أصدرت دوائر الإيجارات بمحكمة النقض أول حكم قضائى بعدم جواز امتداد عقد الإيجار للأشخاص الإعتبارية تطبيقا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في غضون 5 مايو 2018 دون الانتظار لصدور القانون، وذلك بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها خالية من الشواغل والأشخاص.
الوقائع
وقائع الطعن المُقيد برقم 13626 لسنة 82 قضائية جلسة 5 فبراير 2020 – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن بصفته والمطعون ضدهما الثاني والثالث دعوى قضائية أمام محكمة دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بإخلاء المحل المبين بالصحيفة والتسليم، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد الإيجار المؤرخ 15 ديسمبر 1963 يستأجر منه الطاعن بصفته عين النزاع لاستعمالها مقراً لمكتب بريد المحمودية، وإذ صدر بتاريخ 2 أبريل 1997 قرار رئيس مجلس الوزراء بإلزام الجهات الحكومية والهيئات التابعة لها بإعادة الوحدات التي تشغلها في حالات محددة، فإن وضع يده يكون بغير سند، حكمت المحكمة برفض الدعوى.
وفى تلك الأثناء - استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية – مأمورية دمنهور – والتي قضت بتاريخ 12 يونيو 2012 بإلغاء الحكم المستأنف وبانتهاء عقد الإيجار والإخلاء والتسليم، إلا أن الطاعن طعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي أصلياً بنقض الحكم المطعون فيه واحتياطياً برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .
أحكام المحكمة الدستورية ملزمة للجميع
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها - كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام، متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو في حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، كما أن قضاء الهيئة العامة لهذه المحكمة قد استقر على أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون – غير ضريبي – أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية.
ووفقا لـ"المحكمة" - هذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب صاحب النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، بما لازمه أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون أو لائحة لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره أو من تاريخ إعمال أثره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء نفسها .
حكاية عدم دستورية فقرة في القانون
لما كان ذلك - وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكمها في القضية رقم 11 لسنة 23ق " دستورية " والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 19 مكرر ( ب ) في 13 مايو 2018 أولاً: بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد ، ... "، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى.
ثانياً: بتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره، وكان مؤدى هذا الحكم انحسار الامتداد القانوني عن عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى اعتباراً من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر الحكم.
المحكمة تقضى للطاعن بإخلاء الشخصية الاعتبارية
ولما كانت الهيئة الطاعنة تستأجر محل النزاع بموجب العقد المؤرخ 15 ديسمبر 1963 لاستعماله في غير غرض السكنى – مكتب بريد – وكان النزاع بين طرفي الخصومة يدور حول مدى أحقية المطعون ضده الأول في طلب الحكم بإنهائه، فإنه وإعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان – الذي أدرك الدعوى أمام محكمة النقض – ينحسر الامتداد القانوني عن هذا العقد وينتهي اعتباراً من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي لمجلس النواب الذي انتهى في 15 يوليو 2019 بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 339 لسنة 2019، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بانتهاء عقد الإيجار وهو ما يتفق مع حكم المحكمة الدستورية العليا المذكور، فيكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون، ولا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض أن تصححها من غير أن تنقضه، ومن ثم يكون النعي عليه بسببي الطعن – وأياً كان وجه الرأي فيه – غير منتج، ومن ثم غير مقبول، ولما تقدم، يتعين رفض الطعن .