سلطت دراسة حديثة الضوء على مسرح شباب العالم الذى قدمه منتدى الشباب بشرم الشيخ مساء أمس الإثنين، وأكدت الدراسة التي أعدتها الباحثة مى صلاح ونشرها المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أن النسخة الأولى لمسرح شباب العالم كانت في 2017، موضحة أن المسرح في نسخته الأولى كان أكثر من مجرد حدث فني، فلقد كان أبو الفنون بمثابة منصة للمواهب الشابة التي أتت من جميع أنحاء العالم.
وأشارت الدراسة إلى أنه في 2017، وعلى مدار ثلاثة أيام نابضة بالفن، أتاح المعرض للفنانين الواعدين إظهار فنهم وثقافتهم المختلفة والمبهرة، حيث أبهروا جمهورًا يضم آلاف الأشخاص من جنسيات وثقافات مختلفة. وبعد أن حالت الجائحة بين هذا السحر ومواهب الشباب، عاد أمس بقوة وإصرار على أن الفن هو العامل المشترك بين كل الثقافات، تحت شعار: "الفنون والثقافة جزء من التنمية وحق من حقوق الإنسان".
أوضحت الدراسة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي والسيدة حرمه السيدة انتصار السيسي شهد افتتاح اليوم الأول لمسرح شباب العالم في نسخته الثالثة، ليثبت أنه من أهم الفعاليات التي يشهدها المنتدى، وفي بداية حفل الافتتاح، بدأت مقدمة الحفل "آية الغرياني" حديثها عن المعاناة التي ألمت بشعوب العالم خلال عامين ماضيين، وكيف أثرت الجائحة بشكل كبير علينا، وبسببها فقدنا الثقة في عودة العالم إلى ما كان عليه، إلى أن فرضت علينا "وحدة المشاعر الإنسانية"، شكل المستقبل الجديد، وكانت هذه الوحدة تتمثل في مشاعر التقدير والامتنان للجيش الأبيض الذي كان هو الأهم في هذه المعركة ضد الجائحة، فهم يستحقوا مننا كل التحية.
وأكدت الغرياني في كلمتها أنه في خضم اللحظات الصعبة، انتصرت الإنسانية بالفن، فكانت الفنون والإبداع هما الحل لتهوين صعوبة أيام الجائحة، وأيضًا كل ما توصلت إليه التكنولوجيا من تطبيقات لتجعلنا متواصلين، رغم بعد المسافات، وطبعا لا ننسى دور الفن في تجمع العائلات والأصدقاء والأحبة، عبر الحفلات والمسرحيات التي فرضتها علينا الجائحة بأن تكون افتراضية، فغيرت بذلك من شكل تقديم الفنون إلى جميع محبيها.
وتحت شعار "الفن لإحياء الإنسانية"، تم افتتاح الليلة الأولى من مسرح شباب العالم في دورته الثالثة، وعلى مدار ثلاثة أيام ستشهد هذه الخشبة إحياء عروض من مختلف مدارس الفنون المختلفة من جميع أنحاء العالم، مجتمعين على أن الحياة لا بد أن تستمر ومعًا سنعود بقوة.
أشارت الدراسة إلى أن مسرح شباب العالم كان يقتصر دوره في البداية على اكتشاف المواهب من جميع أنحاء العالم، إلى أن جاءت توصيات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة تأسيس ورش فنية تجتمع معًا في شرم الشيخ وتصنع أعمال فنية، تطرح ثمار منتدى شباب العالم، ليصبح المسرح الذي لا يعرض المواهب الفنية، بل المسرح الذي يشارك في صناعتها.
ومن أول هذه الثمار، نتاج ورشة فنية أثمرت عن أغنية تم تقديمها بخمسة لغات مختلفة، ولكن يجمعها إحساس وشعور واحد، وهو الأمل في العودة إلى حياتنا الطبيعية قبل الجائحة. وأكدت هذه الأغنية بجميع لغاتها أننا لن نفقد الإيمان أبدا بأنفسنا وبقدرة الشباب على تحدي الصعاب وأن في اتحادنا قوة، ستتحقق بها أحلامنا.
ولفتت الدراسة إلى أن مسرح شباب العالم شهد العرض المسرحى الأول عن جائحة كورونا، وذلك بمشاركة 14 جنسية مختلفة، تم تقديم العرض المسرحي الذي عبر من خلاله المخرج "خالد جلال" عن رؤية مهمة، وكيف أن الجائحة قد قامت بالتأثير الكبير على الأجيال المختلفة بشكل عام، والفنانين بشكل خاص ليعبر كل منهم في النهاية عما مر به خلال الجائحة من وجهة نظره.
وأثبت العرض المسرحي أن كورونا قامت بتجميع العالم، وتوحيد القضايا المختلفة من حروب وإرهاب وعنصرية وتنمر وتطرف وكراهية، لتصبح هي وفقط محور الحديث والاهتمامات، وهي ما تؤثر على الماضي وستغير في جذور المستقبل، ولم يقتصر دورها على هذا وفقط، بل من وراء هذا الشيء الذي لا يرى بالعين المجردة ولا يستطيع أن يلمسه أحد أصبح هناك الكثير من الأثرياء، والكثير الكثير من الفقراء والجوعى والمرضى والمحرومين من حقهم في التعليم.
وفقا للدراسة تخلل العرض استعراضات ومؤثرات بصرية وصوتية، ليشعر من يشاهد أنه فعلًا يعاني من آثار الجائحة، ويستعيد ذكريات الفترة العصبية من حظر التجول واضطراره للبقاء في المنزل وعدم تمكنه من المغادرة إلى أي مكان، ليشاهد كل من يجلس كيف تمكنت كورونا من حيوات الناس، وإسقاطهم في شباكها واحدًا تلو الآخر، حتى الأطباء والمنظومة الطبية بأكملها لم تسلم من شرها وهي تحاربها بكل قوتها، لنتذكر جميعا شهداء الواجب، ونحييهم في كل وقت وحين.
وبالإغلاق توالت الحكايات، فتطرق العرض إلى المعاناة التي لاقاها الناس منذ بداية الجائحة، فقد تم إغلاق المطارات، ومنع الناس من السفر أو حتى العودة إلى أوطانهم، فبقوا معلقين لأيام امتدت لشهور، لا يعرفون متى الخلاص والنهاية، وسط رعب وذعر لا ينتهيان.
كما ذكّر العرض بأن كورونا لم تفرق بين مختلف الأطياف والألوان، الغني والفقير، الأبيض والأسود، فقد وحدت وجهتها لكل هؤلاء مجتمعين دون تفرقة، مذكرًا أيضًا بمن استغل الأزمة أسوأ استغلال وزاد على الناس معاناتهم وخوفهم، وحرمهم من حقهم في الوقاية من الوباء، لنشاهد اتحاد أصوات الصلوات بمختلف الأديان في مشهد روحاني عظيم، يجمع مختلف اللغات والجنسيات.
ولم ينس العرض أن يقدم بشكل كوميدي المعاناة التي واجهها الناس بدءًا من قناع الوجه وكيفية ارتدائه، مرورًا بالشائعات المريرة التي توالت على مدار الأيام والشهور بدون انقطاع ولا توقف، فضلًا عن الوصفات الطبية المضللة.
وجزء مهم قدمه العرض عن هذه الشائعات، لطالما سمعنا أصوات تهتف بجملة "ودعوا أحبابكم"، وأن "المنظومة الطبية" سقطت ولن يجد أي مصاب مكانًا بالمستشفيات لعلاجه، وأن من تصيبه الجائحة سيترك للموت دون أن يمسك به أو يساعده أحد. وعلى الصعيد الآخر وجدنا أصواتًا تدعو الله بأن تقينا شر هذا الوباء، وتفعل كل ما بوسعها لتطمئن الناس حتى يتمكنوا من تخطي المحنة سويًا.
وقدم العرض المسرحي التحية لكل من اضطره العمل للنزول ومواجهة الجائحة، مقدرًا كل ذرة جهد وتعب وسهر وتحدي، وبعد عن عائلاتهم، فقط من أجل مقاومة الوباء، وتأدية الواجب بمساعدة المحتاجين، فقد أقسم كل واحد فيهم بأن يراقب الله في مهنته، مهما كلف الأمر.
وبعد انتهاء العرض، قدم الرئيس تحية تقدير واحترام واعتزاز للعمل الفني الذي تم تقديم العالم من خلاله في رسالة مهمة ومؤثرة تدل على أن قوى مصر الناعمة حاضرة وبقوة.