معارك مستمرة وأعداء كثيرون يواجههم فيس بوك بشكل مستمر فى السنوات الأخيرة، ما بين حكومات تطارد عملاق السوشيال ميديا فى محاولة لفرض إجراءات أكثر صرامة ومحاولة حماية خصوصية مواطنيهم، وأخرى تلاحقه بسبب الدور الذى تلعبه المنصة فى التأثير على الانتخابات فيها.
وفى الوقت الذى لا تزال فيه دول عديدة تحاول تحقيق مكاسب فيما يتعلق بحماية بيانات مواطنيهم، فإن الدور الأكبر يتسلط على الدور الذى تلعبه شركات التكنولوجيا وفى مقدمتها فيس بوك فى الانتخابات.
ولعل الانتخابات الرئاسية الأمريكية عامى 2016 و2020 أكبر دليل على مدى تأثير فيس بوك فى مصير دول. أصبح دور فيس بوك فى العمليات السياسية واضحا منذ عام 2016 بعد فوز ترامب المفاجئ، حيث قال منتقدون إن الموقع ساعد على نشر أكاذيب بالقصص الإخبارية المغلوطة والأخبار الكاذبة. فقبل الانتخابات، أطلع مستخدمو فيس بوك على تقارير تزعم أن بابا الفاتيكان يؤيد ترامب، بينما كانت هناك تقارير تتحدث عن التحقيق فى قضية البريد الإلطترونى لمنافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون، وأن ضابطا يتولى التحقيق قد عثر عليه ميتا.
ودافع وقتها الرئيس التنفيذى لفيس بوك، مارك زوكربيرج، عن شركته أمام هذه الانتقادات، ووصف فكرة تأثير فيس بوك على الانتخابات بالجنون، لكنه تعهد أيضا ببذل مزيد من الجهود لمنع نشر أخبار كاذبة. وقال إن هذه الأخبار المغلوطة هى جزء من المحتوى الذى ينشر على فيس بوك ولا تقتصر على آراء حزبية أو سياسية، ولذلك، ليس من المرجح أن تغير نتيجة الانتخابات.
ولم يقتصر الأمر على الأخبار الكاذبة فقط.، ففى عام 2018، تم الكشف عن أن شركة بريطانية لتحليل البيانات، وهو كامبريدج انالتيكا، جمعت معلومات خاصة عن أكثر من 50 مليون مستخدم لموقع فيس بوك لصالح الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى عام 2016، وهو ما دفع السلطات الأمريكية للتحقيق فى الأمر.
وقبيل انتخابات 2020، كان هناك اهتماما أكبر بإمكانية تأثير الموقع الأزرق على التصويت فى ظل جو سياسى شديد الانقسام، وأجواء تحذير مستمرة من قبل الرئيس ترامب من التزوير. وسعى زوكربيرج لدحض الاتهامات السابقة بفرض إجراءات مشددة على الإعلان السياسى فى موسم ما قبل الانتخابات، وفرض حظرا على الإعلانات السياسية التى تزعم فوز مرشح دون أخر.
لكن هذا لم يوقف الحديث عن دوره فى تعميق الانقسام السياسى فى الولايات المتحدة، والذى بلغ ذروته فى أحداث اقتحام الكونجرس فى السادس من يناير من قبل أنصار للرئيس ترامب الذين أرادوا وقف التصديق على فوز جو بايدن فى انتخابات الرئاسة.
ومؤخرا، اتهمت موظفة سابقة بفي سبوك الشركة بتخفيف الحمايات الأمنية فى الانتخابات الأمريكية، وهو ما أدى لاحقا إلى استخدام منصة التواصل الاجتماعى فى اقتحام مبنى الكابيتول، وأنه ساهم ايضا فى الاستقطاب السياسى فى الولايات المتحدة، وفقا لمذكرة داخلية حصلت عليها نيويورك تايمز.
وفى روسيا، وقبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، التى أجريت فى سبتمبر الماضى، فرض القضاء الروسى غرامات جديدة على فيس بوك وتويتر فى ظل اتهامات لشركات التكنولوجيا الأمريكية بالتدخل فى الانتخابات.
وفرضت محكمة فى موسكو غرامة قدرها 21 مليون روبل على فيس بوك لرفضه طلب حذف محتويات، وتتهم روسيا شركات التكنولوجيا الأمريكية ومن بينها فيس بوك بالسماح بنشر محتويات تشيد بالمخدرات او بالانتحار وبعدم حجب منشورات تدعوا إلى التظاهر دعما للمعارضة.
وتحول فيس بوك وغيره من عملاقة وادى السليكون إلى محور الاتهامات المتبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا بالتدخل فى الانتخابات، فبعدما زعمت تقارير استخباراتية أمريكية فى عام 2016 أن حسابات روسية وهمية سعت للتأثير على التصويت وترجيح كفة ترامب، وجهت موسكو اتهامات مماثلة للولايات المتحدة الشهر الماضى باستخدام هذه الشركات للتأثير على الانتخابات فيها، لاسيما من خلال إستراتيجية التصويت الذكى التى تروج لمرشحى المعارضة.
وفى انتخابات ألمانيا التى أجريت الشهر الماضى أيضا، كان الحديث عن دور فيس بوك حاضرا، فقد لعب موقع زوكربيرج دورا فى صعود حزب البديل من أجل ألمانيا (اليمينى المتشدد)، ووفر له المساحة التى لم يجدها فى وسائل الإعلام التقليدية، حتى أن أحد قيادات الحزب ويدعى ماركوس شميت قال إنه بدون فيس بوك يعتقد أن البديل من أجل ألمانيا لم يكن لينجح بهذه السرعة.