رئيس "صحة الشيوخ": المشكلة السكانية من أخطر التهديدات التى تواجه الأمن القومى المصري
توصية بإنشاء هيئة مستقلة للسكان وتنميـة الأسـرة تتبع رئيس الجمهورية
وكيل "الشيوخ": قضية الزيادة السكانية أخطر التحديات وتحتاج تضافر كل الجهود
بدأ مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة اليوم، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، مناقشة أول دراسة من نوعها يقوم بها المجلس بشأن النمو السكانى وتنمية الأسرة، وذلك من خلال تقرير أعدته لجنة الصحة والسكان ومكتب لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعى بناء على الدراسة المقدمة من النائبة سهير عبدالسلام.
وقال المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ: "لقد أشرقت شمس ثورة الثلاثين من يونيو بأشعة واقع جديد، وعكست قدراً أكبر من التمكين للمواطن، وتُشير إلى مستوى أعلى من الاهتمام بالشأن العام، وهذا المناخ الجديد حمل فى طيّاته فرصًا سانحة لصياغة برنامج سكانى أكثر كفاءة وفاعلية".
وأضاف رئيس مجلس الشيوخ، أن ثورة 30 يونيو أفرزت دستورًا جديدًا تضمن ولأول مرة مادة تنص على أن: "تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، وذلك فى إطار تحقيق التنمية المستدامة".. وهى المادة (41) من الدستور، وتفعيلاً لذلك احتل الشأن السكانى الصفحات الأولى فى أجندة القيادة السياسية، وضعت استراتيجية قومية للسكان والتنمية ٢٠١٥ /٢٠٣٠، بغية الارتقاء بنوعية حياة المواطن المصري، من خلال العمل على خفض معدلات الزيادة السكانية واستعادة ريادة مصر الإقليمية، وذلك باتخاذ خطوات عملية لتحسين خصائص المواطن المصرى والمعرفية والمهارية والسلوكية، وإعادة رسم الخريطة السكانية فى مصر.
وتابع عبد الرازق: "ثم جاء المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية الذى أطلقه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى مستهدفًا الارتقاء بجودة حياة المواطن المصرى والأسرة المصرية، بضبط النمو السكاني، وكذا اتخاذ ما يلزم فى إطار الارتقاء بالخصائص السكانية من خلال عدة محاور: منها الاقتصادى ... والذى يعنى بتمكين المرأة المصرية اقتصاديًا، والخدمى بتوفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان للجميع مع المتابعة المستمرة، والثقافى؛ عن طريق رفع وعى المواطن المصرى بالمفاهيم الأساسية للقضية السكانية وبالآثار الاجتماعية والاقتصادية للزيادة السكانية، التشريعى؛ الذى يستهدف وضع إطار تشريعى وتنظيمى حاكم للسياسات المتخذة لضبط النمو السكاني، والإعلامى؛ نظرًا لأهمية دور الإعلام فى توعية المواطنين، إلى جانب ما يتعلق بملف التحول الرقمى بإنشاء منظومة إلكترونية باسم "منظومة الأسرة المصرية"، وكذا التوجه نحو تأسيس صندوق حكومى لتأمين وتنمية الأسرة المصرية، يمنح حوافز للأسر الملتزمة بمحددات ضبط النمو السكاني.
واستطرد رئيس مجلس الشيوخ: "إن مجلسكم منذ يومه الأول لم يدخر جهدًا فى السعى إلى تحقيق آمال الشعب ودعم القيادة السياسية فى مبتغاها الوطني، وقد أعانه فى رسالته التعاون البنَّاء مع الحكومة الرشيدة، فجاءت الدراسة التى ستعرض عليكم ثمرة جهد وعلم لجنة الصحة والسكان بالاشتراك مع مكتب لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي، وأراها خطوة هامة على الطريق الصحيح، حيث نكأت جراح المشكلة السكانية وثبطت أغوارها فوقفت على أسبابها الحقيقية خلال العقود الماضية وأشارت إلى سبل علاجها بعد أن استعانت بالخبراء المتخصصين على المستوى الرسمى والشعبي، واستمعت إلى وجهات نظر الوزراء المعنيين وغيرهم من ممثلى الجهات ذات الصلة".
واستكمل موجها حديثه للأعضاء: "بين أيديكم دراسة داعمة لاستراتيجية الدولة نحو رؤية مصر 2030، أدعوكم والحكومة إلى مناقشتها والدلو بخبراتكم فيها تمحيصًا وتفنيدًا لتخرج من مجلسكم برؤية ثاقبة، توصف الدواء لداء خبيث يعيق مجهودات الدولة الجبارة نحو التنمية الشاملة، التى يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي.. وفقنا الله لما فيه الخير للشعب المصرى العظيم".
واستعرض الدكتور محمد جزر، رئيس لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ، التقرير، وقال إن اللجنة انتهت إلى توصيات هامة لمواجهة قضية الزيادة السكانية، منها الحد من البطالة وتوفير فرص العمل، ودعم وتعزيز الصحة الإنجابية وخدمات الأسرة وتوفير وسائل تنظيم الأسرة، والتوعية بخطورة القضية وبخطورة الزواج المبكر، وأهمية مواجهة الأمية والتسرب من التعليم، وتجديد الخطاب الدينى.
وأشار إلى أن المشكلة السكانية من أخطر التهديدات التى تواجه الأمن القومى المصرى لما لها من تأثيرات مباشرة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية على حد سواء، ولكونها عاملا سلبيا مباشرا على الجهود الكبيرة التى تبذلها القيادة السياسية فى تنمية موارد الدولة.
ولفت إلى أن اللجنة أوصت بإنشاء هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإداري، تتبع رئيس الجمهورية تحت مسمى (الهيئة القومية للسكان وتنميـة الأسـرة)، لضمـان منحهـا عـوامـل القـوة والاستقلال واستقرار، وتحـل الهيئة محـل المجلس القومى للسكان، وغيره مـن الجهات والكيانات الإدارية ذات الاختصاص فـى مجـال السـكان.
وذكر أن الدراسة حذرت، من مواجهة مصر تهديدا حقيقيا حال عدم اتباع سياسة سكانية منضبطة وتحرك حاد من الدولة بكافة أدواتها ومؤسساتها، لاسيما وأنه من المتوقع فى ظل استمرار معدلات الزيادة غير المنضبطة أن يصل عدد السكان إلى 128 مليون نسمة بحلول عام 2030، و183 مليون نسمة بحلول عام 2050.
وفى هذا الصدد، شددت الدراسة على ضـرورة كبح جماح الزيادة السكانية العشوائية، لأن استمرار مستويات النمو على الوضع الحالى سيؤدى إلى تراجع العائد من جهود التنمية، وبما لا يؤثر على نوعية الحياة فحسب بل سيشمل تهديدا للأمن القومي.
وعلى جانب تمكين المرأة، نوهت الدراسة للاهتمام الكبير الذى توليه القيادة السياسية لتمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا وعلميا باعتبارهـا قـوة قـادرة على تحسين محيطها الأسرى والاجتماعي، بما يؤدى إلى تحسن الخصائص السكانية والأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية الأسرة.
وترى الدراسة، عدم تمكن الهيئة العامة لمحو الأمية من تحقيق المستهدف فى محو الأمية، مما يتطلب تطوير ومتابعة وتقويم عمل الهيئة العامة لمحو الأمية، وربط مشروعات محو الأمية بمشروعات تخرج طلاب الجامعات المصرية، بحيث يتم إلزام كل طالب بمحو أمية 3 أفراد على الأقل كشرط تخرج وتشجيع الجمعيات الأهلية على تقديم خدمات محو الأمية.
وشددت الدراسة، على أهمية وضع سياسات مناسبة للحد من البطالة التى تمثل عائق فى طريق التنمية وتحسين الأحوال المعيشية للأسرة ومحاربة انتشار الفقر بين المتعطلين عن العمل، مشيره لضعف الدور التوعوى والتثقيفى فى مصر خلال العقدين السابقين، وعدم قيام وزارتى الثقافة والإعلام بدورهم المنوطة بهم فى التوعية والتثقيف فى مجال الزيادة السكانية أو فى أى مجال يتطلب التوعية المخططة والعلمية.
وأوضح جزر، أن تقرير اللجنة انتهى لصياغة عدد من التوصيات الهامة من واقع دراسة البحث المقدم والاطلاع على أكثر من 30 بحثا فى هذا المجال ونقاشات مستفيضة بين أعضاء اللجنة المشتركة والضيوف من الوزراء ورؤساء المجالس المختصة والخبراء المهتمين بهذه القضية، والواجب العمل عليها بصفة عادلة وإنزالها إلى أرض الواقع، تتعلق بتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، وفى مقدمتها توفير رصيد كافى من الوسائل وتيسر الحصول على خدمات الأسرة والصحة الإنجابية، إلى جانب التوصيات الثقافية والتوعوية والدينية ومنها توعية الطالبات فى المدارس بخطورة الزواج المبكر، تجديد الخطاب الدينى وعرض القضية من منظور دينى وسطي.
وفيما يخص التوصيات التحفيزية كان أبرزها دراسة وثيقة تأمين مؤجلة للسيدات اللاتى تلتزمن بضوابط تنظيم الأسرة، ومنح الأسر النموذجية كارت ذكى يحتوى على بعض الخدمات، وتخصيص نسبة لقضاء فريضة الحج للأبوين بالأسر النموذجية، ونسبة من الإسكان الاجتماعي.
ودعت اللجنة على الجانب التنموي، إلى أهمية تعزيز جهود التحاق الفتيات بالتعليم الثانوى والجامعى وخلق فرص عمل لهم، ودعم المشروعات الصغيرة فى هذا الصدد.
من جانبه، قال الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والقائم بأعمال وزير الصحة، إن مشكلة الزيادة السكانية قضية يرجع تاريخها لأزمان طويلة، وكلنا نتذكر المقترحات والدراسات التى تمت فى هذا الصدد منذ زمن طويل، ولكن كنا دائما نقف عند التنفيذ على الأرض.
وتابع: "لابد أن يكون هناك تنسيق بين النمو السكانى والنمو الاقتصادى، بحيث يتماشى الأمرين معا"، مضيفا، "لكن للأسف النمو السكانى يفوق النمو الاقتصادى بكثير، وبالتالى أى تطور فى الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية لن تكون على نفس القدر الذى يتماشى مع الزيادة السكانية".
وأشار إلى المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية الذى تم اطلاقه برعاية رئيس الجمهورية فى 28 فبراير من هذا العام، وأضاف إنه هناك 5421 وحدة صحية منتشرة على مستوى انحاء الجمهورية، تقدم خدمات خاصة بتنظيم الاسرة سواء من خلال 582 عيادات متنقلة و3585 وحدة ثابتة لصحة المرأة وهناك خدمات ما قبل الزواج.
وقال عبد الغفار، "بالنسبة لعملية التدريب والتأهيل فى مجالات محو الأمية والصحة الانجابية تم تدريب عدد من الطلاب فى الجامعات، وإصدار وإجراء كثير من الندوات التثقيفية فى أكثر من 11 محافظة لتوعية 12 ألف طالب، بالإضافة إلى برامج تدريبية مع رجال الدين والدعاة بوزارة الأوقاف لتنشيط المناقشات حول تحسين المفاهيم حول صحة المرأة والطفل من خلال قطاع السكان وتنظيم الأسرة والمجلس القومى للسكان.
وأكد "عبد الغفار": "الفكر المقدم من الدراسة ليس حجر فى مياه راكدة"، مضيفا: "المشكلة السكانية فى قلب وعقل الحكومة المصرية والقيادة السياسية، وسوف يتم ضم الدراسة التى أعدتها اللجنة البرلمانية بالشيوخ للمشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية".
بدورها، قالت الدكتورة مايا مرسى، رئيس المجلس القومى للمرأة، إن المشروع القومى لتنمية الأسرة الذى يقوده رئيس الوزراء تحت رعاية رئيس الجمهورية هو استحقاق دستورى لضبط النمو السكانى مع الارتقاء بخصائص السكان.
وذكرت مايا مرسى، 6 رسائل أساسية يتم العمل بها فى مشروع تنمية الأسرة المصرية وهى أنه لا يمكن استدامة نتائج التنمية ومؤشراتها الإيجابية بمعزل عن السياسات السكانية، وأن تداعيات القضية السكانية ترتبط ارتباطا وثيقا بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية ضمن مبادئ حقوق الإنسان بالمفهوم الشامل وارتباط القضية السكانية بحقوق المرأة والطفل، وأن الاستثمار فى البشر يعنى تعليم جيد وتغذية مناسبة للطفل وخدمات صحة ملائمة وأيضا إشراك القيادات الدينية فى المسئولية.
وتابعت قائلة: الهدف من المشروع ضبط النمو السكانى والارتقاء بخصائص السكان للارتقاء بحياة المواطن المصرى. وقالت مرسى: محاور المشروع هو التمكين الاقتصادى والعمل على التدريب وخلق مشروعات صغيرة ووحدات إنتاجية وتوفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان فى المستشفيات التكاملية ووحدات الأسرة المنتشرة فى مصر بالإضافة الى التدخل التعليمى مع رجال الدراما والدين والجامعات وكذلك التحول الرقمى وربط قواعد بيانات الأسرة المصرية وهو أمر يحدث لأول مرة فى مصر ومن خلاله سنعرف السيدة المستهدفة أخدت كام خدمة ومن أى جهة.
وقالت: يستهدف البرنامج أيضا توفير حافز مادى ووثيقة تأمينة ادخارية لصالح المرأة والأسرة فى سن معين، وأضافت: المشروع القومى لتنمية الأسرة له دعم سياسى غير مسبوق وهو منظور تنموى شامل، مضيفة: نعمل على تغليظ عقوبة الزواج المبكر وعمالة الأطفال وعدم تسجيل المواليد لتشمل العقوبة ولى الأمر.
وأشارت إلى أن محاور أخرى للمشروع تستهدف تمكين المرأة وربط التعليم الفنى بسوق العمل والقضاء على العنف ضد المرأة والشمول المالى والقضاء على الزواج المبكر، قائلة: نعمل مع الكنيسة والأزهر والأوقاف ومع الأئمة والقساوسة للتوعية بينزلوا القرى للتوعية وبيعملوا جلسات ونسميها جلسة دوار العمدة. واختتمت حديثها قائلة: يا رب ننجح لأنه ليس لدينا فرصة للفشل.
فيما، قالت النائبة فيبى فوزى، وكيل مجلس الشيوخ، إن القضية السكانية من أخطر المشكلات التى تواجه المجتمع وتحتاج إلى تضافر جهود كل مؤسسات المجتمع لمواجهتها.
وتابعت: "جاءت تحذيرات الرئيس عبد الفتاح السيسى المتكررة من خطورة هذه المشكلة كإنذار بالغ الأهمية، يستهدف لفت الانتباه إليها وسرعة معالجتها، وللحقيقة والتاريخ فإن هذا الخطر ماثل أمام صانع القرار منذ عشرات السنين، وقد تنوعت الخطط التى تم اتباعها - و التى رصد التقرير بالفعل جانباً منها - غير أن النتيجة تفاوتت بين النجاح الجزئى وبين الإخفاق".
وأضافت أنها تضع فى الاعتبار عدة حقائق حول القضية المطروحة، أولاً، أن الأمر بات يتطلب تدخلا نوعيا مختلفا، مستطردة: أتصور أن كافة الهيئات والمؤسسات المعنية سواء حكومية أو من المجتمع المدنى أو القطاع الخاص كلها مدعوة للمشاركة فى وضع تصور شامل لمواجهة هذا التحدى الخطير ، واقتراح البدائل الممكنة للتعاطى معه" .
وقالت: ثانيا، أدعو بصفة خاصة رجال الدين الإسلامى والمسيحى للمشاركة الفاعلة فى طرح كل ما يتعلق برؤية الدين لمفهوم تنظيم الأسرة وأهمية الحفاظ على الثروة البشرية وعدم إهدارها بهذا الشكل العشوائى وبزيادة غير منضبطة يمكنها أن تدمر كل مقدرات الوطن، هذه الدعوة تنطلق من وعى بأن جانباً كبيراً من المشكلة له طابع دينى وثقافى واجتماعى.