يبدو أن المشروعات القومية التي نفذها الرئيس عبد الفتاح السيسى في الصعيد ستساعد في تغيير خريطة التركيبة السكانية في مصر، خاصة بعدما شملت المشروعات القومية قطاعات عديدة في الصعيد منها الطرق والنقل والكبارى وإقامة المجمعات الصناعية وزيادة النشاط التجارى إلى جانب زيادة الرقعة المزروعة من الأرض الزراعية وكل هذه المشروعات ستساعد بشكل كبير في تقليل هجرة أبناء الصعيد للقاهرة الكبرى وتدعم توزيع أفضل لخريطة التركيبة السكانية في مصر.
ليس ذلك فحسب بل سيصل الامتداد العمرانى والسكانى لنسبة أكبر من مساحة مصر بعدما ظل التواجد السكانى في مناطق بعينها على امتداد نهر النيل لسنوات طويلة كما أن الأمر لا يتعلق فقط بالهرجة من الصعيد إلى الوجه البحرى بل يتعلق أيضا بالهرجة من الريف إلى الحضر والتي ستتقلص هي الأخرى بسبب المشروع القومى لتنمية الريف المصرى "حياة كريمة" والذى ساعد في توفير آلاف فرص العمل لأبناء القرى في مختلف محافظات الجمهورية.
الرئيس عبد الفتاح السيسى، عقب على حديث وزير النقل اليوم قائلا: "بقول للى بنتكلم فيه في الصعيد بس.. 1.6 تريليون جنيه للنقل بس.. أبو قير فيه أرصفة جديدة حوالى 6-7 كيلو بعمق 22 مترا على سبيل المقال.. مشروعات وزارة النقل حجمها كبير".
وأضاف الرئيس السيسي، خلال كلمته فى افتتاح مشروعات قومية جديدة بالصعيد: "حجم أخر لم يذكر هنا.. ومش هقول المفروض أنه يقولهم.. بقول حجم العمل اللى بيتم في مصر في كافة القطاعات.. 1.6 تريليون.. 1600 مليار.. في كل القطاعات.. الدكتور مصطفى مدبولى بيقولى 6.2 تريليون جنيه.. 6 آلاف مليار و200 مليون ولسه شغالين".
ووفقا لدراسة صدرت عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء في العام الحالي، تكشف بيانات الحركة الجغرافية للسكان بين الحضر والريف خلال العشر سنوات السابقة لتعداد 2017، أن إجمالي الهجرة الداخلية على مستوى الجمهورية بلغ حوالي 8.1 مليون مهاجر، موزعة بواقع 5 ملايين من المهاجرين انتقلوا إلى حضر المحافظة " من حضر محافظة أخرى أو من حضر نفس المحافظة أو ريف محافظة أخرى أو ريف نفس المحافظة"، وكان معظم المهاجرين اللذين انتقلوا من حضر المحافظة إلى حضر نفس المحافظة بنسبة 73.2% من إجمالي المهاجرين إلى الحضر.
وفي المقابل كان هناك 3.3 مليون من المهاجرين اللذين انتقلوا إلى ريف المحافظة من حضر محافظة أخرى أو من حضر نفس المحافظة أو من ريف محافظة أخرى أو من ريف نفس المحافظة، وكان غالبيتهم من المهاجرين اللذين انتقلوا من ريف المحافظة إلى ريف نفس المحافظة حيث بلغت نسبتهم 81.4% من إجمالي المهاجرين إلى الريف.
ويوضح التوزيع النسبي للمهاجرين من ريف الجمهورية إلى حضر المحافظات والعكس، أن عدد المهاجرين إلى حضر محافظات الجمهورية حوالي 684 ألف مهاجر بنسبة 0.7% من جملة عدد المهاجرين من سكان الجمهورية، وتقاربت نسبة المهاجرين إلى حضر محافظات الوجه القبلي وحضر الوجه البحري بنسبة بلغت حوالي 41% من إجمالي المهاجرين لكل منهما ثم تأتي بعد ذلك المحافظات الحضرية بنسبة بلغت 13.3%، بينما كانت محافظات الحدود هى أقل المحافظات التي تمت الهجرة إليها بنسبة بلغت 4,1% من إجمالي المهاجرين إلى الحضر.
وحظيت محافظة القاهرة بأكبر عدد من المهاجرين إليها على مستوى المحافظات الحضرية، حيث بلغ عدد المهاجرين إليها 58.5 ألف مهاجر بنسبة 8.6% من إجمالي المهاجرين، بينما كانت محافظة السويس أقل محافظة حضرية من حيث عدد المهاجرين إليها حيث بلغ 2.9 ألف مهاجر بنسبة بلغت 0.4% من إجمالي المهاجرين.
وعلى مستوى محافظات الوجه البحري، فنجد أن محافظة الشرقية حظيت بأعلى عدد من المهاجرين حيث بلغ عدد المهاجرين إليها حوالي 62 ألف مهاجر بنسبة 9.1% من إجمالي المهاجرين في تعداد 2017، تليها محافظة البحيرة فقد بلغ عدد المهاجرين إليها 37.4 ألف مهاجر بنسبة تقدر بحوالي 5.5% من إجمالي المهاجرين، بينما جاءت محافظة دمياط في المركز الأخير من حيث عدد المهاجرين إليها والذي بلغ عددهم 10.3 ألف نسمة تقدر بحوالي 1.5% من إجمالي المهاجرين.
كما أصدر الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء في 2020 دراسة أخرى عن بيانات التعداد العام للسكان فى الأعوام 1996، 2006، 2017، حيث تعتبر أفضل مصدر لبيانات الهجرة الداخلية فى مصر، ويتم فيها سؤال كل فرد من أفراد الأسرة المعيشية عن محل إقامته المعتادة السابقة لمحل إقامته المعتادة وقت التعداد، فإن اختلفت محافظة محل الإقامة السابق للفرد عن محافظة محل إقامته وقت العد أعتبر الفرد مهاجرا، وعلى هذا الأساس فإن البيانات تمثل آخر هجرة قبل إجراء التعداد مباشرة.
وبينت الدراسة، أنها لم تأخذ فى الاعتبار حركة الهجرة داخل المحافظة نفسها، أى لا يعتبر الفرد مهاجرا إذا تحرك داخل حدود نفس المحافظة، حتى وإن تحرك من ريف المحافظة إلى حضرها والعكس، أى أن يعتبر الفرد مهاجرا إذا سبق له إقامة معتادة فى محافظة مختلفة عن المحافظة التى كان يقيم فيها إقامة معتادة وقت التعداد.
وذكرت الدراسة أن هناك مجموعة من التغيرات التى طرأت على حجم واتجاه الهجرة الداخلية وخصائصها وأهم اسبابها، وذلك خلال الفترة من "1996-2017"، وقدرت الدراسة التى أجراها الجهاز، إجمالى عدد المهاجرين بين محافظات الجمهورية بحوالى 1.1 مليون نسمة عام 2017.
وأظهرت الدراسة، أن ما يقرب من ثلث هؤلاء المهاجرين انتقلوا إلى محافظة الجيزة بنسبة 31.2٪، حيث تم اعتبار الفرد مهاجرا فى تعداد 2017، إذا كان قد غير محل إقامته منذ عام 2006، وبلغت نسبة المهاجرين إلى محافظة القليوبية 17.7% تليها محافظة القاهرة 15.5% من إجمالى المهاجرين بمحافظات الجمهورية 2017.
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة المهاجرين بالفئة العمرية أقل من 20 سنة تبلغ 25.9٪، فى حين سجلت الفئات العمرية المنتجة "15-44 سنة" 60.9٪ والفئة "45-64 سنة" 11.5%، أما نسبة كبار السن "65 سنة فأكثر" فبلغت 1.8٪.
وأوضحت الدراسة، أن نحو 22.4٪ من المهاجرين حاصلين على مؤهل جامعى فأعلى، تليها نسبة الحاصلين على مؤهل متوسط فنى بنسبة 20.8٪ ثم يليها المهاجرين الاميين بنسبة 19.8%، وتهدف الدراسة الوصول إلى تقديرات مستقبلية للقوى العاملة والتعليم والصحة نتيجة الزيادة السكانية المقدرة، حسب الفرض الثابت والمتوسط للخصوبة خلال الفترة من "2017-2052".