الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 12:51 م
يوسف أيوب

يوسف أيوب

هل تحتقر مصر أفريقيا

6/3/2016 11:39:02 AM
اتهام سخيف ذلك الذى تحاول بعض الشخصيات الأفريقية الترويج له بزعم أن مصر تحتقر أشقاءها الأفارقة، وتعاملهم بنوع من العنصرية، وهو ما حملته المذكرة التى عممتها الدبلوماسية الكينية إيفون خاماتى منسقة لجنة الخبراء الأفريقية لدى مؤتمر الجمعية العامة لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة فى نيروبى، التى اتهمت فيها السفير هشام شعير نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون البيئة والتنمية المستدامة، رئيس الوفد المصرى فى المؤتمر بالإساءة بعبارات وألفاظ مهينة وغير مقبولة باللغة العربية ضد الدول الأفريقية المشاركة فى الاجتماع، ومطالبتها باتخاذ إجراءات عقابية ضد مصر فى عدد من المحافل الدولية باعتبارها لا تصلح لتمثيل الدول الأفريقية فى تلك المحافل.

تصعيد الأمر بهذه السرعة يكشف عن نوايا خبيثة تقف خلف من يروجون لهذه الأقاويل، وإلا ما السبب الذى يدفعهم للتصعيد غير المبرر دون حتى يمتلكوا دليلا على ما يقولونه ولا حتى محاولة التحقق من الخارجية المصرية بشأن الواقعة، وإن كانت مصر ستترك الأمر أم ستحقق فيه.

المذكرة التى عممتها الدبلوماسية الكينية ايفون خاماتى ضد مصر، تحمل فى طياتها ضغينة كبرى ضد مصر، وهو ما كشفه الاتصال الهاتفى الذى جمع وزيرة خارجية كينيا مع سامح شكرى، وتأكيدها أن مذكرة منسقة لجنة الخبراء الأفارقة قد كُتبت دون علم الخارجية الكينية، وأنها وجهت بفتح تحقيق حول هذا الموضوع، وهو ما يؤكد أن هذه الدبلوماسية تحركت بنوايا أقل ما توصف بأنها خبيثة، بل وربما تكون مدفوعة من أطراف أخرى، ولا أستبعد أن يكون المحرك الرئيسى لهذه الدبلوماسية هى إسرائيل، خاصة أن كل الشواهد تؤكد أن هذه المذكرة التى قدمتها الدبلوماسية الكينية كان هدفها التغطية على مناقشة الجلسة الختامية للمؤتمر الذى انعقد يومى 26 و27 مايو الماضى فى العاصمة الكينية نيروبى، للطلب الذى تقدمت به الأرجنتين، نيابة عن مجموعة الـ77 ومعها الصين بمشروع قرار يطالب بتشكيل لجنة لتقييم الآثار البيئية للعدوان الإسرائيلى على غزة، وهو الطلب الذى دار حولها نقاش كبير، وانتهى إلى محاولات مستميتة من جانب المندوب الإسرائيلى فى المؤتمر ومعه دول أفريقية لإجهاض الطلب الذى وقفت خلفه بكل قوة مصر وسوريا وباكستان، وحينما راءوا الاستبسال المصرى خلف مشروع القرار الذى تقدمت به الأرجنتين لم يجدوا من وسيلة سوى الإيقاع بين مصر وأشقائها الأفارقة بهذه الأكاديب التى لا تمت للواقع بصلة، فمصر التى تتولى الآن عضوية مجلس الأمن، ومجلس السلم والأمن الأفريقى تتولى مهمة الدفاع عن قضايا أشقائها الأفارقة ولم تكن يوماً متخاذلة فى الدفاع عنهم.

الأزمة الأخيرة تكشف عن نوايا سيئة ضدنا لدى عدد من أشقائنا الأفارقة، وهو أمر ينبغى الانتباه له جيداً، فما حدث هو جرس إنذار لنا لكى ندرك حجم التحديات والمخاطر التى تواجهنا فى العمق الأفريقى، وهو ما يحتاج لتدخلات سريعة، وخطة جديدة للتعاطى مع هذه الحملات المنظمة التى تستهدف الوجود المصرى فى القارة السمراء، وهنا ينبغى توجيه الشكر للخارجية المصرية التى كانت سريعة فى الرد على هذه الإتهامات السخيفة، حينما أكدت فى بيان رفض مصر الكامل لمحاولات التشكيك فى انتماء مصر الأفريقى ودفاعها الدائم عن قضايا القارة، رغم ما قدمته وما تزال تقدمه مصر من تضحيات لخدمة مصالح القارة الأفريقية التى تعتز بالانتماء إليها، وكذلك قيام السفارة المصرية فى نيروبى بتوجيه مذكرة احتجاج إلى مجلس السفراء الأفارقة فى نيروبى للتعبير عن رفض مصر واستهجانها لتجاوز منسقة مجموعة الخبراء الأفارقة فى نيروبى لصلاحياتها.

وبالتوازى مع ذلك استدعت الخارجية سفراء الدول الأفريقية المعتمدين فى القاهرة للتأكيد لهم أن مصر كانت وستظل فخورة بانتمائها الأفريقى، مدافعة عن قضايا قارتها طوال تاريخ نضالها السياسى، وداعمة للأشقاء الأفارقة فى معركة التنمية التى تخوضها القارة من أجل تحقيق مستقبل أفضل لشعوبها، وأن الدبلوماسية المصرية هى دائماً الأداة النشطة التى نقلت وتنقل صوت أفريقيا للعالم، وحافظت وتحافظ على آمال وتطلعات شعوب القارة فى مختلف المحافل الدولية المتعددة الأطراف، وهو ما يؤكد فى نفس الوقت أن مضمون ولهجة مذكرة منسقة لجنة الخبراء الأفارقة التى شابها خطأ وتعميم وافتراء على الدولة المصرية وشعبها يمثل تجاوزاً مرفوضاً فى حق مصر الأفريقية يستوجب الاعتذار عنه إلى مصر.

وتستند مصر فى كل تحركاتها إلى حقيقة مؤكدة أمام الجميع وهى أنه لم يرد فى المضابط الرسمية لاجتماعات الجمعية العامة لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة أية إشارة إلى ادعاءات منسقة لجنة الخبراء الأفارقة، المخالفة للتقاليد والممارسات الأفريقية المستقرة فى المحافل الدولية.

print