الجمعة، 22 نوفمبر 2024 12:40 م
أحمد التايب

أحمد التايب

إن كنت ناسى أفكرك

6/4/2016 1:21:34 AM
ما يشهده الشرق الأوسط من صراعات داخلية وغزو إرهابى فى كل جنباته ينذر بكارثة حقيقة، بأن تصبح المنطقة صيدا سهلا للغرب ولإيران وإسرائيل، فلكل منهم له أطماعه المعروفة وهذا ما أكده التقارب الجلى بين الغرب وإيران، فأمريكا وإسرائيل لهما أطماعهما بإرساء حالة الفوضى وعدم الاستقرار لضمان أمن إسرائيل وأن تتمكن دولة اليهود فى حكم المنطقة بعد 150 عامًا، أما إيران فلا يخفى على أحد حلم المد الشيعى لديهم وأن فكرة انتشار المذهب الشيعى فى بلاد السنة هو جهاد فى سبيل الله وفقًا لمعتقدات الشيعة.

فما نراه الآن فى العراق وسوريا والسعودية وليبيا واليمن، يؤكد وجود مخطط محبك وخطير يهدف إلى تقسيم المنطقة العربية بأسرها إلى ما يقرب من 54 دويلة صغيرة مستخدما الاختلافات العرقية والطائفية والدينية، وهذا السيناريو يتفق مع ما تحلم به إيران من توسع شيعى، وبما أن أمريكا هى الشيطان الأعظم، فتدعم الأنظمة الموجودة وتدعم المعارضة فى آن واحد، وخير مثال دعمها للحوثيين فى اليمن بالخفاء ودعم السعودية فى حربها على الحوثيين أيضًا، وبعد رصد جزء من ملامح الصراع والتداعيات أقول للعرب وشعوب منطقة الشرق الأوسط.

"إن كنت ناسى أفكرك".. فمن المعلوم أن الإنجليز والفرنسيين أرادوا القضاء على الدولة العثمانية التى كانت تمثل الخلافة الإسلامية الجامعة لكثير من الدول العربية والإسلامية؛ فاتصلوا ببعض زعماء العرب الطموحين، ووعدوا بمساعدتهم ليصبحوا هم أصحاب السلطة والخلافة بدلا من سلاطين العثمانيين، وسيمدونهم بما يحتاجونه من مال وسلاح وخطط، شرط أن يثوروا على الخلافة العثمانية، وبالفعل ثار هؤلاء الزعماء ضد العثمانيين وطعنوا الخلافة فى ظهرها وهى تحارب دفاعًا عنهم وعن الإسلام ضد الإنجليز والفرنسيين فيما هو معروف تاريخيًا باسم الحرب العالمية الأولى، والجميع يتعشم أن يكون هو الخليفة القادم بحرب الإنجليز، ولم ينتبهوا أن الإنجليز كانوا يقدمون السلاح للطرفين العربيين المتحاربين، وكل طرف منهما يظن أنه صاحب الحظوة لدى الإنجليز.

ولم يدر هؤلاء المساكين أن الإنجليز والفرنسيين قد اتفقوا على تقسيم جديد للدول العربية بعد القضاء على الخلافة العثمانية، حيث عُرِف الاتفاق باسم اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 .

وبعد نجاح الثورة الروسية 1917م، كشف الشيوعيون حقيقة الاتفاقية، ونشروا بنودها كى يفضحوا الفرنسيين والإنجليز؛ ليحرجوهم أمام العرب، أملا فى أن يقف العرب بجانبهم ضد الإنجليز والفرنسيين، لكن العرب أعلنوا ثقتهم فى وعود إنجلترا، وأنها لن تخذلهم، وبالتالى كذبوا المعلومات التى وصلتهم عن اتفاقية سايكس بيكو.

ونصت الاتفاقية لأول مرة فى التاريخ إلى تقسيم العرب إلى دول ذات حدود جغرافية مقدسة لا يجوز لأحد الاقتراب منها أو التصوير، ومن يفعل ذلك فقد كفر كفرانا مبينا وفق مبادئ الحلال والحرام الجديدة التى قررها قرآن القومية العربية وإنجيل الوطنية بأنواعها المختلفة { مصرية فرعونية – عراقية آشورية – سورية فنيقية.... إلخ، حيث تسببت الاتفاقية وتقسيم الدول العربية لدول ذات حدود جغرافية إلى نشوب صراعات دموية باسم الحفاظ على النقاء القومى والنقاء الثقافى، ومازال الجميع يدفع ثمنها المر حتى الآن.

وراعت الاتفاقية أن يتم ترسيم الحدود بين جميع الدول العربية بأسلوب يفتح المجال للنزاع الذى إلى حد يصل إلى القتال فيما بينهم، ويتم تفجير تلك النزاعات وقت اللزوم، ولتأتى المفاجأة بأن الاتفاقية هى المقدمة الطبيعية التى مهدت لإقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين .

وأخيرًا فعلى جميع الدول العربية أنظمتها وشعوبها أن ينتبهوا إلى كل هذه الأطماع، وأن يسارعوا بإنهاء الصراعات فيما بينها والعودة إلى المفاوضات السليمة، ليفلتوا من أنياب المفترسين، قبل أن تمضغهم الأنياب، وتدهسهم الأحذية، وتسلبوا أوطانهم، وتنتهك أعراضهم، وتصبح سيرتهم فى مزابل التاريخ.

print