"ضبط مصنع الجبن المخلوط بمعجون الدهانات فى المنوفية".. الخبر الأهم والأبرز خلال الساعات الماضية، وذلك في اطار رصد كافة المخالفات والتأكد من سلامة المنتجات الغذائية المقدمة للمواطنين واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين حيث تم شن حملة مكبرة قامت بمداهمة مصنع بقرى تلا لتصنيع الجبن، حيث ضبط 40500 قطعة جبن غير صالحة للاستهلاك الآدمي بإجمالي 14 طنا و5 شيكارة معجون حوائط زنه 15 ك 198 كيس جبن زنه الواحدة 50 ك إجمالي 10 أطنان بياناتها 10 بريميل زنة البريمل 500 ك جبن بدون بيانات عدد 10 آلاف مطبوع مستخدم عدد 2 طن ملح منتهى الصلاحية و370 كرتونة زنه الكرتونة 15 ك بإجمالي يزن 5500 ك جبن غير صالح.
وفى الحقيقة التي لا يمكن إغفالها أن هناك ضربات أمنية متلاحقة توجهها مديريات الأمن على مستوى محافظات الجمهورية، بالتنسيق مع مباحث التموين لضبط الأسواق، والتصدي لعمليات تهريب السلع منتهية الصلاحية، حيث يتم ضبط عشرات الأطنان يومياَ من لحوم ودواجن يشتبه وأخرها واقعة "الجبن" كونها غير صالحة للاستهلاك الأدمي، داخل مصانع وثلاجات لحفظ السلع الغذائية، حيث يتبين من التقارير الطبية أن المضبوطات يوجد بها تغير في خواصها الطبيعية، وتشكل خطرا على الصحة العامة للمواطنين.
الأغذية الفاسدة سوس ينخر في جسد الأمة
النظم الفعالة للرقابة على الأغذية في مختلف البلدان تعد أمرا ضروريا لحماية صحة المستهلكين المحليين وضمان سلامتهم، وهذه النظم أيضاً حاسمة في تمكين البلدان من ضمان سلامة وجودة الأغذية التي تدخل التجارة الدولية وضمان اتفاق الأغذية المستوردة مع الاشتراطات الوطنية، ويكفي لتحقق الغش خلط الشيء أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن المادة المخلوطة خالصة لا شائبة فيها أو بقصد إظهارها فى صورة أحسن مما هي عليه.
وقضية الأغذية الفاسدة أو المغشوشة التي تدخل الأسواق للمستهلك بما تحمله من خطر يهدد أفراد المجتمع تكتمل فيها كل أركان الجريمة القصدية، فتاجر الجملة يعرف حقيقتها بأنها أغذية فاسدة، وتاجر التجزئة والأسواق والمطاعم التي تشتري هذه الأغذية بأسعار متدنية تعلم أنها فاسدة أو على الأقل مشكوك في صلاحيتها، وكل ذلك ينتج عن مرض الجشع للكسب غير المشروع، ويؤكد إنعدام الضمير وتصفير درجة الأخلاق، وقوانين الغش التجارى داخل مصر تحتاج إلى ثورة تشريعية.
ضربات أمنية متلاحقة للتصدى لـ"مافيا التلاعب بقوت الغلابة"
في التقرير التالي، يلقى "برلمانى" الضوء على جريمة الاتجار في الأغذية الفاسدة، والقيد والوصف المتعلق بمثل تلك الوقائع، هل تقيد جنحة أم جناية؟ وضوابط استيراد المواد الغذائية من الخارج، والجهة الرقابية لفحص الرسائل الواردة بالأغذية، وما هى عقوبة إصابة شخص بعاهة مستديمة من تلك الأغذية الفاسدة؟ وهل هناك عقوبات تبعية العقوبة الأصلية لتلك الجرائم؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض عبد الرحمن عبد البارى الشريف.
في البداية - إن الغذاء يعد من الناقلات السلبية لكثير من الأمراض المعدية، فقد ينمو الميكروب بطريقة إيجابية في الغذاء قبل تناوله أو قد يفرز فيه بعض المواد السامة أثناء عملية التمثيل الغذائي، فسلامة الأغذية شرط أساسي لجودتها وتعني "سلامة الأغذية" خلو الأغذية، أو احتواءها على مستويات مقبولة ومأمونة، من الملوثات أو مواد الغش أو السموم الموجودة بصورة طبيعية، أو أية مادة أخرى قد تجعل الغذاء ضاراً بالصحة بصورة حادة أو مزمنة، ويمكن اعتبار جودة الأغذية خاصية مركبة للأغذية تحدد قيمتها عند المستهلكين ومدى تقبلهم لها – وفقا لـ"الشريف".
ما هي عقوبة الغش التجاري بالقانون؟
والمشرع حدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، فقد نصت المادة 1 "مستبدلة بالقانون 281 لسنة 1994": "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تجاوز 20 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق فى أحد الأمور الآتية:
1- ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه.
2- حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها.
3- نوع البضاعة أو منشؤها أو أصلها أو مصدرها في الأحوال التي يعتبر فيها - بموجب الاتفاق أو العرف - النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا في التعاقد.
4- عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة المشار إليها فى الفقرة السابقة أو شرع في ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة.
ما هي ضوابط استيراد المواد الغذائية من الخارج؟
وينظم تلك العملية قانون الجمارك وقانون الاستيراد والتصدير والتعريفة الجمركية، فقد نصت المادة 1 القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير: "يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وذلك وفق أحكام الخطة العامة للدولة وفى حدود الموازنة النقدية السارية، وللأفراد حق استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة، وذلك مباشرة أو عن طريق الغير، ويصدر وزير التجارة قرارا بتحديد الإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد، ولوزير التجارة أن يقصر الاستيراد من بلاد الاتفاقيات، وكذا استيراد بعض السلع الأساسية على جهات القطاع العام – الكلام لـ"الشريف".
ما هي الجهة الرقابية لفحص الرسائل الواردة بالأغذية؟
الجهة الرقابية وجهه العرض هي الصادرات والواردات طبقا للمادة 9: "تخضع السلع التى يحددها وزير التجارة للرقابة النوعية على الصادرات والواردات"، وطبقا للمادة 11: "لا يجوز استيراد السلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التى يصدر بتحديدها قرار من وزير التجارة أو كانت مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط والمواصفات".
مادة 13 - تحدد بقرار من وزير التجارة إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة والأوضاع الخاصة بالتظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة المنصوص عليها في المادتين 9، 10.
ما هي عقوبة استيراد أغذية مغشوشة؟
نصت المادة 3 مكرر من قانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 41 المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 25 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر كل من استورد أو جلب إلى البلاد شيئا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو من الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو المنتجات الصناعية يكون مغشوشا أو فاسدا أو انتهى تاريخ صلاحيته من علمه بذلك".
وتتولى السلطة المختصة إعدام تلك المواد على نفقة المرسل إليه، فإذا لم يتوافر العلم تحدد له السلطة المختصة ميعادا لإعادة تصدير المواد المغشوشة أو الفاسدة أو التى انتهى تاريخ صلاحيتها إلى الخارج، فإذا لم يقم بذلك في الميعاد لمحدد تعدم تلك المواد على نفقته.
ما هي العقوبة إذا تم إصابة شخص بعاهة مستديمة من تلك الأغذية الفاسدة؟
نصت المادة 4: "إذا نشأ عن ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى المواد 1، 2، 3، 3 مكررا من هذا القانون إصابة شخص بعاهة مستديمة فتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن 25 ألف جنيه ولا تجاوز 40 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، وإذا طبقت المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات في هذه الحالة فلا يجوز النزول بالعقوبة المقيدة للحرية عن الحبس مدة سنة واحدة".
وإذا نشأ عن الجريمة وفاة شخص أو أكثر تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.
هل هناك عقوبات تبعية العقوبة الأصلية لتلك الجرائم؟
نصت المادة 8 المستبدلة بالقانون 281 لسنة 1994: "تقضى المحكمة في حالة الحكم بالإدانة في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة بنشر الحكم في جريدتين يوميتين على نفقة المحكوم عليه".
الثغرة في قانون "الغش التجارى"
وفى الحقيقة أن أقصى العقوبات على فساد منتج غذائى وبيعه منتهى الصلاحية تصل حسب القانون للغرامة والحبس، إلا أن هناك ثغرة قانونية تتمثل دائماَ في الحكم بالغرامة وإلغاء الحبس ما يتيح للتجار الاستمرار في الاتجار بالأغذية الفاسدة باعتبار الجريمة جنحة وليست جناية، حيث أن هناك العديد من هذه الوقائع الخاصة بالاتجار فى الأغذية الفاسدة لا تصل بشكل أو بأخر إلى المحكمة لأن التاجر مقترف الجريمة قد اقترف العديد من الجرائم المماثلة بالتجار في الأغذية لتطبيق "ظرف العود" عليه وحتى يستطيع القاضي عند تقديره للعقوبة أن يُطبق أقصى العقوبات المقررة قانوناَ، كما أن هناك خللا تشريعيا لذلك الشأن حيث أنه يجب أن تكون العقوبة الحبس مع النفاذ، كما أن تلك الجريمة لا تقل فى أهميتها عن جريمة السرقة والسلاح الأبيض، وأن القانون المصري الحالي يقلل من تغليظ العقوبة من خطورة تلك الجريمة حيث يتعين إدراجها ضمن الجنايات وليس الجنح.
وقانون العقوبات ينص على: "الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات، أو غرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد عن 30 ألف جنيه، لكل من غش أو شرع فى غش أغذية إنسان أو حيوان، أو كانت فاسدة وغير صالحة"، ويتضمن القانون فى مادته 116، على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 5 أو بغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد عن 30 ألفا، كل من حاز عن طريق الشراء، سلعة مدعمة لغير الاستعمال الشخصى، أو إعادة بيعها وخلطها بمواد أخرى بقصد الاتجار".
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة منذ 60 سنة، في الطعن المقيد برقم 1727 لسنة 29 القضائية، حيث قالت في حيثيات الحكم: "يكفي لتحقق الغش خلط الشىء أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن المادة المخلوطة خالصة لا شائبة فيها أو بقصد إظهارها فى صورة أحسن مما هى عليه".