التلاصق فى العقارات وسوق البيع والشراء.. المُشرع حدد "حق الشفعة" لإنهاء الأزمات بين المتجاورين.. والقانون أكد: صاحب الشقة له أن يشفع فى وحدة سكنية تعلوه مباشرة أو التى تحتها.. وخبير يكشف الحيل والألاع
سوق العقارات - أرشيفية
الأربعاء، 20 نوفمبر 2019 01:37 م
"الشفعة فى القانون" هى أحد وسائل كسب الملكية العقارية عن طريق حلول شخص محل المشترى، فيكون لهذا الأخير حق اكتساب الملكية العقارية، وإلى ذلك تشير المادة 935 من القانون المدنى حين قررته أن الشفعة رخصة تجيز فى بيع العقار الحلول محل المشترى فى أحوال محددة.
وتعد "الشفعة" من موضوعات المعاملات التى عالجها الفقه الإسلامى حيث تمثل نصوص الشريعة الإسلامية فى الشفعة وما تأسس عليها من قواعد المنبع الذى نهلت منه القوانين التى أخذت بنظام الشفعة، وذلك من خلال كونها قيدا استثنائيا على حرية التملك والتصرف والتعاقد، فبمقتضاها قد يجد المشترى نفسه مجبرا على التخلى عن العقار الذى اشتراه، أو يجد البائع نفسه طرفا فى عقد مع شخص أخر غير الذى باع له، وفى الوقت نفسه يجد الشفيع نفسه طرفا فى عقد لم يناقش بنوده ولا شروطه ولم يشترك حتى فى انعقاده.
المحاكم تكتظ بقضايا "حق الشفعة"
فى التقرير التالى "انفراد" يلقى الضوء على الأزمات التى تكتظ بها المحاكم المصرية فى مسألة "الشفعة" خاصة المتعلقة بالعقارات والأراضى الملاصقة، حيث تكثر الحيل والألاعيب من قبل الملاك أثناء عملية البيع حتى يتمكن من البيع لغير الشخص الملاصق له الذى له "حق الشفعة" فى الوقت الذى يجهل فيه أصحاب الجوار من أحقيتهم التامة فى عملية الشراء بدلاَ من الغير حيث أن القانون أجاز لهم ذلك – بحسب الخبير القانون والمحامى محمد الصادق.
أكثر هذه القضايا الخاصة بـ"حق الشفعة" تكون لشخص له قطعة أرض تجاور أرض البائع، ويحق له أخذها بالشفعة حيث أن الشفعة فى الأراضى المعدة للبناء يكفى فيها الملاصقة من جانب واحد طبقا للبند واحد من الفقرة "ھ " من المادة 936 مدنى، ومن أجل أن يقوم البائع بعملية التحايل والتلاعب يخطط لترك مساحة صغيرة لا يشملها العقد من أجل أن ينفى التلاصق ويفوّت على جاره الحق فى الشفعة.
ثغرات قانونية فى حق الشفعة
إلا أن القانون المصرى لم يترك شاردة ولا واردة فى هذا الشأن إلا وأجاب عنها حيث أكد: " إذا كان الفاصل بين العقارين قطعة أرض مملوكة للبائع لم يشملها البيع، فإن التلاصق لا يتحقق، وقد يفتح ذلك باب التحايل لمنع الشفعة، فيقتطع البائع من الأرض المبيعة شريطا هو الملاصق للعقار المشفوع به، والممتد على طول حده المجاور، فيحتفظ بملكيته ولا يدخله فى البيع حتى يفصل به ما بين العقارين المشفوع به والمشفوع فيه، أو يهبه للمشترى منعا للشفعة أيضا، وقد أجاز هذا النوع من التحايل بعض فقهاء الشريعة الإسلامية بدعوى أن الشفعة حق ضعيف، ولكن الصحيح أن التحايل على القانون لا يجوز، فإذا فعل البائع شيئا من ذلك جاز للشفيع أن يثبت التحايل بجميع طرق الإثبات ومتى كشف عن الحقيقة وجب الأخذ بها وإعطاء الشفيع حقه فى الأخذ بالشفعة" – الكلام لـ"الصادق".
الشفعة والتلاصق الرأسى والجانبى
وبمناسبة موضوع التلاصق فى العقارات، فقد ذكر الفقيه الدستور السنهورى، أن صاحب الشقة له أن يشفع فى الشقة التى تعلو شقته مباشرة أو التى تحتها مباشرة، بل تكون له الأولية فى الشفعة من الجار الجانبى، لأن التلاصق هنا رأسى، فهو أقوى من التلاصق الجانبى، بمعنى أدق: "لو أنت فى شقة فى الدور الخامس مثلا يكون ليك الحق فى الشفعة فى الشقة التى تعلو شقتك مباشرة ( اللى فى السادس ) وبتكون ليك كمان الأولية عن الشقة اللى فى السادس المجاورة لتلك الشقة"، وكذلك الأمر فى الشقة اللى أسفل منك مباشرة.
رأى مغاير للسنهورى فى حق الشفعة
بينما هناك رأيا فقهيا قانونيا آخر له وجاهته مغاير لرأى "السنهورى" وهو للدكتورة هدى النمر حيث ذكرت نصًا: "وعلى ذلك فإن إجازة الشفعة للجار المالك فى ملكية الشقق والطبقات، بالإضافة إلى أنها لا تحقق مصلحة جديرة بالحماية، فهى تؤدى إلى الإضرار بحقوق المشترين وعدم استقرار المعاملات، الأمر الذى قد يترتب عليه إحجام جمهور المشترين عن الإقدام على شراء وحدات العقار المقسم إلى شقق وطبقات، كما أنها تحد من حرية المالك فى التصرف.
كما ذكرت أسبابا كثيرة مؤيدة لهذا الرأى منها أن إجازة الأخذ بالشفعة استنادا إلى حالة الجوار يتعارض مع الغرض الأساسى الذى تقرر من اجله نظام تمليك الشقق والطبقات، وهو بناء العقارات بقصد توزيع ملكية وحداتها أو طوابقها بطريق البيع على اكبر عدد من الأفراد تشجيعا لانتشار قيام الملكيات الصغيرة، أما مسألة ثبوت الشفعة للجار المالك فى ملكية الشقق والطبقات يؤدى إلى عكس الحكمة التى توخاها المشرع من هذا النظام، أى إلى تشجيع قيام الملكيات الكبيرة، إذ أن استعمال هذه الرخصة قد يؤدى إلى أن يجمع مالك واحد فى يده جميع وحدات المبنى المقسم".
مدى جواز التنازل عن حق الشفعة فى العقد
وهنا تظهر إشكالية أخرى يُجيب عنها السؤال التالي: " لو أنا بشترى عقار سواء كان أرض - فيلا - شقة، والبائع كتب فى عقد البيع إنى بتنازل عن رخصتى فى الأخذ بالشفعة فى العقار المجاور، الملاصق لى سواء تلاصق رأسى أو أفقى، فهل يجوز المطالبة بالشفعة رغم سبق التنازل عنها؟.
يُجيب "الصادق" رغم أن المادة 948 مدنى، ذكرت حالات سقوط الأخذ بالشفعة وقالت "إذا نزل الشفيع عن حقه فى الأخذ بالشفعة ولو قبل البيع"، فرغم صراحة المادة، لكن فهناك أراء فقهية أخرى قالت لا يجوز للشفيع أن ينزل عن الحق فى الشفعة قبل بيع العقار المشفوع فيه، إذ لا يجوز النزول عن الحق قبل ثبوته، وحقه فى الشفعة لا يثبت إلا بهذا البيع.
بينما "السنهوري" فأجاز ذلك، وقال إن التقنين المدنى الجديد أجاز ذلك صراحة، وإجماع الفقهاء على جواز ذلك، وبالتالي: "لما تشترى شقتك مثلا وتلاقى بند بأنك متنازلا عن الشفعة فى بقية شقق العقار، فلما جارك الملاصق يبيع شقته ليس لك الحق فى الأخذ بالشفعة لأنك تنازلت عنها مسبقا"، وهناك أمر أخر هام وهو أن إجماع الفقه يرى جواز الأخذ بالشفعة حتى لو كان العقار المشفوع فيه قد تم بيعه بعقد ابتدائى أو عقد غير مسجل، أما عقد البيع الخاص بالعقار المشفوع به ( ملكك ) فيجب أن يكون مسجلا.