الجمعة، 22 نوفمبر 2024 02:31 م
أيمن عيسى

أيمن عيسى

مستقبل "بدران".. ومحنة "وطن"

5/28/2016 10:53:13 PM
فى كل ديمقراطيات العالم قواعد ثابتة لا يمكن لأحد تجاهلها ولا يصح القفز عليها أو إغفالها عند مناقشة ظاهرة ما، أو عمل تحليل لنتائج عمل جرى على الأرض، من بين تلك القواعد أن توفير المناخ المناسب لأى حزب، من حيث الدعم السياسى والمالى، بجانب الأسماء الكبيرة، كاف لتحقيق نتائج محترمة فى أى معترك انتخابى، ثم تأتى القاعدة الثانية من حيث الارتباط بالأولى، وليس من حيث الترتيب، هى أن السياسة ليس بها خطوط حمراء، ولم يحدث أن أنجبت آلهة من قبل، ولا تعرف ما يسمى "فلان خط أحمر"، خاصة عندما يكون "فلان" شخصا طموحا لا يزال يحبو فى عالم السياسة، وما تحقق من إنجازات فى مؤسسته بنى على أساس ما ذكرناه فى القاعدة الأولى.
من نتحدث عنهم اليوم السادة فى حزب مستقبل وطن، وذكرنا القاعدتين الأساسيتين فى عالم السياسة بمناسبة هجوم الحزب للمرة الثانية فى أسبوع واحد على مواد صحفية أقتربت من رئيسه الشاب الصغير محمد بدران، وهو أمر يكاد يذهب بالعقل، ذلك أننا كنا نظن أن الاقتراب من "بدران" بالمدح أو النقد فى هذه الفترة ليس فى محله، كونه لا يزال شابا صغيرا طموحا يحبو فى عالم السياسة، بلا بصمات إيجابية أو سلبية تجعله هدفًا للكتابة، وليس لأنه خط أحمر أو فوق النقد!

حزب مستقبل وطن خرج قبل أيام، وهاجم بعنف وتجاوز لفظى تقارير صحفية فندت ما أسماه بعض شبابه لقاء تليفزيونى لـ"بدران" مع المستشار السابق للبيت الأبيض، رغم أن صفة المحاور خرجت من أشخاص داخل الحزب، وبالبحث تبين عدم دقتها، وبالأمس فتح شباب الحزب ذاته النار، وبتطاول مستفز، على أسامة الغزالى حرب بسبب مقال نصح فيه الرجل رئيسهم "بدران" بالتعلم أولًا! فلماذا كل ذلك؟، وأين الكارثة فى نصح رئيس الحزب أو حتى نقده؟، وهل تواجد بدران فى أمريكا لشهور جعل منه عالم العلماء وكبير الخبراء ومن ثم أصبح نصحه بالتعلم خطيئة لا تغتفر من نواب الإله فى هذا الحزب؟

محنة حقيقية لوطن وليس مستقبلا، أن يكون هذا هو حجم فهم السادة فى الحزب ذى الاسم المشرق للنقد، لذا وجب علينا تذكيركم بحقائق يبدو أنكم تجهلوها أو تتجاهلونها، أهمها أن ما توفر لحزبكم من إمكانيات مالية، وأجواء سياسة مناسبة كانت كفيلة لتحقيق نتائج أعظم مما حققتموها فى انتخابات البرلمان، ونقول لكم إن الأسماء التى مثلت حزبكم فى مجلس النواب، لو ترشحوا على قوائم حزب "الواق واق" فى الظروف ذاتها وبنفس الإمكانيات، لوصلوا لقبة البرلمان بسهولة، ولو ترشح معظمهم بالنظام الفردى لنجحوا أيضا، ومن ثم لم تحققوا الإعجاز السياسى غير المسبوق، الذى يرفعكم لمرتبة الخطوط الحمراء أنتم ورئيسكم!

محنة حقيقية لوطن وليس مستقبلا أن يصيب الغرور حزب سياسى وليد، حصد 53 مقعدا بالبرلمان فى مناخ سياسى استثنائى، جعل أسماء كبيرة تترشح تحت رايته، ولو لم يتوفر هذا المناخ للحزب لتذيلت كتلته البرلمانية قائمة الأحزاب، ومن ثم نقول لكم إن مبررات غروركم لم تأت لعبقريتكم أو عبقرية "بدران"، وعندما تجدون أنها طغت عليكم فلتنظروا إلى حجمكم فى اتحادات طلاب كل جامعات مصر، التى خرج من رحمها الحزب، ولم يستطيع بعدها حتى الاشتباك فى المعركة الانتخابية، لتفاصيل لا يتسع المقام لذكرها، ولكنها باليقين ليست فى صالحكم ولا مدعى للغرور.

أخيرًا نعيدها لكم ونكررها، ليس هناك فى السياسة خطوط حمراء، ومن يتصدى للعمل العام فعليه أن يتحمل "قوارص الكلم"، ولكم فاعملوا، رئيس حزبكم يحتاج المزيد من التعلم.. نعم يحتاج، "بدران" فوق النقد؟.. لا ليس فوق النقد، بل لأنه لا يزال صغيرًا فى عالم السياسة لم تهاجمه الأقلام بعد، فأفيقوا وتوبوا وارجعوا عن تأليه أى إنسان، واحسبوا نجاحاتكم فى ظل الظروف، التى صاحبت العملية الانتخابية، ستجدون أنكم عاديون، وفى طريقكم للتعلم، ليس بهجومين متتاليين فى أسبوع واحد على مواد صحفية نشرت عنكم، ولكن بسعة الصدر، ووضع كل الأمور فى نصابها، حتى تكونوا مستقبلا للوطن، وليس مستقبلا لـ"بدران" ومحنة للوطن.

الأكثر قراءة



print