شهدت الساعات الماضية تصريحات مشتعلة ما بين أرملة الإعلامى الراحل وائل الإبراشى، ونقابة الأطباء، بعد إعلانها عن وجود خطأ طبي في علاجه أدى لتدهور حالته ووفاته، بالإضافة إلى وصفها للأطباء بـ"القتلة"، وهو ما دفع النقابة لإصدار بيان رسمي تعلن فيه مقاضاتها بتهمة السب والقذف. وهو ما يفتح الحديث عن مشروع قانون المسئولية الطبية الذى تناقشه لجنة الصحة بمجلس النواب برئاسة الدكتور أشرف حاتم، والذى يحدد المسئولية الطبية بناء على مدى التزام مقدم الخدمة ومكان تقديمها أثناء الإجراء الطبى، بالقواعد المهنية وأخلاقياتها ذات العلاقة، ويدخل في تحديدها مكان تقديم الخدمة والمعايير الخاصة بها والعوامل والظروف السابقة واللاحقة التي تتبع عمل مقدم الخدمة الطبية أو الصحية المقدمة لمتلقي الخدمة، والتزام الطبيب بالقواعد والمعايير وجميع الإجراءات الخاصة بممارسة المهنة وفقا لدرجته العلمية ومجال تخصصهم.
من جانبه أكد الدكتور أيمن أبو العلا، عضو مجلس النواب، مقدم مشروع قانون المسئولية الطبية، أن هذا القانون سيساعد على تحديد المسئولية في مثل هذه الواقعة، قائلا:"سيساعد كل طرف في معرفة حقه دون اللجوء إلى التصريحات الانفعالية".
وأوضح "أبو العلا"، أن القانون ينص على أن تحديد جهة تقدم إليها الأوراق الخاصة بالواقعة لدراستها وتحديد ما إذا كان هناك مسئولية طبية أم لا، وهي اللجنة العليا للمسئولية الطبية، لافتا إلى أن اللجنة من حقها الاستعانة بمن تراه لكتابة تقريرها قائلا: "ليست جهة إصدار أحكام، ولكنها فقط معنية بكتابة تقرير فنى عن الواقعة."
وأضاف قائلا:" أتمنى أن يخرج هذا القانون للنور قريبا حتى لا نقع فى مثل هذه الأحداث المتكررة والتى تتبادل فيها الأطراف الاتهامات".
وأكد عضو مجلس النواب، أن قانون المسئولية الطبية لا يسعى لوجود عقوبة سالبة للحريات من خلال حبس الطبيب احتياطيا، موضحا أن اللجوء لحبس الطبيب لا يتم إلا في حالة حدوث خطأ طبى متعمد يستوجب الإحالة لمحكمة الجنايات.
وأوضح أن المسئولية الطبية لا تخاطب الطبيب فقط، وإنما مقدم الخدمة، قائلا: "قد يكون الطبيب سلك مسلكا خاطئا في العلاج أو العمليات الجراحية، بناء على تحاليل أو أشعة خطأ".
وأشار أبو العلا، إلى أن حصول المتضرر على التعويض يكون عن طريق صندوق المسئولية الطبية، مؤكدا أن التعويض في حالة الوفاة أو العجز الكلي قد يصل إلى ملايين، لافتا إلى أن تحديد المدة الزمنية التي يستطيع فيه المريض تقديم شكوى لظهور خطأ طبي، أمر متروك للائحة التنفيذية للقانون بعد صدورها، مشددا أن التشريع يستهدف حماية كلا من المريض ومقدم الخدمة الطبية.
وطالب الدكتور محمود أبو الخير، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، بمناقشة مشروع قانون المسئولية الطبية في الجلسة العامة لمجلس النواب، حتى يتم إصداره والعمل به، نظرا لأنه قانون مهم وضرورى وسيساهم في حل العديد من المشكلات، ويعد حماية للمريض والطبيب.
كانت نقابة الأطباء قالت في بيانها: "تؤكد نقابة أطباء مصر رفضها وإدانتها لتصريحات أرملة الإعلامي الراحل وائل الإبراشي عبر وسائل الإعلام المختلفة تلك التصريحات التي حملت اتهامات صريحة دون أية أدلة لأحد الأطباء والادعاء بحدوث خطأ طبي كان السبب في وفاة الفقيد، وذلك دون أي سند قانوني أو برهان طبي يدلل على صحة ادعائها ورغم مرور أكثر من عام على واقعة الخطأ التي نسبتها أرملة الفقيد لأحد الأطباء".
وكان الدكتور حسام حسنى، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، قد أعلن أن الإبراشي أصيب بفيروس كورونا في بداية الجائحة، وتم علاجه من قبل طبيب غير متخصص.
بدوره، قال الدكتور أيمن سالم، الأمين العام لنقابة الأطباء، إن الطبيب المعالج للإعلامي الراحل، قد تواصل مع النقابة العامة للأطباء وأكد صحة موقفه وأبدى استعداده على تقديمه لكافة التفاصيل التي تبرئ ساحته من ارتكاب أخطاء طبية خلال علاجه الإعلامي، مشيرا إلى أن النقابة قررت البدء في تلقى كافة الشكاوى المتُعلقة بالإبراشي والتحقيقات.
كما نصت المادة (29) من مشروع القانون على ان «يعاقب المسؤول عن المنشأة الطبية بالحبس أو بالغرامة التي لا تقل عن خمسون ألف جنيه، ولا تزيد عن مائتي ألف جنيه، إذا زاول النشاط دون تقديم وثيقة تأمين ضد المسئولية أو تجديدها وفقا لنص المادة ٢٣ من ذات القانون».
واوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون، أن الدستور يلزم بتقديم أفضل رعاية صحية للمواطن، وبالتالي لابد من الاهتمام بصحة المواطن وحمايته من أي أضرار يتعرض لها نتيجة أي إهمال أو رعونة من جانب مقدمى الخدمة الصحية.
وأشارت المذكرة إلى أنه خلال الفترة الماضية، شهد العالم، اكتشاف العديد من الأمراض في ظل التقدم التكنولوجي وكذلك تم اكتشاف طرق ووسائل حديثة للعلاج والتدخلات الجراحية، كما نتج عن ذلك وجود تدخلات طبية غاية في التعقيد، وهذه الممارسات قد يحدث عنها مضاعفات يصعب على الطبيب العادى أو أجهزة القضاء التمييز بين كونها مضاعفات محتملة لممارسات طبية أو أخطاء مهنية.
الأمر الذي دعا إلى وجود تشريع جديد ينظم تحديد المسئولية الطبية، وحماية المريض من أي أضرار يتعرض لها، خلال تلقيه الخدمة الطبية أو الصحية، وكذلك يضمن حماية الطبيب الذي يؤدي دوره المهني على أكمل وجه، ولاسيما في ظلّ عدم وجود تشريعات تواكب ذلك التطور التكنولوجى في مجال الطب، حيث مازال قانون مزاولة المهن الطبية الصادر عام ١٩٥٥ هو المنظم للعمل في ذلك المجال الطبي.
ونظرا لما شهده المجتمع المصرى خلال الفترة الماضية، من وقائع وأضرار نتيجة أخطاء طبية، كان من الضرورى الإسراع بإعداد تشريع جديد ينظم ذلك التداخل في المسئولية الطبية ويحقق الحماية لكل من المريض والطبيب، بحيث يحدد المسؤولية الطبية في تلك الوقائع.
ولفتت المذكرة إلى أن مصر تأخرت كثيرًا في إقرار هذا القانون، خاصة أن دولًا كثيرة سبقت مصر في ذلك، وبينها العديد من الدول العربية مثل ليبيا والإمارات.
واشارت المذكرة إلى ان مشروع القانون حرص على تنظيم تحريك الدعوى الجنائية ضد الأطباء، في مثل هذه الوقائع، حيث منع تحريكها إلا بموجب قرار من النائب العام، كما منع مشروع القانون حبس الأطباء احتياطيا إلا في حالات الجناية.
بالاضافة إلى تنظيم مسألة التأمين والتعويض، خاصة أن مصلحة المتضرر تقتضى أن يكون هناك شخص مليئ الذمة يستطيع الرجوع عليه بقيمة التعويض في حالة تعثر أو إفلاس مؤدى الخدمة الطبية.