يبدو أن التعديلات المُقترحة من الحكومة على قانون الضريبة على القيمة المضافة قد دخلت إلى "تلاجة البرلمان"، فقد أُحيلت تلك التعديلات إلى مجلس النواب بنهاية الفصل التشريعى الأول، ومنه إلى لجنة الخطة والموازنة، إلا أن اللجنة لم تنتهى من المناقشات لضيق الوقت، وفى الفصل التشريعى الثانى للمجلس برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى أعلنت الحكومة تمسكها بالتعديلات وأحالتها مرة أخرى للمجلس – بعد إجراء بعض التعديلات عليها - الذى أحالها بدوره إلى لجنة الخطة والموازنة، والتى شرعت فى مناقشته ودعت مجموعة كبيرة من ممثلى القطاع الخاص فى جلسة استماع موسعة فى مارس الماضى، لكن سرعان ما توقفت المناقشات مرة أخرى وانخرطت اللجنة فى مناقشة مشروعى قانونى التخطيط العام والمالية العامة الموحد، ولم يُدرج على أجندة عمل اللجنة مرة أخرى حتى الآن.
ويبدو أيضا أن لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب لا تضع التعديلات المقترحة من الحكومة، والتى تقضى بإخضاع بعض المواد والسلع المعفية للضريبة وإعفاء سلع ومنتجات أخرى، ضمن أولوياتها خلال الفترة الحالية، حيث انتهت من قانونى التخطيط والمالية العامة وبدأت فى مناقشة موضوعات أخرى مثل الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2020/2021، وقد يعود هذا الأمر إلى موجة التضخم العالمى التى ضربت اقتصادات العالم والتى شهدت ارتفاع فى تكاليف المدخلات بأعلى وتيرة لها منذ أكثر من 3 سنوات، وحالة النقص الشديد فى سلسلة الإمدادات.
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على التعديلات المقترحة لضريبة القيمة المضافة، وهل ستؤجلها لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان وما هي تلك التعديلات المقترحة؟ وذلك باعتبار أن الهدف من تطبيق قوانين الضرائب ليس الحصيلة المالية فقط، وإنما قد تكون معالجة تشوهات قائمة للأوضاع الراهنة لعدد من الأنشطة الاقتصادية، وتعديلات قانون الضريبة على القيمة المضافة سيكون لها أثر على معدلات التضخم باعتبارها ضريبة غير مباشرة، وبالتالي فإن إرجائها سيكون هو الأنسب، ويذكر أن الحكومة كانت قد خفضت التعديلات التي أرسلتها إلى مجلس النواب، قيمة الضريبة على المحال التجارية فى المولات إلى 10% بدلًا من 14% على أن تمثل السمة التجارية والاتصال بالعملاء 10% من القيمة الإيجارية أو البيعية - الخبير القانوني المتخصص في الشأن الضريبي محمد سمير إسماعيل.
في البداية – الحكومة أضافت إلى التعديلات مجموعة من البنود الجديدة للسلع والخدمات المعفاة منها منتجات المطاحن فيما عدا الدقيق الفاخر والمستورد أو المخمر المستورد من الخارج، وكذلك المنتجات الزراعية التي تباع بحالتها بما فيها البذور والتقاوى والشتلات والخضراوات والفواكه المصنعة محليًا فيما عدا العصائر ومُركزاتها، وكذلك الأغذية المحضرة للحيوانات والدواجن والأسماك، فيما عدا أغذية القطط والكلاب وأسماك الزينة، كما تضمنت قائمة الإعفاءات النقود الورقية والمعدنية المتداولة والعملات التذكارية والأقراص الخام المعدة، كما تضمنت تلك التعديلات، عدم تحميل السلع والخدمات الواردة لمشروعات المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة بضريبة القيمة المضافة، وذلك تشجيعاً للاستثمار بهذه المناطق – وفقا لـ"إسماعيل".
هل ستؤجلها لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان؟
وتشمل أيضًا تيسير رد الضريبة على مشتريات الزائرين الأجانب الذين يغادرون مصر خلال 3 أشهر بحيث لا تقل قيمة فاتورة مشترياته بالفاتورة الواحدة عن 1500 جنيه، وذلك تشجيعًا لجذب السياحة وتحفيزاً لهم على اصطحاب المنتجات المصرية لدى عودتهم لبلادهم، مع السماح بإعفاء بعض الخدمات والسلع المقدمة كتبرعات للجهاز الإداري للدولة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة، كما أجاز المشروع المقترح لرئيس مصلحة الضرائب الإفراج المؤقت لمدة 3 أشهر عن الرسائل الواردة للعمليات الإنتاجية، أو ممارسة النشاط وفقاً للضمانات التى تراها مصلحة الجمارك مناسبة لحين موافاة صاحب الشأن، لمصلحة الضرائب بالمستندات اللازمة لبحث الإعفاء خلال المدة المذكورة أو سداد الضريبة المستحقة والضريبة الإضافية، بما يُسهم فى عدم تحميل هذه الرسائل بالغرامات والأرضيات الناتجة عن التأخر فى الإفراج عنها من الجمرك المختص – الكلام لـ"إسماعيل".
كما إن التعديلات المقترحة تضمنت إعفاء خدمات الصرف الصحى المُحملة على فاتورة المياه، تخفيفًا عن المواطنين، شأنها شأن فاتورة المياه والكهرباء، وإعفاء إضافات الأعلاف ومركزاتها، بما يؤدى إلى خفض تكلفة الأعلاف والإنتاج الداجنى والحيوانى، وإعفاء الباجاس، وعجائن الورق، وورق الصحف، وورق الطباعة والكتابة، بحيث لا تخضع مدخلات صناعة الورق للضريبة ومن ثم لا يرتفع سعرها، كما تتضمن أيضا إعفاء الأمصال واللقاحات والدم ومشتقاته وأكياس جمع الدم ووسائل تنظيم الأسرة، إضافة إلى الأدوية ومدخلات إنتاجها بناءاً على قرار يصدر من وزير الصحة.
وما هي تلك التعديلات المقترحة؟
كما أن التعديلات الجديدة تتضمن إعفاء النقل المائي غير السياحي الخارجي للأشخاص، كما فى حالات العبارات التى تنقل المواطنين من مصر للخارج، وذلك مراعاة للطبقات محدودة الدخل من العمالة المصرية العاملة بالخارج، حيث أن مشروع القانون استحدث نصوصًا جديدة تُعالج كيفية المعاملة الضريبية وإجراءات تحصيل الضريبة على المعاملات الرقمية بما يتماشى مع الاتجاهات الدولية فى هذا الشأن من خلال تعريف هذه المعاملات، والالتزامات المقررة على الغير المقيم ممن يتعامل فى التجارة الإلكترونية، وتنظيم عمليات التسجيل المبسط لغير المقيمين، وتحصيل الضريبة المستحقة على هذه المعاملات.
وأخيراً - لابد أن نذكر عندما انتهت وزارة المالية من إعداد تلك التعديلات لقانون الضريبة على القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016، تم طرحه للحوار المجتمعي من خلال نشره بالموقع الإلكتروني لوزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية، حتى يتسنى التوافق عليه مع المجتمع الضريبي قبل إحالته إلى مجلس الوزراء، وذلك إدراكًا لأهمية ترسيخ جسور التواصل الإيجابي مع الممولين، باعتبارهم شركاء فاعلين في تحقيق المصلحة الوطنية.