يعتبر موضوع المرأة بشكل عام أحد الموضوعات الأكثر إثارة للجدل في الأوساط الثقافية والفكرية والسياسية ليس في مصر فقط ولكن في العالم العربي بأكمله، وتحديداَ في العقد الأخير من القرن الماضي وبداية هذا القرن، فقد شكلت هذه المسألة محور استقطاب وسجال حاد بين مؤيد ومعارض لمسألة عرض ما لها وما عليها من حقوق وواجبات.
فيما أصبح موضوع المرأة في ظل هذه الأجواء واجهة يستغلها العديد من الفئات للصراع الثقافي والسياسي، وسواء للدفاع أو الهجوم في الكثير من المناسبات، مما غيب بشكل واضح فرص البحث الموضوعي والحوار الهادئ، بل إن الموقف من قضايا المرأة أصبح معياراً لتصنيف وتقييم التيارات المجتمعية في علاقتها بثقافة حقوق الإنسان.
مشاريع ومقترحات للسيدات فقط
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على قضيتين لازالتا تشغلان الرأي العام المصري، أحدهما الدعوات التي خرجت خلال الأيام الماضية، بتجريم الزواج الثاني دون إخطار الزوجة الأولى، وبمعاقبة الزوج بالحبس حال عدم إخطار الزوجة بشكل رسمي، وكذا معاقبة المأذون بالحبس، بينما الثانى أيضاَ مشروع قانون بشأن تخصيص جزء من ثروة الزوج لزوجته حال طلاقها منه عقب فترة من الزواج – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض محمد ميزار.
في البداية - ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد الحديث عن تشريع برلماني جديد لتجريم الزواج بثانية دون علم الزوجة الأولى، وذلك بعد أن طالبت النائبة أمل سلامة، بتجريم الزواج الثاني دون إخطار الزوجة الأولى، وبمعاقبة الزوج بالحبس حال عدم إخطار الزوجة بشكل رسمي، والنص على عقوبة الحبس والغرامة للزوج حال عدم القيام بإقرار حالته الاجتماعية في وثيقة الزواج، كما تقدمت النائبة هالة أبو السعد، بمشروع قانون لتعديل نص المادة 11 بشأن تعدد الزوجات دون علم الزوجة، وأثار المشروع جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر – وفقا لـ"ميزار".
تجريم الزواج الثاني دون إخطار الزوجة الأولى
وقانون تجريم الزواج الثاني بالحبس والغرامة دون علم الزوجة الأولي سيقف عاجزًا أمام الزواج العرفي غير المثبت بسجلات الدولة، واشكالية تحقق علم زوجة في غيبوبة، فهناك العديد من الاشكاليات والثغرات التي تجعل الجميع يلجأ إليها ليكون بمأمن من العقاب كأن يحمل شخص الجنسية المزدوجة، فيقوم بالزواج من أجنبية في بلدها وعلى أرض غير مصرية وفق قوانين هذا البلد وبجنسيتها، فالمخالفة هنا لم ترتكب على أرض مصرية، والقانون الذي يحكمها هو قانون ذات البلد وما تمنحه تلك الجنسية له كونه من مواطنيها – الكلام لـ"ميزار".
كما أن هذا القانون سيجد أمامه عقبات في زواج المصريات من أجانب وهم قطعا لا يحملون الجنسية المصرية وقد يتزوجون في بلادهم، ولا يمكن تحقق الزوجة المصرية من ذلك فلا يحقق هذا القانون غايته لتلك الفئة، كما أن فكرة التجريم اللاحق بعد انعقاد الزواج والمنوط بتحقق العلم فهذا العلم بالإعلان المسجل وخلافة قد لا يتحقق به الاعلان اليقيني، وقد يكون الاعلان على العنوان الثابت بتحقيق الرقم القومي للزوجة ولا تقيم فيه والكثير من الزوجات محل إقامتهن على منازل تركوها، فكيف يتم إعلانها.. هل ستعلن علي الثابت رسميا مخالفا للواقع أم علي الواقع الذي لا يمكن ثبوت صحته رسميا؟
فهذا القانون حال إقراره قد يكون محلًا للطعن بعدم الدستورية استنادًا لنص المادة الثانية من الدستور، وقد لا يتحقق شرط وجوب العلم ألا في حالة النص في عقد الزوجة الاولي بعدم الزواج عليها، وقد يستند في عدم الدستورية على صحة العقد واركانه دون علم الزوجة الأولي، ومن هنا فمشروعية وصحة العقد دون علم الزوجة الأولي تستوجب عدم التجريم، كما وإن القانون الحالي قد اعطي الزوجة الأولي الحق في طلب الطلاق قبل مضي سنه من تاريخ علمها، كما وإن فكرة وضع ضوابط الزواج والتعدد تستوجب إن يكون هناك ضوابط أيضا للطلاق والخلع فهما أخطر على الاسرة والمجتمع من الزواج الثاني – هكذا يقول "ميزار".
تخصيص جزء من ثروة الزوج لزوجته حال طلاقها منه
أما بالنسبة لمشروع قانون بشأن تخصيص جزء من ثروة الزوج لزوجته حال طلاقها منه عقب فترة من الزواج الذي تحدثت عنه النائبة رانيا الجزايرلي، عضو مجلس النواب، أكد "ميزار": أن هذا المشروع سيكون له تداعيات خطيرة على المجتمع حال اقراره، قد يسهم ذلك القانون في نقل ملكية الأزواج ثرواتهم لأقاربهم من النساء، وبالتالي لن يتحقق للزوجة أي فائدة، فقد يؤدي هذا القانون لعزوف الشباب عن الزواج والارتباط، وذلك مخالف لمبادئ الشريعة الاسلامية لما هو متعارف عليه من الذمة المالية المستقلة للزوجين في الإسلام، ومخالف لفكرة التخلي عن الحقوق المنصوص عليها في القرآن والسنة من متعة ونفقة عدة ومؤخر صداق.
كما أن هذا الآمر سيكون خارج كل تصور إذا كان الزوج معدد للزوجات وتم طلاقهن تباعًا ولم يتبقى لإحداهن شيئًا، فقد يفتح الباب لدي العديد بالزواج والطلاق لتحقيق ثروات دون وضع ضوابط صارمة للطلاق، فكم من قضايا طلاق للضرر بنيت أحكامها على قضايا ضرب وتقارير مصطنعة، وصدرت أحكامها بتحقق الضرر، وممن يلجأون لشهود زور لإثبات الضرر، وفكرة محاكاة الغرب في هذا الامر فكرة غير سديدة لكون المجتمع الغربي يعتمد في اغلب تعاملاته ومنها الحياة الزوجية على نوع من المادية البحتة دون أدني اعتبارات دينية، حيث إن القانون المصري المستمد من الشريعة الإسلامية قد كفل لها كل حقوقها حال قيام العلاقة الزوجية وحال وقوع الطلاق.