وتغليب المصالح، وعلى الدولة المصرية، حتى تنجح، أن تفسد المؤامرات التى تحاك ضدها وأن تعمل فى المقابل على تغليب مصالحها بالأدوات والوسائل التى ترتئيها، لكن العجب كل العجب، ممن يلومون الدولة وأجهزتها لاتخاذ احتياطات لمواجهة هذه المؤامرات التى تسعى لكسر إرادتنا.
العجب كل العجب ممن يطلبون من الحكومة وأجهزة الدولة أن تكون شديدة المثالية والمسالمة فى مواجهة الطابور الخامس الذى يخرب ويحرق ويشوه ويخلق بيئة من الإرهاب الفكرى والتحريض والتشويه والتوتر الذى يعطل مسار الإنجاز والتنمية، وكأن الرأى الآخر يتضمن الحق فى الإرهاب والحق فى الترويع والحق فى التظاهر دون تصريح والحق فى التخريب!
نعم هناك مؤامرة ضد مصر واقتصادها وشعبها ونظامها الحاكم، فلن ترضى عنك واشنطن ولندن حتى تتبع مشروعهم التدميرى، ولكن العبرة بقدرتنا على مواجهة المؤامرة والمناورة بأوراقنا لتجاوز هذه الأزمات المصنوعة، وإنا لمنتصرون إن شاء الله.