كانت ألوان النضال التي خاضها العمال من العوامل الأساسية التي أدت إلى الإقرار بعدد كبير من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى الأخص، بطبيعة الحال، الحقوق المتعلقة بالعامل نفسه، ويعتبر الحق في العمل أول الحقوق التي تقررها قوانين العمل الدولية وهو الأمر الذي يتضمن بعض الجوانب السلبية المتعلقة بالإرهاق الناجم عن الجهد العقلي والمتعلقة بالإرهاق الناجم عن الجهد العقلي أو البدني، وبالشقاء، بل وببعض درجات المكابدة.
كما أن العمل يوحى للكثيرين أنه أداء الواجب الثقيل على النفس، أي أننا نلجأ إليه باعتباره شيئا علينا أن ننهض به حتى يكتب لناء البقاء، وهكذا، فكثيرا ما يرجع الخلط في مفهوم الحق في العمل إلى اعتبار العمل واجبا، وفى هذا الجانب تنكشف العديد من حقوق العامل المهدرة أبرزها مسألة المواعيد والتقادم التي يجهلها العامل أو الموظف فتؤدى به إلى ضياع حقوقه التي ذكرها قانون العمل المصري رقم 12 لـ 2003، ويجب على صاحب العمل والعمال أن يطبقوا تلك المفاهيم عند تطبيق نصوص قانون العمل.
اعرف "المواعيد" حتى لا تهدر حقوقك
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على عدد من الإشكاليات تهم ملايين العمال والموظفين، أبرزها مواعيد سقوط الدعاوى العمالية وكيفية احتسابه، وكيفية تحديد تاريخ بدء النزاع الذي يبدأ معه ميعاد السقوط، والدعاوى المترتبة على عقد العمل بعد انتهاء العلاقة التعاقدية، والإجابة على السؤال.. لو تم فصلى من عملي، والمدة القانونية التي يجوز رفع الدعوى خلالها "45 يوما من تاريخ انتهاء التسوية الودية" انتهت، ولم ألجأ للمحكمة العمالية، هل معنى ذلك أن الدعوى تقادمت، ولا يحق لي رفع دعوى بعد هذا الموعد للمطالبة بحقوقي من الشركة التي قامت بفصلي تعسفياً؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض مصطفى زكى.
في البداية - تنص المادة 698 مدني فقرة 1، على أن:
"تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنه تبدأ من وقت انتهاء العقد إلا فيما يتعلق بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسبة المئوية من جملة الإيراد فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بيانا بما يستحقه بحسب أخر جرد".
كما أوضح "زكى"، أن المادة 387 تنص على:
1- لا يجوز للمحكمة ان تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها، بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنيه أو أي شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين.
2- ويجوز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام المحكمة الاستئنافية.
الدفع بسقوط حق العامل في المطالبة بالحق الناشئ عن عقد العمل بمضي سنة
والدفع بسقوط حق العامل في المطالبة بالحق الناشئ عن عقد العمل بمضي سنة بدايتها إنهاء عقد العمل، كما أن دعوى التعويض علي أساس الفصل التعسفي من الدعاوى التي تنشأ عن عقد العمل لا على أساس المسئولية التقصيرية، لذا يسري عليها التقادم الحولي، وهو ما أكدته محكمة النقض في الطعن المقيد برقم الطعن 623 لسنة 78 حيث ذكرت في حيثيات الحكم: "علم العامل يقينا بقرار فصله من تاريخ تقديم شكواه إلى مكتب العمل، ومطالبته بحقوقه العمالية بعد انقضاء سنة من هذا التاريخ، أثره يكون سقوط دعواه بالتقادم لا يغير من ذلك عدم مراعاة المهلة القانونية للإخطار بالفصل"، كما أن دعوى التعويض عن إخلال رب العمل بالتزامه بدفع الأجرة من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، أثره يكون سقوط الحق في المطالبة بمضي سنة بدايتها إنهاء عقد العمل"، وبذلك يكون ليس لك الحق طالما مرت سنة إلا الأرباح فقط.
طالما مرت سنة ليس لك الحق إلا الأرباح فقط
يكون للعاملين بالشركة نصيب فى الأرباح التي يتقرر توزيعها تحددها الجمعية العامة بناء على اقتراح مجلس الإدارة بما لا يقل عن 10% من هذه الأرباح ولا يزيد على مجموع الأجور الثانوية للشركة، وتبين اللائحة التنفيذية كيفية توزيع ما يزيد على نسبة الـ 10% المشار اليها على العاملين والخدمات التى تعود عليها بالنفع.
ولا تخل أحكام الفقرة السابقة بنظام توزيع الأرباح المطبق على الشركات القائمة وقت نفاذ هذا القانون إذا كان أفضل من الأحكام المشار إليها – الكلام لـ"زكى".
بناء على ما تقدم يحق لك طلب الأرباح السنوية عن مدة خدمتك في الشركة وفق أحكام نص المادة 41 من القانون رقم 159 لسنة 1981م - قانون الشركات المساهمة، وتلك الدعوى لا تسقط بالتقادم الحولي ويجوز رفعها فى غضون 15 عاما، ولا يخضع للتقادم الحولي دعاوى الحقوق التأمينية للعامل لأن مصدر هذه الحقوق ليس عقد العمل، وإنما قانون التأمينات الاجتماعية، كما لا يسرى على دعاوى التعويض عن إصابات العمل وفقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي، إذ أن هذا التعويض مصدره المشرع الذي رسم معالمه.
مدة لتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل في ظل قانون العمل الحالي
ولابد أن نعلم أن هناك مدة لتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فى ظل قانون العمل الحالي، والمواعيد المحددة في قانون العمل للجوء إلى المحكمة هي مواعيد تتعلق بالنظام العام فهي مواعيد سقوط، وإذا لم يلجأ العامل أو صاحب العمل إلى المحكمة خلال المدة المشار إليها سقط حقهم في اللجوء إلى القضاء للفصل في هذا النزاع بعد هذه المواعيد، وذلك نتيجة منطقية لأن الأصل أنه لا يمكن لأي من العامل أو صاحب العمل أن يلجأ لأي جهة قضائية بانتهاء تلك المواعيد.
أولا: اللجوء للمحاكم العمالية المنصوص عليها بالمادة 70 جوازي
لما كانت المادة 70 من القانون رقم 12/2003 تنص على: "إذا نشأ نزاع فردى بين صاحب العمل والعامل بشأن تطبيق أحكام هذا القانون، فلأي منهما أن يطلب من لجنة تشكل من خلال 10 أيام من تاريخ النزاع تسويته وديا، فإذا لم تتم التسوية وديا خلال 21 يوما من تاريخ تقديم الطلب جاز لأي منهما طلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية أو أن يلجأ إليها في موعد أقصاه 45 يوما، وإلا سقط حقه فى عرض الأمر على المحكمة".
مفاد نص المادة 70 من القانون رقم 12/2003 أنه: "جعل أمر اللجوء إلى اللجنة العمالية السابقة على اللجوء إلى المحكمة العمالية أمراً جوازياً وليس وجوبياً حيث جاء النص صراحة في المادة "70": ".... فلأي منهما أن يطلب من اللجنة تشكل من ......"، كما نصت المادة صراحة على جوازية طلب إحالة النزاع للمحكمة العمالية، كما نصت المادة على أن ميعاد السقوط يكون حتى في حالة عدم اللجوء للجنة حينما قررت أو أن يلجأ إليها في موعد أقصاه خمسة وأربعون يوما من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواء كان تقدم للجنة بطلب تسوية أو لم يتقدم به وإلا سقط حقه في عرض الأمر على المحكمة، وهو الأمر الذي يجعل اللجوء إلى اللجنة المذكورة بالمادة "70" جوازيا وليس وجوبياً.
ثانيًا: ميعاد سقوط الحق فى اللجوء للمحكمة العمالية وكيفية حسابه
يتلاحظ أن النص أشتمل على عدة مواعيد:
1- مع بداية النزاع للعامل أن يلجأ للجنة المشار إليها بالمادة 70 خلال "10" أيام.
2- ويتعين على اللجنة تسوية النزاع ودي خلال 21 يوم.
3- يتعين إحالة النزاع أو اللجوء للمحكمة العمالية خلال 45 يوم من يوم انتهاء مدة الـ 21 يوم المقررة لتسوية النزاع.
إذا ميعاد السقوط الـ "45" يوما تبدأ كالتالي بحسب الأحوال:
1- في حالة التقدم بطلب إلى اللجنة لتسوية النزاع وديًا يبدأ ميعاد السقوط من تاريخ انتهاء مدة الـ 21 يوما المقررة لتسوية النزاع أي خلال 66 يوما من تاريخ التقدم بطلب التسوية.
2- في حالة عدم التقدم بطلب إلى اللجنة يكون 76 يوما من البدء الفعلي للنزاع.
وتفاصيل ذلك:
أ- 10 أيام المهلة المقررة لتقديم الطلب للجنة من بدء النزاع.
ب-21 يوما وهي مهلة حل النزاع ودي.
ج- 45 يوما وهو ميعاد السقوط.
الإجمالي = 76 يوما إلا أن ذلك مشروط بإثبات التاريخ الفعلي لبدء النزاع.
ثالثًا: كيفية تحديد تاريخ بدء النزاع الذي يبدأ معه ميعاد السقوط
جرى قضاء محكمة النقض قبل تعديل نص المادة (71) و(72) من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 أي في ظل النص الملغي حيث قضت: "ميعاد سقوط الحق في الالتجاء إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائي (المحكمة العمالية) بدؤه من تاريخ بداية النزاع وأن امتناع المدين عن الوفاء بالحق للدائن عند مطالبته به هو تاريخ بدء النزاع وعدم تقديم المدين دليل قيام المنازعة قبل رفع الدعوى مؤداه اعتبار تاريخ إقامة الدعوى هو تاريخ بدء النزاع"، وذلك طبقا للطعن المقيد برقم 4462 لسنة 76 قضائية.
الأمر الذي يكون معه أن الأصل في تحديد تاريخ بدء النزاع الذي يبدأ معه ميعاد السقوط هو تاريخ إقامة الدعوى – طالما لم يقدم المدين دليل على قيام المنازعة قبل رفع الدعوى - ومن ثم ميعاد مطالبة العامل بحقوقه لدى صاحب العمل - في ظل قيام علاقة العمل - هو تاريخ قيد الدعوى أمام المحكمة - باعتباره هو الميعاد الذي بدأ بشأنه النزاع فيما يخص حقوق العامل وهو تاريخ إقامة دعواه ما لم يقم صاحب العمل بإثبات أن النزاع كان قائم قبل ذلك.
رابعا: الدعاوى المترتبة على عقد العمل بعد انتهاء العلاقة التعاقدية:
المنازعات التي تبدأ بعد انتهاء عقد العمل مثل دعوى المطالبة بالأجر وغيره تسقط بسنة طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني: "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة كاملة تبدأ من وقت انتهاء العقد"، فإذا اتخذ الأجر صورة عمولة أو مشاركة في الأرباح أو نسبة مئوية من جملة الإيراد ففي هذه الحالة لا تبدأ مدة التقادم الحولي إلا من الوقت الذي يسلم فيه صاحب العمل للعامل بيانات بما يستحقه حسب آخر جرد، ولا يغنى عن ذلك التصديق على الميزانية أو نشرها، وحكمة هذا الاستثناء كفالة حماية العامل من مماطلة صاحب العمل في تسليمه بيانا بمستحقاته رغبة في الاستفادة من التقادم الحولي، ويقوم تقادم دعوى المطالبة بالأجرة على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والرغبة في تصفية المراكز القانونية لكل من العامل وصاحب العمل على حد سواء.
ولا يقتصر القادم الحولي على دعوى المطالبة بالأجور وحدها بل يمتد ليشمل جميع الدعاوى الناشئة عن عقد العمل سواء كانت مرفوعة من العامل أو من صاحب العمل أو من ورثتهما أيا كان موضوعها، حيث يسري هذا التقادم على دعاوى العمال للمطالبة بحقوقهم سواء في ذلك الحقوق التي نشأت خلال سريان العقد كالأجور ، أو الحقوق التي ظهرت بعد انقضائه كمكافأة نهاية الخدمة، كما يسرى هذا التقادم على دعاوى التعويض عن إنهاء عقد العمل إنهاء مبتسرا أو التعويض عن الفصل التعسفي أو دون مراعاة مهلة الإخطار، إضافة إلي سريانه على دعوى العامل بإلغاء قرار إنهاء خدمته، ولا يخضع للتقادم الحولي دعاوى الحقوق التأمينية للعامل لأن مصدر هذه الحقوق ليس عقد العمل وانما قانون التأمينات الاجتماعية، كما لا يسرى على دعاوى التعويض عن إصابات العمل وفقا لأحكام قانون التامين الاجتماعي، إذ أن هذا التعويض مصدره المشرع الذي رسم معالمه.
لو تم فصلى من عملي، والمدة القانونية التي يجوز رفع الدعوى خلالها "45 يوما من تاريخ انتهاء التسوية الودية" انتهت، ولم ألجأ للمحكمة العمالية، هل معنى ذلك أن الدعوى تقادمت، ولا يحق لي رفع دعوى بعد هذا الموعد للمطالبة بحقوقي من الشركة التي قامت بفصلي تعسفياً؟
على الرغم من فوات مدة الـ " 45 يوما"، يمكن لك رفع دعوى ضد الشركة التي قامت بفصلك من العمل بشرطين:
الأول: أن يتم رفع الدعوى خلال سنة من نشأة النزاع، وليس بعد سنة.
الثاني: ألا يكون العامل قد لجأ لمكتب العمل، وقدم له شكوى وطلب بتسوية النزاع مع الشركة، لأنه في هذه الحالة يجب أن يرفع دعواه ضد الشركة خلال 45 يوم من تاريخ انتهاء التسوية الودية، وإلا سقط حقه فى رفعها لتقادم المدة.
فمحكمة النقض المصرية في حكمها في الطعن رقم 6361 لسنة 86 قضائية، الصادر في ديسمبر 2017، أجابت على هذا التساؤل، وميزت بين حالتين في شأن مواعيد سقوط الحق في رفع الدعوى العمالية.
المشرع المصري جعل اللجوء لمكتب العمل جوازياً
فالمشرع المصري جعل اللجوء لمكتب العمل جوازياً، بمعنى أن من حق العامل أن يلجأ لمكتب العمل، ويقدم له شكوى، ويطلب منه تسوية النزاع ودياً مع الشركة، أو يلجأ العامل مباشرة للمحكمة، لكنه إذا لجأ لمكتب العمل ينطبق عليه فى شأن مواعيد رفع الدعوى العمالية مدة التقادم المنصوص عليها بالمادة 70 من قانون العمل 12 لسنة 2003 حيث تكون مدة التقادم فى هذه الحالة "45 يوما" من انتهاء التسوية الودية.
وإجمالى المدة التي يجوز رفع الدعوى العمالية بشأنها منذ نشأة النزاع هي 76 يوما، على أن تكون خلال 45 يوما من انتهاء التسوية الودية، ويتم حسابها على النحو التالي:
1- للعامل خلال 10 أيام من تاريخ النزاع أن يلجأ لمكتب العمل لتسويته ودياً مع الشركة.
2- لمكتب العمل مهلة لمدة 21 يوم من تاريخ تقديم الطلب له أن يسوى النزاع ودياً بين الطرفين، أو يحيل الطلب للمحكمة إذا طلب أحدهما ذلك.
3- إذا عجز مكتب العمل عن التسوية الودية، يحب على العامل أن يطلب إحالة الملف للمحكمة فإن لم يطلب ذلك، أو طلب وتقاعس مكتب العمل في ارسال الملف للمحكمة يجب على العامل أن يلجأ للمحكمة خلال 45 يوما من تاريخ انتهاء مدة الـ 21 يوم، وإلا سقط حقه في رفع الدعوى.
أما إذا لجأ العامل مباشرة للمحكمة دون أن يقدم طلب تسوية لمكتب العمل، فينطبق عليه في هذه الحالة مدة السقوط المنصوص عليها في المادة 698 من القانون المدني، وهي سنة من تاريخ انتهاء العقد "الفصل/ نشأة النزاع"، فقد قضت محكمة النقض في حكمها في الطعن 14056 لسنة 80 والصادر في 22 مارس 2018: "الثابت أن الدعوى الراهنة رُفعت قبل العمل بأحكام القانون رقم 180 لسنة 2008 بتعديل أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 الذي أضاف لهذا القانون صياغة المادتين 70، 71 بعد أن ألغيتا وزال أثرهما من تاريخ صدور القانون الأخير في عام 2003 بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتهما في القضية رقم 26 لسنة 27 قضائية دستورية، وبالتالي تكون المواعيد التي تضمنتها المادة 70 المذكورة لرفع الدعوى قد زال أثرها بزوال المادة".
وفى كل الأحوال ننصح في حالة نشأة نزاع عمالي أن يبادر العامل برفع الدعوى العمالية، ولا ينتظر أكثر من شهر، لكن إن تجاوز المدة القانونية بسبب عدم معرفته بالقانون، أو كان يأمل في نجاح تفاوضه مع الشركة لكن التفاوض فشل، يمكن له أن يلجأ لهذه الاستشارة عند رفع دعواه، بشرط ألا تتجاوز المدة سنة.
رأى محكمة النقض في الأزمة
أصدرت الدائرة العمالية – بمحكمة النقض – حكماَ قضائياَ يهم ملايين العمال، رسخت فيه لعدة مبادئ حول مواعيد السقوط حال لجوء العامل لمكتب العمل واللجوء للمحكمة العمالية، قالت فيه: "مواعيد السقوط المنصوص عليها بالمادة 70 من قانون العمل 12 لسنة 2003 خاصة في حالة اللجوء لمكتب العمل، أما اللجوء إلي المحكمة العمالية مباشرة فلا تسري عليها مواعيد السقوط المنصوص عليها بالمادة 70 لكون اللجوء إلى اللجنة المنصوص عليها بالمادة 70 جوازياَ وليس وجوبياً".
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 6361 لسنة 86 القضائية، لصالح المحامى بالنقض مصطفى زكى، برئاسة المستشار عاطف الأعصر، وعضوية المستشارين محمد عبد الظاهر، وأحمد عبد الحميد البدوى، وحبشى راجى حبشى، وخالد بيومى، وأمانة سر محمد غازى.
نص المادة 70 من قانون العمل رقم 12 / 2003
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن المادة 70 من القانون رقم 12 / 2003 تنص علي: "إذا نشأ نزاع فردى بين صاحب العمل والعامل بشأن تطبيق أحكام هذا القانون، فلأى منهما أن يطلب من لجنة تشكل من خلال 10 أيام من تاريخ النزاع تسويته وديا، فإذا لم تتم التسوية وديا خلال 21 يوما من تاريخ تقديم الطلب جاز لأى منهما طلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلي المحكمة العمالية، أو أن يلجأ إليها في موعد أقصاه 45 يوما، وإلا سقط حقه في عرض الأمر علي المحكمة".
ومفاد نص المادة 70 من القانون رقم 12 / 2003 أنه: "جعل أمر اللجوء إلى اللجنة العمالية السابقة علي اللجوء إلي المحكمة العمالية أمر جوازياً وليس وجوبياً، حيث جاء النص صراحة في المادة “70": "فلأى منهما أن يطلب من اللجنة تشكل من (........) نصت المادة صراحة على أن ميعاد السقوط مقرر فى حالة اللجوء لمكتب العمل ما فى حالة اللجوء للمحكمة العمالية مباشرة فلا تسري هذه المواعيد.
وبحسب "الحيثيات" - المعني هنا واضح أن ميعاد السقوط 45 يوماً سواء لمن تقدم بطلب أو من في مواجهته لم يتقدم بطلب، والأمر في النهاية خاص بحالة اللجوء إلي اللجنة المشكلة بمكتب العمل، أما من يلجأ إلي المحكمة مباشرة دون أن يلجأ إلي مكتب العمل، فتسري ميعاد السقوط الوارد بنص المادة 698 من القانون المدني وهو سنة من تاريخ الفصل وهو ميعاد السقوط الوارد بالقانون المدني المتضمن النصوص الخاصة بالتقادم والسقوط إلا ما ورد بنص خاص وهي حالة اللجوء إلي مكتب العمل حيث لم تتضمن المادة 70 أي تنظيم للسقوط في حالة اللجوء إلي المحكمة مباشرة .
الخلاصة:
المادة 70 من القانون 12 / 2003 والمعدل بالقانون 180 / 2008 قد تحدثت عن حالة اللجوء إلي مكتب العمل، فجعلت ميعاد السقوط بالنسبة له 45 يوماً من تاريخ التسوية، وبالتالي فإنه من المفترض لتطبيق نص المادة سالفة الذكر أن يكون الطرف قد لجأ إلي مكتب العمل وأن تكون هناك تسوية حتى يبدأ ميعاد السقوط وهو 45 يوماً من تاريخ التسوية، ولم تتطرق المادة السابقة إلي حالة اللجوء للمحكمة العمالية المختصة مباشرة حيث افترضت المادة وجود طرف عامل أو صاحب عمل – تقدم بطلب إلي اللجنة وهناك طرف أحر في مواجهته لم يتقدم بالطلب، والمعني واقع في النص أن ميعاد السقوط الخمسة وأربعون يوماً سواء لمن تقدم بطلب أو من في واجهته لم يتقدم بطلب والأمر في النهاية خاص بحالة اللجوء إلي اللجنة المشكلة بمكتب العمل.
مواعيد السقوط بالأرقام
أما من يلجأ إلى المحكمة مباشرة دون اللجوء إلى مكتب العمل فلم تنظمه المادة "70" من القانون 12 / 2003 والمعدل بالقانون 180 / 2008 وبالتالي تسري علية ميعاد السقوط الوارد بالمادة 698 من القانون المدني، حيث نصت المادة "698" من القانون المدني علي الآتي:
تسقط بالتقادم الدعاوي الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد، إلا فيما يتعلق بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسب المئوية من جملة الإيراد، فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بيانا بما يستحقه بحسب آخر جرد.
وهذا الحكم يتعرض لأخطر نص قانونى تضمن سقطه من المشرع أسماها ميعاد السقوط لحق صاحب الشكوى سواء كان صاحب عمل أو عامل في اللجوء إلى المحكمة العمالية خلال 45 يوما من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية ونحن نسجل اعتراضنا على هذا الموعد على التفصيل التالي:
أ – الـ 76 يوما تفصيلها كالآتي:
- 10 أيام للجوء الى اللجنة " مكتب العمل " من تاريخ النزاع.
- 21 يوما للتسوية الودية.
- 45 يوما من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية وهي 21 يوما.
المجموع: 76 يوما.
ب – أن ميعاد الـ 76 يوما من تاريخ النزاع أو 45 يوما من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية فى حالة اللجوء إلى لجنة مكتب العمل هو ميعاد حتمي حيث رتب المشرع ميعادا على مخالفته وهو سقوط الحق.
ج- أن هذا الميعاد يخالف مواعيد التقادم والسقوط التي كانت سارية منذ نشأة القوانين العمالية بدأ من القانون 91 لسنة 1959 حيث كانت قوانين العمل المتعاقبة لا يتضمن ميعادا للجوء الى المحكمة، وبالتالي كانت تطبق أحكام القانون المدني وهي كالآتي:
1- نصوص القانون المدني المطبقة بشأن الحقوق العمالية منذ نشأة القوانين العمالية حتى 7/7/2003 تاريخ صدور القانون 12/200.
مادة 374: "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون وفيما عدا الاستثناءات التالية".
مادة 375: " يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين كأجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل الحكر وكالفوائد والإيرادات المترتبة والمهايا والاجور والمعاشات".
مادة 698: "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد" .
مادة 172: "تسقط بالتقادم دعوى التعويض عن العمل غير المشروع بانقضاء 3 سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه".
ومن جماع هذه المواد يتضح الآتي: -
1-أن تقادم الحقوق العمالية بصفة عامة 15 عاما.
2- تقادم المهايا والأجور 5 أعوام.
3- تقادم التعويض عن الإصابة الخطأ 3 سنوات.
4- تقادم الدعاوى الخاصة بالفصل والناشئة عن عقد العمل سنة من وقت انتهاء الخدمة.