ألقى الهجوم الروسى على أوكرانيا صباح اليوم، بظلاله على جميع دول العالم بما فى ذلك مصر، حيث تعتمد مصر بشكل كبير على السياحة الروسية والأوكرانية بالإضافة إلى اعتماد مصر على استيراد القمح من كلا الدولتين، مما يشير إلى تأثر مصر سلبا بهذه الحرب والتى ربما تظهر نتائجها على مدار الشهور القادمة، خاصة مع ارتفاع أسعار البترول عالميا حيث وصل سعر البرميل إلى 100 دولار.
وفى هذا السياق تقدمت النائبة سناء السعيد، عضو مجلس النواب وعضو الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعي، بطلب إحاطة وبيان عاجل لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير التموين والتجارة الداخلية بشأن تأثير الحرب بين روسيا وأوكرانيا على واردات القمح إلى مصر.
وأشارت النائبة فى بيانها العاجل إلى أن مصر تستورد ما يقرب من ٨٠% من القمح من روسيا، تليها أوكرانيا، لافتة إلى أنه الحرب التى اندلعت بالفعل سترفع أسعار القمح دوليا، وبالتالى أسعار استيراده بالنسبة لمصر.
وتساءلت النائبة عن خطة الحكومة لمواجهة هذه الأزمة المنتظرة وتداعيتها المحتملة على المواطن، وتوفير المخزون الاستراتيجى من القمح لدى مصر.
وبدوره طالب النائب محمد عبدالله زين الدين، عضو مجلس النواب، الحكومة ممثلة فى وزارة التموين والتجارة الداخلية، وجميع الأجهزة الرقابية المختلفة بتشديد الرقابة على الأسواق بالتزامن مع إعلان روسيا عمليات عسكرية فى أوكرانيا.
وأشار النائب فى بيان له، إلى أن هناك العديد من التحذيرات سواء داخليا أو خارجيا بشأن احتمالية ارتفاع الأسعار بسبب تأثر أسعار النفط والعملة، وتأثير ذلك أيضا على عمليات الاستيراد والتصدير، قائلا:" للأسف الشديد البعض دفع المواطنين للسعى نحو تخزين احتياجاتهم من السلع مبكرا، خوفا من ارتفاع الأسعار، أو وجود عجز فى المعروض، لاسيما ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك."
ودعا عضو مجلس النواب، الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، بعمل نشرات مستمرة لطمأنة المواطنين بشأن مخزون السلع، وكذلك عرض الموقف وتداعياته لحظة بلحظة، قائلا:" لا يجب أن نترك المواطنين فريسة للشائعات."
وشدد محمد عبدالله زين الدين، على ضرورة قيام الأجهزة الرقابية بحملات تفتيشية بشكل مستمر وعلى كافة الأسواق، وعدم السماح لأى شخص بالتلاعب فى الأسعار واستغلال الأزمة القائمة.
على جانب آخر أكد النائب مصطفي سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن الصراع العسكري بين روسيا و أوكرانيا قد بدأ ولا أحد يعلم متى النهاية، و هل سيظل محدوداً أم ستتداخل فيه أطراف أخرى؟، مؤكدا أن كل الاحتمالات واردة وقابلة للتطور، قائلا:" تدحرجت كرة الثلج و لا ندري متى ستتوقف و إلى أي حجم ستتضخم."
وأضاف قائلا:"هي حرب من توابع تفكك الإتحاد السوفيتي في ديسمبر ١٩٩١ و لن تكون الأخيرة في تقديري، لكنيأثق تماماً في أن القيادة السياسية في مصر لديها من الحنكة و القدرة العالية على تقدير الموقف الإستراتيجي بعمق ووعي و على إتخاذ المواقف و القرارات التي تراعي مصالح الوطن و تفهم تشابكات العلاقات الدولية جيداً."
وأوضح "سالم" أن هناك بعض التداعيات التي ستؤثر على الإقتصاد المصري و على المواطن المصري في الفترة القادمة من جراء هذه الحرب رغم بعدها الجغرافي عنا و لكن كما نعلم فإن العالم قرية صغيرة.
وأشار سالم إلي أن روسيا وأوكرانيا يستحوذان على 29% من إنتاج القمح عالميا، حيث أنتجت روسيا 76 مليون طن من القمح العام الماضي، وتمثل صادرات روسيا من القمح إلى العالم نسبة 17% من إجمالي تجارة القمح في العالم .
ولفت إلي أن روسيا و أوكرانيا هما مصدر القمح الرخيص الأساسي لمصر و لا زالت مصر تحتاج حوالي ٤٠٪ من إحتياجاتنا السنوية للقمح ووفقا لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية فإنه خلال الفترة من يوليو 2020 إلى يونيو 2021 بلغت واردات القمح الروسي إلى مصر 8.96 مليون طن من إجمالي 13.3 مليون استوردتها مصر خلال هذه الفترة.
واستطرد:" لو توقف شحن القمح سيتضاعف سعره بشكل جنوني و حتى مع ما اتخذتة وزارة التموين من إجراءات وخطوات بزيادة مخزوناتها منه في الفترة الماضية فلن يبعد ذلك تماماً من تأثير المشكلة على مصر ، وتشير التوقعات إلى ارتفاع واردات مصر من القمح إلى 13.6 مليون طن خلال موسم 2021-2022 مقارنة بنحو 13.3 مليون طن في موسم 2020-2021ـ مؤكدا أنه سيرتفع استهلاك مصر بزيادة نسبتها 2.1% موسم 2020-2021، بسبب ارتفاع عدد السكان."
وتابع أيضا إرتفاع سعر البترول لما يزيد على ١٠٠ دولار للبرميل سينعكس سلباً على أسعار كافة المنتجات المستوردة لنا من الخارج، مشددا علي تفاقم الإرتباك الحاصل في سلاسل التوريد العالمية و التي بدأت منذ فترة كأحد توابع جائحة كورونا و الآن ستزيد المشكلة تعقيداً بما يضاعف أسعار الشحن العالمية.
وأكد وكيل لجنة الخطة ان روسيا و أوكرانيا أهم أسواق تصدير السائحين لمصر و كان لدينا أمل كبير في إنتعاش السياحة هذا العام لزيادة المعروض من النقد الأجنبي و زيادة معدلات نمو الإقتصاد المصري و الحفاظ على فرص عمل العاملين بقطاع السياحة و هو ما سيتأثر سلباً بتلك الحرب.
واستكمال "لو نقص المعروض من النقد الأجنبي فربما نتوقع تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار و هو ما سيؤدي إلى زيادة عبيء الموجة التضخمية الحالية و سنشهد مزيد من إرتفاعات الأسعار."
فيما قال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن مصر لديها مخزون استراتيجى من القمح يكفى لمدة 5 أشهر، مشيرا إلى قرب موسم حصاد القمح المحلى ليصبح المخزون الاستراتيجى كافى لمدة 9 أشهر على الأقل، مشيدا بموقف الحكومة التى رفعت سعر شراء القمح من المزارعين لتشجيعهم على الزراعة وهو ما يشير إلى ارتفاع الإنتاج المحلى وبالتالى تراجع القمح المستورد.
وأشار "عمر" إلى أن مصر ربما تتأثر بارتفاع أسعار البترول عالميا والذى صعد من إلى 100 دولار للبرميل مع بداية الهجوم الروسي، وهو ما يعنى تحميل الموازنة العامة مزيدا من الأعباء، قائلا:" ربما تستفيد مصر من هذه الحرب بارتفاع أسعار الغاز الطبيعى لتعويض نقص إمداد الغاز الروسى لأوروبا."
ومن جانبه أكد النائب طارق الخولي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، تفاقم الوضع على الصعيد الروسى الأوكرانى سيكون له تداعيات سياسية واقتصادية ضخمة على الصعيد العالمى بشكل عام، وعلى المنطقة بشكل خاص بما فى ذلك مصر.
وأكد "الخولي" أن العالم سيشهد تغيرات اقتصادية كبيرة مع زيادة ارتفاع أسعار البترول عالميا، إضافة إلى أن مصر لها علاقات اقتصادية وتعاون تجارى كبير مع كلا الدولتين، فيما يتعلق باستيراد القمح بالإضافة إلى أن قطاع السياحة يعتمد بشكل كبير على السوق الروسى والأوكراني، وهو ما ينذر بتأثره حال تفاقم الوضع أكثر من ذلك.
وتابع عضو لجنة العلاقات الخارجية، "سلاسل الامدادات التجارية العالمية بالتأكيد ستتأثر بحركة النقل التجارى وتداعيات ذلك على حركة التجارة العالمية"، مؤكداأن المشهد الحالى له أيضا تداعيات سياسية كبيرة وسيكون له انعكاسات على المشهد العالمي.
واختتم قائلا:" تفاقم الأزمة بشكل أكبر سيكون له تداعيات على العالم ككل وعلى المنطقة خاصة وتأثر ملحوظ لعدد من بلدان العالم حال استمرار الأزمة."