الحكومة تضع نفسها بين مخالب 6 أسئلة خطيرة تبحث عن إجابات واضحة اعتدنا فى هذه المساحة أن نقول الحق فقط، مهما كلفنا ذلك من متاعب أو مشاكل، أو تكبدنا خسائر نظير مواقفنا الساعية لقول الحقيقة دون تلوين، والابتعاد عن المواقف المائعة بأن نمسك العصا من المنتصف، نحن نقول الحقيقة كما نراها مجردة من كل شوائب الهوى، ولا نخشى فى الحق لومة لائم.
ونقولها الآن، لماذا تقدمت الحكومة بمشروع تعديل قانون التظاهر؟ ونسألها عدة أسئلة نتمنى أن تجيب عليها، مع الوضع فى اعتبارها، بأن الإجابات لا بد أن تكون مقنعة، لأننا لن نقتنع إلا بما هو مقنع.
السؤال الأول، عند إقرار قانون التظاهر دافعت عنه الحكومات المتعاقبة واعتبرته أفضل قوانين التظاهر فى أعتى الدول الديمقراطية من أمريكا إلى جموع دول أوروبا، فهل اكتشفت فجأة أن القانون به عوار مثلا، أو متعسف فى بعض مواده؟
السؤال الثانى، هل استيقظت الحكومة فجأة على كابوس أن القانون لم يكن أفضل من القانون الأمريكى والفرنسى، وأن الإعلاميين الذين أحضروا نسخا للقانون الأمريكى، وعقدوا المقارنات بينه وبين القانون المصرى، واستطاع قانون التظاهر المصرى التفوق على كل نظرائه وبالقاضية فى قائمة الأفضل للحريات والديمقراطية، ومن ثم وضعتهم الآن فى موقف لا يحسدون عليه؟
السؤال الثالث، إذا كانت الحكومة غير مقتنعة ببعض مواده بدليل أنها رضخت الآن لمطالب تعديله، فلماذا كل هذا التعنت والعناد والمكابرة منذ إقراره وحتى الآن والدفاع عنه بكل استماتة وقوة؟
السؤال الرابع، هل التعديلات التى ستدخلها الحكومة على القانون اعتراف صريح منها بأن القانون ضم من مواد بها عوار دستورى، وإذا كان الأمر كذلك لماذا لا تعلنها صراحة وتعتذر للشعب عن هذه الخطيئة؟
السؤال الخامس، لماذا تلجأ الحكومات المصرية إلى أساليب الترقيع لمعظم قراراتها وقوانينها، لدرجة أن (الترقيع) أصبح سلوكا ونهجا للحكومات المصرية المتعاقبة، وهل نفهم من الترقيع المستمر أن القرارات والقوانين التى تتخذها لا تخضع لدراسات كافية ويتم سلقها؟
السؤال السادس، بعد حالة الاستقرار التى تشهده البلاد عقب إقرار قانون التظاهر هل تعود من جديد الفوضى للشارع، من قطع الطرق وخطوط السكك الحديدية، وإغلاق أبواب المصالح الحكومية والمنشآت العامة، وتعطيل مصالح العباد، ونعود لسيرتنا الأولى قبل إقرار القانون؟
تقديرى وبعيدا عن مزايدات المتزايدين بالفطرة، وطنطنة الكلمات للمتنطعين بالفطرة، أن قرار الحكومة بإدخال تعديلات على قانون التظاهر، إنما هو تراجع فى موقفها، يندرج تحت عنوان عريض وضخم (تراجع مخزى) وضربة قوية فى مصداقيتها وتعاطيها مع الأحداث، وتفريغ مساحات كبيرة للغاية ليحتلها كل منتقديها ويوجهون سهامهم السامة فى صدرها!
نعم، على كل المزايدين من نشطاء وجمعيات ودكاكين حقوقية، ونخب فاسدة، أن يخرجوا الآن ليملأوا الدنيا ضجيجا وصراخا، للتأكيد على أنهم كانوا على صواب، وحق فى انتقادهم للقانون، وأن الحكومات المتعاقبة كانت تمتطى (حمار) التعنت والكبر، ولم تستمع للأصوات المناضلة النقية الطاهرة العفيفة الشريفة وتحذيراتهم من أن القانون غير دستورى.
أنا لا أعرف على وجه اليقين من هم مستشارو الحكومة، الذين يجلسون ويقدمون فتاوى غريبة وعجيبة لها، وتجعل منها طوال الوقت مرتبكة، مرتعشة، خائفة من شيئا ما، لا تقوى على المواجهة، تنتفض رعبا أمام (بوست) ناقد على (فيسبوك)، وتنزعج من (تويتة) معارضة بقسوة على (تويتر)، وتصاب بشلل ذهنى حيال بث فيديو «مفبرك» عن تجاوزات موظف كبير كان أو صغير، فى أى إدارة أو هيئة أو وزارة، وتداوله على مواقع التواصل الاجتماعى.
قرار تعديل قانون التظاهر، فى تقديرى، خطأ فادح للحكومة، وشرخ فى مصداقيتها، فكيف لها أن تتمسك به وتدافع عنه، واعتباره القانون الأفضل فى العالم، ثم تتراجع فجأة وتطلب تعديله؟!