حالة من الشلل يشهدها البرلمان العراقى بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية والتي تمثل الأغلبية البرلمانية، وذلك بعد فشل البرلمان منذ انتخابه في أكتوبر الماضى لتشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية، مما طرح تساؤلات كثيرة حول شرعية المجلس بعد هذه الاستقالة، ومصيره الذى أصبح مهددا بالحل.
وتصاعدت الأحداث داخل البرلمان العراقى خلال الساعات الماضية بعد أن قبل رئيس المجلس محمد الحلبوسى الاستقالة الجماعية لنواب الكتلة الصدرية، وقال الحلبوسي إن استقالة نواب الكتلة الصدرية التي يتزعمها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر نافذة، وسيخلفهم من حل بعدهم في عدد الأصوات في الانتخابات.
وقال الحلبوسي "تنتهي عضوية أي نائب من أعضاء مجلس النواب بشكل مباشر عند تقديم الاستقالة أو الوفاة أو المشاركة في عمل تنفيذي، وبالتالي فإن (استقالة أعضاء الكتلة الصدرية) لا تحتاج إلى تصويت" مجلس النواب العراقي.
وأوضح أن تصويت مجلس النواب على استقالة أعضاء منه "يقتصر على ثلاث حالات فقط: الأولى الطعن بصحة العضوية والثانية الإخلال الجسيم بقواعد السلوك الانتخابي والثالثة تجاوز النائب حد الغيابات المسموح به"، مشيرا الى ان هذه الحالات لا تنطبق على الاستقالات.
وأكد الحلبوسى في تغريدة له على تويتر، إنه نزولا عند رغبة الصدر "قبلنا على مضض طلبات إخواننا وأخواتنا نواب الكتلة الصدرية بالاستقالة من مجلس النواب العراقي"، وأضاف "لقد بذلنا جهداً مخلصاً وصادقاً لثني سماحته عن هذه الخطوة، لكنه آثر أن يكون مضحياً وليس سبباً معطِّلاً؛ من أجل الوطن والشعب، فرأى المضي بهذا القرار".
وأصدر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر أمرا بإغلاق أغلب المؤسسات التابعة للتيار الصدري في العراق، وقال الصدر في بيان إنه "على رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري أن يقدم استقالات الأخوات والإخوة في الكتلة الصدرية إلى رئيس مجلس النواب، مع فائق الشكر لهم لما قدموه في هذه الفترة القصيرة جزاهم خيراً كما الشكر موصول لحلفائنا في تحالف إنقاذ الوطن لما أبدوه من وطنية وثبات.. وهم الآن في حل مني جزاهم الله خير الجزاء".
لم تقف التطورات عند هذا الحد بل بعد ساعات من الاستقاله أعلن محمد جعفر الصدر، سفير العراق لدى بريطانيا، انسحابه من ترشحه لرئاسة الحكومة، وقال في تغريدة على "تويتر": "كنت قد قبلت ترشيح الصدر دعماً لمشروعه الوطنيّ الإصلاحيّ، وقد حان الآن وقت الاعتذار والانسحاب"، مضيفاً: "شكراً له ولتحالف إنقاذ الوطن على ثقتهم".
ومنذ إجراء الانتخابات النيابية في العاشر من أكتوبر الماضي، لم تتمكن القوى السياسية العراقية من تأليف الحكومة الجديدة، بسبب رغبة تحالف "إنقاذ الوطن" بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، بتشكيل حكومة "أغلبية وطنية" فيما تسعى قوى الإطار التنسيقي، إلى حكومة "توافقية"، كما أخفق البرلمان ثلاث مرات في انتخاب رئيس للجمهورية، متخطيا المهل التي ينص عليها الدستور، فيما يتوقع المتابعون أن يزيد المشهد تأزما بعد تلك الاستقالة.
وينص قانون الانتخابات العراقي على أنه عند استقالة نائب، يتولى منصب النائب المستقيل صاحب ثاني أكبر عدد من الأصوات في دائرته وشرح المحلل السياسي العراقي عباس كاظم في مركز "أتلانتيك كاونسل" في تغريدة أن ذلك "يعني توزع مقاعد الصدريين الـ73 على مختلف الأطراف السياسية". وأضاف "يتوقع أن يستفيد الإطار التنسيقي من ذلك بارتفاع عدد مقاعدهم، وكذلك المستقلون".
ورغم ما ستحدثه الاستقالة من أزمة سياسية، إلا أنه حتى الآن لم تتضح الرؤية حول طرق الحل وكيفية العبور بالبرلمان دون أن يلقى مصير "الحل" والدعوة لانتخابات مبكرة، وتحدد المادة 64 من الدستور العراقي الحالات التي تسمح بحل البرلمان، حيث تنص على "اولاً: يُحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه او طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.
كما تنص :"ثانياً: يدعو رئيس الجمهورية عند حل مجلس النواب الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً ويواصل تصريف الامور اليومية".
وبالتالي وفقا للدستور فالبرلمان مستمر في مواجهة الأزمة السياسية، طالما لم تطلب الأغلبية حله أو طلب من رئيس الحكومة، ولن تفلح محاولات البعض باللجوء للمحكمة العليا لحل البرلمان لأنها ليست جهة اختصاص.