أرجوك، قبل أن تقرأ هذا المقال، أطلب منك الحرص على صحتك، فلا تدع لضغط دمك أن يرتفع بشدة، أو يحترق سكرك فيتناقص وتدخل فى غيبوبة شديدة، ربما تودى بحياتك، ولو كنت مصابا بأحد هذين المرضين، فعليك الاستعانة بأدوية تخفيض الضغط، ووضع الأنسولين بجوارك، قبل أن تقرأ المقال، بجانب لا تندهش وتعتقد أنك ذهبت لدار مسنين، وليس شركات حكومية، المفروض أن تكون العمود الفقرى للاقتصاد المصرى.
بداية، نعرف أن الفراعنة قدسوا الخلود، واهتموا بتحنيط الجسد، للحفاظ عليه من الفناء، واستمر "الخلود" حتى كتابة هذه السطور، حيث نرى المسئولين، متشبثين بمقاعد السلطة، مهما بلغوا من العمر عتيا، واستحدثوا ثغرات ينفذون منها للبقاء فى مناصبهم أكبر فترة ممكنة.
تخيل، سيدى القارئ، أن رؤساء شركات حكومية، بلغ بهم العمر 82 عاما، وأن أصغر مسئول بالشركات القابضة 62 عاما، ثم يحدثونك عن الدفع بالشباب فى مواقع المسئولية!! إنها المهزلة الكبرى، وعدم الاعتراف بالعوامل الطبيعية من تعرية وضعف وترهل يصيب الجسد كلما تقدم العمر، عاما بعد الآخر، ومهاجمة سِرب الأمراض الخطيرة التى تصيب الإنسان، من أمراض شيخوخة وضغط الدم والسكر، والقلب، وتناقص مرعب فى اللياقة الذهنية والجسدية، وتحديدا بعد بلوغ الستين، فما البال بعد تجاوز السبعين والثمانين؟! ويسألونك عن انهيار الشركات القابضة المملوكة للدولة، والخسائر الفادحة التى تتكبدها سنويًا، فقل، كيف يتمكن رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، على سبيل المثال من الابتكار والإبداع ومواكبة التطور فى علوم الإدارة إذا علمنا أن عمره بلغ 74 عاما، ومازال مستمرًا فى منصبه.
سيدى القارئ، هدئ من روعك، ولا تسمح لنار الغضب أن تشتعل بداخلك، إذا علمت أن قائمة أعمار رؤساء الشركات القابضة، متقدم للغاية، وخذ عندك، المهندس زكى بسيونى رئيس القابضة للصناعات المعدنية بلغ عمره 74 سنة، واللواء محمد يوسف رئيس الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى 70 عاما، والدكتور محمد يوسف رئيس الشركة القابضة للتأمين 65 عاما، والدكتور عادل عبد الحليم رئيس القابضة للأدوية 66 عاما، والدكتور أحمد مصطفى رئيس القابضة للغزل 64 عاما، والمهندس محمود حجازى رئيس القابضة للتشييد 64 عاما.
وإذا انتقلنا إلى أعمار رؤساء شركات القابضة للتشييد والتعمير، فإن الدهشة ستلجم لسانك، عندما تعلم أن سيد الشحات رئيس شركة "إليجكت" يبلغ من العمر 71 عاما، وسامى إمام عضو منتدب 63 عاما، وسيد بدر عضو منتدب 64 عاما.
أما فى شركة "هايديلكو" فالأمر يأخذ منحى الخلود، فمحمد قريطم رئيس الشركة يبلغ من العمر 68 عاما، وأحمد حجازى عضو منتدب 65 عاما، ومرسى تومة عضو منتدب 63 عاما، وأحمد فؤاد العضو المنتدب للشركات 70 عاما، وهدى شوقى بالشركة القابضة 68 عاما، وحسن البياع رئيس شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح 62 عاما.
وفى شركات القابضة الكيماوية فإن الدكتور رضا العدل رئيس الشركة يبلغ من العمر 81 عاما، ومساعدته عزة أبو الفرج 74 عاما، والدكتور على صبرى عضو مجلس الإدارة 70 عاما، ومحسن حسان عضو مجلس الإدارة 65 عاما، وعبد الحميد إبراهيم 70 عاما، وعواطف فخرى 66 عاما، ومحمد الجابرى 64 عاما، والمستشار سامى عبد الحميد 65 عاما. ويبلغ محمد درويش مفوض عام شركة "سيمو" من العمر 65 عاما، وسيد عبد القادر الشيشى مفوض عام شركة "المراجل" 65 عاما، وكمال ناصر رئيس شركة "النصر" للأسمدة يحقق الرقم القياسى 82 عاما، وعيد الحوت رئيس شركة "كيما" 68 عاما، وعصمت أبو النجا رئيس شركة "المحاريث" 65 عاما، وسمية زين الدين رئيسة شركة "النصر" للملاحات 74 عاما، ونبيل عبد العزيز رئيس شركة "الشرقية" للدخان 64 عاما، وفاروق عثمان رئيس شركة "سيجوارات" 70 عاما، ومحمد نجيب رئيس شركة "مطابع محرم" 63 عاما، ونبيل مكاوى رئيس شركة "الدلتا" للأسمدة 62 عاما.
أما الشركة القابضة للصناعات المعدنية فإن المهندس زكى بسيونى رئيس الشركة 74 عاما، وعبد الله العوضى مستشار الشركة 74 عاما، وأحمد رفاعى رئيس شركة النصر للمطروقات 65 عاما، ومحمد عاصم رئيس شركة النحاس 74 عاما، وسيد عبد السميع رئيس الشركة العامة للخزف والصينى 63 عاما، وعمرو عبد المنعم رئيس شركة "ميتالكو" 66 عاما.
وفى الشركة القابضة للسياحة، نور بكر رئيس شركة "بنزايون" 67 عاما، وهنا نسأل أين (بنزايون)؟ وهنا يقفز السؤال الرفيع على ذهنك، هل هذه الأعمار المستمرة والمخلدة فى مناصبها، تتفق وصحيح القانون، الإجابة لا، وتتصادم مع المادتين 45 و46 الخاصتين بإنهاء الخدمة، والمد فوق سن المعاش، وفق قانون قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 91 .
تنص المادة 45 من القانون 203 على خروج كل من يبلغ سن الستين إلى المعاش، بسبب عدم اللياقة للخدمة صحيا، وهو أمر غير مفعل إذا علمنا أن هناك رؤساء شركات تخطت أعمارهم رؤساء الـ80 عاما.
كما تنظم المادة 46 الحالات القصوى التى يجوز فيها مد خدمة أى من العاملين من شاغلى الوظائف القيادية أصحاب الخبرة الفنية النادرة بعد تجاوزهم سن المعاش، ولا يكون ذلك إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء للعمل بالشركة، ويكون التجديد لمدة من سنة إلى سنتين بحد أقصى. إذن مواد القانون غير مُفَعَّلَة تمامًا، كما أن قرارات المد لا يعلم عنها رئيس مجلس الوزراء شيئا، وأن 90% من رؤساء الشركات وأعضاء مجالس الإدارات فوق الستين عاما.
نعم ، قلها وأنت مطمئن، وراضى، وضميرك مستريح، هذه دور مسنين، وليس شركات تمثل العمود الفقرى للاقتصاد المصرى، ونريد منها المنافسة فى السوق المحلى والعالمى، وجلب العملات الصعبة. ولكِ الله يا مصر...!!!