النص الجيد يقدم نجوما وليس بطلا بائسا
فى حالة عبدالرحيم كمال ننتصر للنص ونرى كاتبا من سلسال الحكايات، من دون أن ننسى يحيى الفخرانى، هذا الكائن الفنان الخرافى الذى يجسد الشر فى ونوس كما أنزل، وبحيث يكون الشرير غواية تكاد تفتن الناس، وما الشر إلا هذه الفتنة داخل النفوس التى تمنح الشر كل هذه الجاذبية، يحيى الفخرانى يغرف من «بحر» التمثيل ليصنع من كل دور علامة، فهو فى «همام» غيره فى «دهشة»، وفى ونوس شيطان بحق وشرير بكل إخلاص.
والواقع أن كل نص جيد يصنع أبطاله وإذا كنا فرغنا من القول بأن يحيى الفخرانى فنان كبير، لا تضيف إليه الشهادات الكثير، وقدم كل الأدوار من سنوات عمره وتميز فى كل منها بعلامات، لكن الحقيقة أن «ونوس» يزدحم مثل باقى الأعمال الكبيرة بالنجوم اللامعين وحتى الوجوه الجديدة تجد لها فرصة للظهور.. نبيل الحلفاوى ليس بحاجة الى اختبار، لكنه فى «ونوس» يجسد تناقضات البشر وأطماعهم فى مراحله المختلفة، وإن كنا رأيناه فى مرحلة الهروب، هناك أيضا هالة صدقى التى استوت من سنوات، لكنها تقدم تجربة مهمة وإضافة إلى علامات الأمهات فى الدراما، وبالطبع فإن حنان مطاوع إضافة واكتشاف فى دور جديد عليها تضيف إليه الكثير، وطبعا أدوار فاروق، وزوجته سماح السعيد التى تقدم دورا لافتا، ثم عزيز «محمد شاهين» ودوره كسائق تاكسى خليط من الطمع والجدعنة، ثم المطرب ونبيل، وحتى غريب أحد زبائن ونوس، كل هؤلاء الممثلين وحتى الفتاة التى تقوم بدور خطيبة عزيز، ويدفعها ونوس نحو شقيقه نبيل، تجد لنفسها مكانا بين نجوم متعددين.
مع الأخذ فى الاعتبار أن وراء هذا العمل مخرجا صغيرا هو شادى الفخرانى، الذى أخرج أكثر من عمل مع والده، ونحن بشكل عام لدينا شكوك فيمن يرثون الفن من آبائهم، لكن شادى الفخرانى أثبت وجوده فى أكثر من عمل ومنها أعمال كبيرة، الخواجة عبدالقادر، ودهشة، وأخيرًا ونوس، بما يعنى أنه حصل على الثقة فى أعماله.
فى «ونوس» اختار عبدالرحيم كمال أسطورة فاوست، الإيمان والطمع والنفس البشرية والشيطان والوسواس، والإغراء بكل المغريات، ويظل يحيى الفخرانى قادرا على إثارة الدهشة بأدواره المتعددة، ومن قمة التصوف فى الخواجة عبدالقادر، إلى أعماق الشر فى ونوس، ومعه نجوم كل منهم يحتل مساحة كبيرة تمكنه من تقديم قدراته.
نحن أمام نص متعدد التأثير والنجوم، يبدأ من الكاتب ويمتد إلى مساحات مختلفة من العمل، ضمن مجموعة أعمال درامية مهمة وتمنح أملا فى استعادة الدراما كأداة وعى، ولهذا فإن النص الجيد يصنع نجوما، ولا يتوقف عند بطل وحيد فى أعمال بائسة.