السبت، 23 نوفمبر 2024 12:12 ص

أردوغان ينقلب على تعاليم الإسلام.. يقتل معارضيه ويمنع الجنازة على جنود الجيش

أردوغان ينقلب على تعاليم الإسلام.. يقتل معارضيه ويمنع الجنازة على جنود الجيش الرئيس التركى رجب طيب أردوغان
الإثنين، 01 أغسطس 2016 05:10 ص
تحليل يكتبه: صابر جودة
عبارة مكتوبة بحروف بيضاء على لافتة سوداء فى أرض جرداء، تشير إلى ما تمثله هذه البقعة التى تصطلى أرضها الحجرية بالشمس الحارقة خارج إسطنبول، بجوارها بؤرة للحيوانات الضالة، تعلوها كلمة "مقبرة الخونة".

الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أصدر فرمانا عثمانيا يقضى بدفن جثث الجنود الأتراك الذين قتلوا فى تحركات الجيش الأخيرة فى 15 يوليو فى محاولة فاشلة للاستيلاء على الحكم فى البلاد، بـ"مقبرة الخونة"، تلك البقعة البعيدة عن العمران، التى تقع بجوار مأوى للحيوانات الضالة، وأصدر حكماً على هؤلاء القادة والجنود بأنهم خونة لا يمكنهم أن يرقدوا بسلام فى قبورهم، متجاهلاً تكريم الإنسان فى الدين الإسلامى، وجميع الشرائع السماوية.

جنون العظمة الذى أصاب الرئيس التركى، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، قاده لاتخاذ قرارات طائشة ومتسرعة، وتمادى فى ارتكاب مزيدٍ من الحماقات، لدرجة وصلت لاعتبار السلطات الدينية جنود الجيش القتلى من الانقلابيين خونة، داسوا على قانون الأمة، ولا يستحقون الترحم عليهم، وقررت عدم الصلاة عليهم وعدم إقامة جنازات لهم، ليس ذلك فحسب، بل ولا يحق لذويهم من المدنيين زيارة قبورهم.


أثارت تلك الخطوة حفيظة عدد من النشطاء والفقهاء والمعارضين للرئيس التركى، الذين أكدوا على كرامة الإنسان وحقه فى مدفن لائق بعد وفاته، أياً كان الجرم الذى ارتكبه فى حياته، وأيا ما كان خلاف الرئيس سياسيا مع هؤلاء القادة، لا يمكنه سلبهم حقهم الإنسانى، وهذا ما أيده نجيب تيلان، النائب السابق بحزب العدالة والتنمية الحاكم، حسب "فرانس برس"، مؤكداً أن القرار تم اتخاذه فى عجل، قائلا، "كلنا نعرف كم يشعر المجتمع بالأذى مما حصل، هناك دائماً خونة، فهذا ليس بجديد، ولكن يمكن دفنهم فى موقع منفصل، لا أعتقد أن إنشاء مثل هذه المقبرة فكرة سديدة".


وأيدت "فرانس برس" قرارات تركيا تلك بواقعة محددة، مشيرة إلى دفن الكابتن محمد كارا بكر، أحد الجنود الأتراك الذين شاركوا فى تحركات الجيش الأخيرة، والذى رفضت عائلته وأقرباؤه تسلم جثته، مؤكدة أنه تم نقل جثته إلى المكان فى صمت تام، وتم إنزاله إلى قبره، الذى لا يتعدى كومة من التراب يعلوها شاهد، حسب تعبير الصحيفة.

ونصت جميع الشرائع على تكريم الإنسان، حياً أو ميتاً، فقال عز من قائل: "أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ كِفَاتاً (25) أَحْيَاءً ‎وَأَمْوَاتاً"، وأجمع العلماء على أن دفن الميت ومواراته الثرى فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ويستحب الدعاء والاستغفار له وسؤال التثبيت له، لما روى عن عثمان رضى الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: (استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل) رواه أبو داود والحاكم وصححه.

وأصابت الرئيس التركى حالة من الغرور، عقب تحركات الجيش الفاشلة للاستيلاء على السلطة، الأمر الذى انعكس على المجتمع التركى، بفرض حالة الطوارئ وما تبعها من حملات الاعتقالات الموسعة التى شملت العسكريين والسياسيين والقضاة والصحفيين، بتهمة المشاركة فى محاولة الانقلاب العسكرى والانضمام لمنظمة "فتح الله جولن"، والتى تصفها السلطات بـ"الإرهابية"، بالإضافة إلى إغلاق 3 وكالات أنباء و16 قناة تلفزيونية و23 محطة إذاعية و45 صحيفة و15 مجلة و29 دار نشر فى إطار حالة الطوارئ بتركيا، حسب وسائل الإعلام التركية.

فيما أعلن الجيش التركى اعتقال 8651 عسكريا شاركوا فى تحركات الجيش الفاشلة، موضحا أنهم ينتمون إلى شبكة "إرهابية" يتزعمها فتح الله جولن، رجل الدين المقيم فى الولايات المتحدة، الأمر الذى رفضه المحللون العسكريون فى تركيا، ومنهم فائق بولت، مؤكدا أنه محاولة من أردوغان لتعديل الدستور وتحويل نظام الحكم إلى رئاسى يوسع صلاحيات وسلطات الرئيس، الأمر الذى يدخل البلاد فى نفق مظلم يوماً بعد يوم وينذر بما لا يحمد عقباه.


print