كتب مصطفى النجار
عُرف أن السياسة الأمريكية تغلب "المصالح" عن "الحقوق"، وسيتضح هذا التوجه الفترة الحالية بعد أن وافق مجلس النواب الأمريكى "الكونجرس" على قانون يسمح لضحايا أحداث 11 سبتمبر 2001 وعائلاتهم بمقاضاة حكومات أجنبية على رأسها المملكة العربية السعودية، إذ يشتبه أنها تدعم الأعمال الإرهابية ضد الولايات المتحدة، ورفع الكونجرس هذا القانون إلى البيت الأبيض ليصادق عليه الرئيس باراك أوباما ليكون نافذًا، ولكن الرجل أعلن رفضه للقانون، لمخالفته مبدأ الحصانة السيادية التى تحمى الدول من القضايا المدنية أو الجنائية.
أقر مجلس النواب الأميركى قانونًا يوم الجمعة الماضى يسمح لضحايا اعتداءات 11 سبتمبر 2001 وأقاربهم بمقاضاة حكومات أجنبية يشتبه بدعمها أعمالا إرهابية ضد الولايات المتحدة.
ويسعى البرلمان الأمريكى لإدراج السعودية ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب والتى تتلخص فى إيران وسوريا.
من جانبها، تعترض السعودية بشدة على مشروع القانون الذى وافق عليه الكونجرس بعد 4 أشهر من مصادقة البرلمان عليه، بحجة أن 15 إرهابى من أصل 19 نفذوا هجمات 11 سبتمبر بعد خطفهم لطائرتين هم مواطنين سعوديين.
عادل الجبير، وزير الخارجية السعودى، قال فى حسابه على موقع التواصل الاجتماعة "تويتر": "تمت مراجعة الصفحات الـ28 من قِبَل أعلى أجهزة الاستخبارات الأميركية.. الحقيقة واضحة ليس للحكومة السعودية أى دور فى أحداث 11 سبتمبر".
كانت أزمة كبيرة قد دبت فى العلاقات السعودية الأمريكية بعد تضخيم ما سمى بالـ28 صفحة سرية فى استخبراتى أمريكى يتم السعودية.
واشنطن لم تصمت، فخرج المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست، ليعلن أن مسئولى المخابرات الأميركية انتهوا من فحص 28 ورقة سرية من تقرير هجمات سبتمبر 2011، وإنها لا تظهر أى دليل على تورط دولة السعودية، وستؤكد هذه الصفحات ما نقوله منذ بعض الوقت.
ووفقًا للقانون الأمريكى لا يمكن لضحايا الإرهاب سوى مقاضاة دول تصنفها وزارة الخارجية الأميركية رسميًا دولا راعية للإرهاب.
ولا يفسر الموقف الأمريكى فى هذا التوقيت سوى محاولة ابتزاز المملكة العربية السعودية، إذ يعتبر القانون انتهاك للسيادة السعودية وتوريطها فى أحداث 11 سبتمبر كما فعلت واشنطن من قبل مع الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى عندما أسقطت طائرة "لوكربى" التابعة لشركة طيران "بان أمريكان"، فتصدرت مخاوف المستثمرين السعوديين والمسئولين الحكوميين الأمريكيين على مصير الموال والاستثمارات السعودية داخل الولايات المتحدة، وكما جرت العادة فإن صاحب المال هو المتحكم فى القرارات فإن السعودية سيكون لديها اوراق الضغط الكثر تأثيرًا على الجانبين الاقتصادى و السياسى، وكذلك العسكرى فى محاربة تنظيم داعش الإرهابى فى دول الخليج والتضييق على إيران فى تمويلها للحوثيين فى اليمن وإمدادات الحرس الثورى الإيرانى فى لبنان وسوريا فى دول الشام، كما أن السعودية دولة رئيسية فى التحالف الدولى الذى تقود أمريكا لمحاربة الإرهاب منذ تأسيسه عام 2014.