قبل 42 عاما وبالتحديد فى يوم 6 أكتوبر، خاضت مصر وسوريا أعظم حروبها ضد العدو الإسرائيلى لاستعادة الأرض التى تم احتلالها بنكسة 5 يونيو 1967.
دخل الجيشان المصرى والسورى الحرب بإرادة عربية متكاملة، وبعون من كل الدول العربية، من السودان التى هى ظهير مصر الأمنى، وقدمت الجزائر بقيادة هوارى بومدين السلاح والجنود، وكذلك قدم العراق بقيادة أحمد حسن البكر ونائبه القوى صدام حسين، وساعدت ليبيا بقيادة معمر القذافى بصفقة طائرات الميراج الفرنسية التى اشترتها من فرنسا وقدمتها لمصر، وجاء من الكويت جنود لمصر، وقررت السعودية بقيادة الملك فيصل حظر البترول عن الغرب، وكذلك كان موقف الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات العربية، ودعمت المغرب مصر بكتيبة، وحرست اليمن مضيق باب المندب، ونفذت منظمة التحرير الفلسطينية عمليات فدائية ضد الاحتلال الإسرائيلى.
كانت لحظة نادرة فى التاريخ العربى بتكاملها وإرادتها ولم تتكرر من يومها، واللحظة ليست هى وقت بدء الحرب يوم 6 أكتوبر 1973، وإنما من اليوم التالى لنكسة 5 يونيو 1967، حين بدأ الاستعداد على قدم وساق لتحرير الأرض، هو اليوم الذى لا نعد ساعاته بـ«24 ساعة»، وإنما بالسنوات الست التى حدث فيها تغيير فى كل شىء، حيث قام جمال عبدالناصر بإسناد قيادة الجيش إلى الفريق أول محمد فوزى والفريق عبدالمنعم رياض، ومعهما حدث تحول جوهرى فى بناء الجيش عسكريا وقتاليا، وقادا حرب الاستنزاف وهى الحرب المنسية فى تاريخنا، وهناك من يتعمد طى صفحتها.
كانت حرب الاستنزاف بروفة حقيقية لحرب أكتوبر، وأقلقت مضاجع إسرائيل بدرجة لم يستطع قادتها من إخفاء أمنيتهم بوقفها، فيها سقط أسرى ومئات القتلى من إسرائيل، فى عمليات نوعية نفذها أبطال من قوات الصاعقة خلف خطوط العدو، وأسقطنا طائرات إسرائيلية كثيرة بفضل حائط الصواريخ الذى تم تشييده ببطولة رائعة وبمساعدة من الاتحاد السوفيتى، وأغرقنا المدمرة إيلات أكبر قطع البحرية الإسرائيلية، وتدمير الحفار الذى استأجرته إسرائيل للتنقيب عن البترول فى سيناء، وتمت العملية فى أبيدجان بساحل العاج ونفذتها المخابرات المصرية والسلاح البحرى ببطولة نادرة. هى الحرب التى استعاد المقاتل المصرى فيها ثقته فى نفسه، وأدخلته حرب أكتوبر بيقين النصر، وفيها استشهد الفريق عبدالمنعم رياض رئيس الأركان وهو على خط المواجهة ضد إسرائيل، ليضرب المثل فى كيف يكون القائد العسكرى.