أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، القرار رقم 13 لسنة 2022 بشأن العفو عن باقي العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة وثورة 25 يناير الموافقين الخامس والعشرين من يناير لعام 2022، ونشر القرار في الجريدة الرسمية في عددها الصادر أمس الأحد، حيث يُعد ذلك القرار ضمن عشرات القرارات التي أصدرها الرئيس خلال الفترات الماضية وكانت بمثابة بداية حياة جديدة لهؤلاء المساجين وأسرهم.
ويعد الإفراج بالعفو بمثابة قرار مصيري وقبلة الحياة، بالنسبة للكثير من المتهمين، حيث تعتبر اللحظة الأهم التي ينتظرها جميع نزلاء السجون، هي لحظة الإفراج عنهم والانطلاق لبدء حياة جديدة لرؤية الحياة كما اعتادوا عليها فى السابق، وعودتهم للحياة من جديد، حيث تشرق الشمس في حياة من تم الحكم عليهم بالسجن، ومستقبل يفتح صفحاته لميلاد جديد ينبعث في نفوس من ظنوا أنهم سيمكثون وقتًا أطول من موعد الإفراج بالعفو.
الرئيس يصدق على العفو عن آلاف المسجين منذ توليه الحكم
وفى تلك الأثناء – يكون اللقاء بالأهل والأصدقاء، تختلط ببعضها مشاعر بين ضحكات ودموع، وأشواق وأحضان، ينتظر الجميع إعلان اسمه بين كشوف العفو التي تعدها مصلحة السجون ويصدق عليها رئيس الجمهورية للإفراج عن عدد من النزلاء قبل انقضاء مدة العقوبة المحددة فى بشرى تحمل كل معانى البهجة والفرح والسعادة للسجناء وذويهم ينتظرونها مع كل مناسبة جديدة تأتى كل عام، وفى الخارج يترقب ويقف الأهالي ينتظرون بلهفة وشوق رؤية ذويهم ليذهبوا معهم أخيرًا إلى البيت بعد غياب وطول فراق، فى صورة ذهنية عبارة عن قلوب تشتاق وأعين تدمع، وزغاريد تنطلق هنا وهناك، باعتبارها اللحظة التي انتظرها الكثيرون وقد حان موعد اللقاء.
داخل السجون أعداد تنتظر دورها لعل يأتى من ينادى اسمها ليبشرها بأنه قد تم العفو عنهم بقرار من رئيس الجمهورية، ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى منصب رئاسة الجمهورية فى عام 2014 أصدر العديد والعديد من قوائم العفو شملت ألاف المحكوم عليهم، وقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة أنه قرر تشكيل لجنة دائمة لدراسة أوضاع المساجين، يصدق على توصيات اللجنة بشأن قرارات العفو الرئاسي، منذ انعقاد مؤتمر الشباب الأول وقد تلاحقت الإفراجات فى كل مناسبة يتم فيها إصدار قرار جمهورى بالعفو عن بعض المحكوم عليهم، وجاء أخرهم قرار رئيس الجمهورية رقم 13 لسنة 2022 بالعفو عن المحكوم عليهم بمناسبة أعياد الشرطة وثورة 25 يناير.
الفرق بين العفو عن العقوبة والافراج الشرطي
في التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على مسألة العفو بنصف المدة عن بعض الجرائم وشروطه، والفرق بين العفو عن العقوبة والإفراج الشرطي، وما هي أنواع قرارات العفو؟ وما هي العقوبات التبعية؟ والمستندات المطلوبة، وما هي الجرائم التي تستحق العفو بثلث المدة والأفراح الشرطي بنصف المدة؟ وماذا لو تعددت العقوبات المحكوم بها لجرائم وقعت قبل دخول المحكوم عليه السجن؟ وماذا إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيّدة للحرية قد قضى في الحبس الاحتياطي مدة معينه؟ وهل يجوز الغاء العفو بنصف المدة؟ من المختص بنظر الشكاوى التي تقدم بشأن الإفراج تحت شرط وفحصها؟ وهل يجوز الطعن علي قرار إلغاء الافراج الشرطي امام القضاء؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى.
أولا: العفو عن العقوبة وأنواعه
في البداية - أجاز القانون الإفراج عن كل من أمضى بالسجن نصف مدة العقوبة وفى حالة ما إذا كانت العقوبة هي المؤبد يشترط قضاء 20 سنة، وتوافر فيه شرطي السلوك الحسن وقت تنفيذ العقوبة وانعدام خطورته على الأمن العام، والعفو عن العقوبة هو تنازل من المجتمع عن بعض أو كل حقوقه المترتبة على الجريمة، وهناك نوعين من قرارات العفو "العفو الشامل – والعفو عن العقوبة"، أما العفو الشامل أو الرئاسي هو قرار يصدر من رئيس الجمهورية بموجب صلاحياته فى دستور 2014 بنص المادة 155، التى تنص على: "لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها، ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب" – وفقا لـ"الجعفرى".
ونصت المادة 76 من قانون العقوبات: "العفو الشامل يمنع أو يوقف السير في إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة، ولا يمس حقوق الغير إلا إذا نص القانون الصادر بالعفو على خلاف ذلك"، فالعفو الشامل هو قرار لابد أن يصدر في شكل قانون ووفقا لنص المادة 155 من الدستور لابد أن يتم بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب وفى حال غياب مجلس النواب طبقا لنص المادة 156: "إذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز له إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال 15 يومًا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار" – الكلام لـ"الجعفرى".
ما هي العقوبات التبعية؟
فقرار العفو الشامل فلابد لصدوره قانون ويقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، والعفو عن العقوبة سواء كانت بإسقاط عقوبة الإعدام أو السجن أو الحبس أو بتخفيضها لا يشمل العقوبات التبعية إلا إذا نص قرار العفو على ذلك، أما العقوبات التبعية المقصود بها فى قانون العقوبات على سبيل المثال العزل من الوظائف الأميرية، وكذلك وضع المحكوم تحت مراقبة البوليس، ومنع التحلي بأي رتبة أو نيشان.
ثانيا: قرار العفو عن العقوبة
ما هو قرار العفو عن العقوبة؟
قرار العفو عن العقوبة هو قرار لا يشترط لصدوره قانون ويصدر من رئيس الجمهورية لمن تم إدانته بحكم قضائي ويصدر قرار العفو عن العقوبة المحكوم بها، إما بإسقاطها كلها، أو بعضها، أو إبدالها بعقوبة أخف منها، فعلى سبيل المثال إذا كانت العقوبة الإعدام يستبدل بها عقوبة السجن المؤبد، والعفو عن العقوبة - كما ذكرنا من قبل - سواء كانت بإسقاط عقوبة الإعدام أو السجن أو الحبس أو بتخفيضها لا يشمل العقوبات التبعية إلا إذا نص قرار العفو على ذلك، والعقوبات التبعية المقصود بها فى قانون العقوبات على سبيل المثال العزل من الوظائف الأميرية، وكذلك وضع المحكوم تحت مراقبة البوليس، ومنع التحلى بأى رتبة أو نيشان.
ونصت المادة 74 من قانون العقوبات: "العفو عن العقوبة المحكوم بها يقتضي إسقاطها كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها مقررة قانونا، ولا تسقط العقوبات التبعية ولا الآثار الجنائية الأخرى المترتبة على الحكم بالإدانة ما لم ينص في أمر العفو على خلاف ذلك، ووفقا للمادة 75: "إذا صدر العفو بإبدال العقوبة بأخف منها تبدل عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد، وإذا عفي عن محكوم عليه بالسجن المؤبد أو بدلت عقوبته وجب وضعه حتماً تحت مراقبة البوليس مدة خمس سنين"، والعفو عن العقوبة أو إبدالها إن كانت من العقوبات المقررة للجنايات لا يشمل الحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عنها في الفقرات الأولى والثانية والخامسة والسادسة من المادة الخامسة والعشرين من هذا القانون، وهذا كله إذا لم ينص في العفو على خلاف ذلك.
ثانيا: الإفراج الشرطي
ما هي شروط الإفراج الشرطي والعفو عن المسجونين والمستندات المطلوبة؟
وفقا للمادة 52 من قانون السجون والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 2018 على أنه: "يجوز الإفراج عن كل محكوم عليه نهائيا بعقوبة مقيدة للحرية إذا أمضى فى السجن نصف مدة العقوبة وكان سلوكه أثناء السجن يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه، وذلك مالم يكن فى الافراج عنه خطر على الأمن العام ولا يجوز أن تقل المدة التى تقضى فى السجن عن 6 أشهر على اية حال.
أما إذا كانت العقوبة هى السجن المؤبد فلا يجوز الإفراج إلا إذا قضى المحكوم عليه 20 عاما على الأقل"، ونصت المادة 56 من ذات القانون من على أنه: "لا يجوز منح الإفراج الشرطى إلا إذا وفى المحكوم عليه بالالتزامات المالية المحكوم بها عليه من المحكمة الجنائية فى الجريمة، وذلك مالم يكن من المستحيل الوفاء بها"، فلابد من توافر عدة شروط للإفراج الشرطي والعفو بنصف المدة وهي:
1-أن تكون العقوبة المقيدة للحرية نهائية.
2-أن يقضى المحكوم عليه نصف المدة المحكوم بها.
3-أن يكون سلوكه أثناء السجن يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه.
4-ألا يكون فى الإفراج عنه خطر على الأمن العام.
5-ألا تقل مدة العقوبة التى قضاها بالسجن عن ستة أشهر.
6-إذا كانت العقوبة المؤبد فيجب أن يقضى فى السجن عشرين عاما على الأقل.
7-وفاء المحكوم عليه بالالتزامات المالية المحكوم بها إلا إذا استحال ذلك
ويختص مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون بالعفو بنصف المدة، وذلك طبقا للمادة 53 من قانون تنظيم السجون باعتبار العفو بنصف المدة من مراحل العقاب.
ما المستندات المطلوبة؟
1-دفع المصاريف الجنائية للقضية وإرفاق الإيصال الدال على ذلك بملف المسجون بالسجن.
2-قيام السجن بمخاطبة القسم التابع له محل إقامة المسجون للتحري عن ممتلكات المسجون إذا كان يوجد عليه التزامات مالية، ويقوم القسم بعمل التحريات اللازمة من خلال الشهر العقاري والضرائب العقارية والمرور والاملاك والجمعية الزراعية ببعض الأماكن عما إذا كان لديه ممتلكات من عدمه.
3-يتم استكمال ملف المسجون بالسجن وارساله إلى مصلحة السجون.
ويتم تشكيل لجنه لعرض الاوراق عليها وتخضع قرارات العفو لشروط وقوانين تنفذها وتشرف عليها لجنة من الإدارة العامة لمصلحة السجون بوزارة الداخلية، عقب إصدار القرار من رئيس الجمهورية، وفور الانتهاء من عمل اللجنة يتم عرض النتائج على رئيس الجمهورية للتصديق عليه.
ما هي الجرائم التى تستحق العفو بثلث المدة والأفراح الشرطي بنصف المدة؟
أما عن الجرائم التي تستحق العفو بثلث المدة، فينطبق الإفراج الشرطي على المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية فلا يطبق على غيرها من العقوبات، فلا يطبق على الحبس الاحتياطي ولا الإكراه البدني أو المحبوس بحكم غير نهائي ويطبق العفو على معظم الجرائم، غير أن القانون المصري استثنى بعض جنايات المخدرات من العفو بنصف المدة عدا التعاطي والإحراز بغير قصد الاتجار، والجرائم الخاصة بالجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من الخارج والداخل والمفرقعات والرشوة وجنايات التزوير والجرائم الخاصة بتعطيل المواصلات والجنايات المنصوص عليها في القانون الخاص بالأسلحة والذخائر وجنايات الكسب غير المشروع والجرائم المنصوص عليها بقانون البناء، وكذلك جرائم العسكريين كما نصت المادة 27 من لائحة السجون، كما أن اللائحة تشترط الموافقات الأمنية فى جرائم معينة كالقتل العمد والتزييف والسرقة وتهريب النقد والقبض على الناس بغير حق – هكذا يقول "الجعفرى".
ماذا إذا تعددت العقوبات المحكوم بها لجرائم وقعت قبل دخول المحكوم عليه السجن؟
نصت المادة 54: "إذا تعددت العقوبات المحكوم بها لجرائم وقعت قبل دخول المحكوم عليه السجن يكون الإفراج على أساس مجموع مدد هذه العقوبات، أما إذا ارتكب المحكوم عليه أثناء وجوده في السجن جريمة فيكون الإفراج على أساس المدة الباقية عليه وقت ارتكاب هذه الجريمة مضافاً إليها مدة العقوبة المحكوم بها عليه من أجل ارتكابها".
ماذا إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيّدة للحرية قد قضى في الحبس الاحتياطي مدة معينه؟
وفقا للمادة 55: "إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيّدة للحرية قد قضى في الحبس الاحتياطي مدة واجباً خصمها من مدة العقوبة فيكون الإفراج عنه تحت شرط على أساس كل المدة المحكوم بها، وإذا صدر العفو بتخفيض مدة العقوبة فلا يدخل في حساب المدة الواجب قضاؤها في السجن للإفراج المدة التي لا يصح بمقتضى العفو التنفيذ بها".
هل يجوز الغاء العفو بنصف المدة؟
نعم، يجوز إلغاء العفو ويكون بقرار ممن اصدره وهو مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون بناء على طلب من النيابة العامة وألا كان القرار باطلا، حيث نصت المادة 59 من قانون تنظيم السجون المعدلة بالقانون 106 لسنة 2015: "إذا خالف المفرج عنه الشروط التي وضعت للإفراج ولم يقم بالواجبات المفروضة عليه ألغي الإفراج عنه وأعيد إلى السجن ليستوفي المدة الباقية من العقوبة المحكوم بها عليه، ويكون إلغاء الإفراج في هذه الحالة بأمر من مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون بناءً على طلب رئيس النيابة في الجهة التي بها المفرج عنه، ويجب أن يبيّن في الطلب الأسباب المبررة له".
ونصت المادة 60: "لرئيس النيابة العامة من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب المدير أو المحافظ إذا رأى إلغاء الإفراج أن يأمر بالقبض على المفرج عنه وحبسه إلى أن يُصدِر مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون قراراً بشأنه ولا يجوز أن تزيد مدة الحبس على خمسة عشر يوماً إلا بإذن من النائب العام، وإذا ألغي الإفراج خُصمت المدة التي قضيت في الحبس من المدة الواجب التنفيذ بها بعد إلغاء الإفراج".
من المختص بنظر الشكاوى التي تقدم بشأن الإفراج تحت شرط وفحصها؟
نصت المادة 63 من قانون تنظيم السجون: "للنائب العام النظر في الشكاوى التي تقدم بشأن الإفراج تحت شرط وفحصها واتخاذ ما يراه كفيلاً برفع أسبابها".
هل يجوز الطعن على قرار إلغاء الافراج الشرطي امام القضاء؟
نعم، يجوز إذا خالف القانون ويكون ذلك بإقامة دعوى أمام محكمة القضاء الإداري ففي حالة توافر الشروط القانونية المعتبرة فى أى سجين ولم تفرج عنه مصلحة السجون يمكن له الطعن أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة فى قرار رفض الإفراج عنه تحت شرط مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الإفراج الشرطي عن المدعى من أى سجن مقيد الحرية به.