ما زال فيروس كوفيد 19 يواصل انتشاره ويقترب من إنهاء عامه الثانى، ولا يوجد أفق لنهاية سعيدة تنهى معاناة دول العالم، النقاش الآن حول كيف يمكن للعالم أن يتعايش مع الفيروس، وكيف يمكن تطوير اللقاحات بشكل يصنع مناعة لأكثر من 8 مليارات نسمة يسكنون الكرة الأرضية؟
كلما بدا أن منحنى الفيروس فى هبوط، يظهر متحور جديد يعيد الكرة ويطيح بأى توقعات حول مستقبل قريب سعيد، يعود فيه سكان العالم إلى حياتهم الطبيعية، وعادت من جديد تفسيرات حول ما إذا كان الفيروس بكل هذه القوة والقدرة على مطاردة البشر وقتلهم بهذه السهولة.
وبتبنى عدد من الخبراء نظريات تخليق الفيروس، بينما يتمسك البعض الآخر بإنكاره، هناك جهات من مصلحتها تضخيم تأثيراته، حتى اللقاحات لم تعد تمثل حائط صد نهائى فى مواجهة الفيروس، أمام تكرار الإصابة، وتراجعت النظرية التى كانت تقول إن تلقيح ثلاثة أرباع المواطنين يصنع ما يسمى بمناعة القطيع، فتزداد الأمور تعقيدا مع ظهور منافسة سياسية وليست علمية أو طبية بين الصين وروسيا من جهة، ودول أوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى، فالصين لا تعترف باللقاحات الأوروبية والأمريكية، والغرب فى أوروبا وأمريكا يرفضون الاعتراف باللقاح الصينى، وكل فريق يمنع الملقحين من الاعتراف باللقاحات المنافسة، فقد سبقت الصين وروسيا بالإعلان عن إنتاج لقاحاتهما، سينوفارم وسبوتنيك V، وهى لقاحات ظلت محل رفض أوروبى، فى الولايات المتحدة تم الإعلان عن لقاح فايزر وجونسون آند جونسون وموديرنا، وفى بريطانيا «أسترازينيكا»، لكن اللقاحات لم تكن نهاية الفيروس، لكنها ظلت مجالا للمنافسة، فيما يشبه الحرب الباردة العلمية والتجارية بين أطراف المعادلة، وتواجه اللقاحات نفسها مشكلات تتعلق بكمياتها، حيث حرصت الدول الأغنى على الحصول على جرعات أكبر، وتأخرت اللقاحات للدول الأفقر، وأعلن الملياردير الأمريكى بيل جيتس، أن توزيع تطعيمات كورونا تتم بشكل غير عادل بين دول العالم الغنية والفقيرة، حيث تم إعطاء أكثر من 80% من اللقاحات فى البلدان الغنية، بينما الفقيرة نسبتها أقل من 1%، ونشر هذا على حسابه فى توتير.
قبلها أشار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، إلى نقص فى توزيع لقاحات كوفيد - 19 على الدول الأفريقية، وقال فى كلمته أمام مناظرة «استثمر فى أفريقيا»، التى عقدت عبر الإنترنت: «إن توزيع اللقاحات غير عادل بشكل رهيب، مضيفا أن العديد من البلدان الأفريقية لا تزال تفتقر إلى الوصول لعدد كاف من اللقاحات، وأن أقل من 2% من اللقاحات العالمية تم توزيعها على القارة»، بحسب ما نقلته الجارديان البريطانية، تيدروس أدهانوم، وقد سبق وأكد أن بعض الشركات المنتجة للقاحات كورونا تحقق أرباحا قياسية، بينما الكثير من البشر حول العالم ما زالوا غير محميين من الإصابة بعدوى كورونا، ولا يمكن لأحد أن يعيش فى أمان ما دام الكثيرون غير محصنين، لأن ذلك يرفع فرصة انتشار الفيروس وتحوراته. بعض التقارير أشارت إلى أن نسبة التحصين لم تتجاوز 2% فى بعض الدول ومنها قارة أفريقيا، وهو ما يشير إلى غياب عدالة توزيع اللقاحات.
هذا السباق حول إنتاج وتوزيع اللقاحات، ووجود أسباب سياسية ومنافسات تجارية، تعضد وجهات نظر بعض الخبراء ممن يتهمون الشركات الكبرى بالسعى لإطالة أمد الفيروس، حتى تحقق المزيد من الأرباح ببيع أكثر كمية منها، وبالتالى فإن هذه الشركات تستفيد من تسييس المنافسة حول اللقاحات، لأنها تحقق المزيد من الأرباح.
هناك دول أفريقية دفعت ثمن كورونا مضاعفا، لأنها لم تواجه إصابات كبيرة، لكنها عانت من نقص لقاحات الأمراض الخطيرة والأوبئة، مثل التيفويد والسل والصفراء والكوليرا، التى تراجع إنتاجها بسبب التفرغ للقاحات كورونا، أو بسبب توقف حركة النقل العالمية، وفى كل الأحوال، فإن أنانية الدول الكبرى ومنافساتها التجارية تضاعف من آلام الدول الأفقر.