استعدادات وجهود مكثفة تبذلها وزارة الموارد المائية والرى لتنظم جناح المياه المقرر عقده ضمن أنشطة مؤتمر قمة المناخ COP27 والذى سيقام فى مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر القادم، بالإضافة إلى اطلاق عدد من المبادرات الدولية الجارى الإعداد لها للتكيف مع التغيرات المناخية فى قطاع المياه، بالتعاون مع أكثر من 20 منظمة دولية، وذلك فى إطار مساعى مصر لدمج ملف المياه والعمل المناخي.
أكد الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى أن قضية التغيرات المناخية تُعد من أهم القضايا التى يواجهها العالم فى الوقت الحالى، نظراً للآثار الواضحة والمتزايدة للتغيرات المناخية على الموارد المائية والإنتاج الغذائى حول العالم والتسبب فى الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة وإرتفاع منسوب سطح البحر، بالإضافة لما تشهده مصر من ظواهر جوية متطرفة وغير مسبوقة مثل الأمطار الشديدة التى تضرب مناطق متفرقة من البلاد، الأمر الذى يستلزم تكثيف الجهود فى مجال التكيف مع التغيرات المناخية، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتقليل من الانبعاثات للتخفيف من التغيرات المناخية، مشيراً إلى أن 80% من الكوارث الطبيعية فى العالم مرتبطة بالمياه مثل الفيضانات وموجات الجفاف وغيرها، موضحاً عدد من الحالات البارزة لنتائج التغيرات المناخية حول العالم مثل التراجع الشديد فى مساحة بحيرة تشاد بوسط افريقيا وبحر آرال بآسيا الوسطى وتراجع كميات الثلوج على قمة جبل كليمنجارو بأفريقيا، مضيفاً أن الهجرة الغير شرعية قد تتزايد حدتها نتيجة لندرة المياه أو غرق المناطق الساحلية أو السيول الومضية.
أوضح عبد العاطى حجم التحديات التى تواجه قطاع المياه فى مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية، حيث أنه من المتوقع حدوث زيادة السكان فى مصر لحوالى من 75 مليون نسمة فى عام 2050، بالإضافة لمحدودية الموارد المائية، حيث تُقدر موارد مصر المائية بحوالى60 مليار متر مكعب سنويا من المياه معظمها يأتى من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحارى، وفى المقابل يصل إجمالى الاحتياجات المائية فى مصر لحوالى 114 مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنوياً من المياه.
كما أوضح الدكتور عبد العاطى أن هذه التحديات تستلزم بذل مجهودات كبيرة لمواجهتها سواء على المستوى المجتمعى من خلال وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث، أو على المستوى الحكومى من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعى، مؤكداً أن مصر لديها خبرات وطنية متميزة فى مجال الموارد المائية والرى، بالشكل الذى يمكنها من التعامل مع مثل هذه التحديات بمنتهى الكفاءة وإيجاد الحلول العملية لها من خلال تحويل مثل هذه التحديات لفرص يستفيد منها المصريين، وأن القلق الصحى وليس المرضى الذى نشعر به هو الذى يدفع وزارة الموارد المائية والرى لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أى طارئ تتعرض له المنظومة المائية.
وعلى صعيد المشروعات القومية الكبرى التى تهدف لترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه تنفذ وزارة الموارد المائية والرى حالياً المشروع القومى لتأهيل الترع والذى يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة، بخلاف المردود الاقتصادى والإجتماعى والحضارى والبيئى الملموس، بالإضافة لمشروعات تأهيل المساقى، كما تقوم الوزارة بالعمل فى المشروع القومى للتحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث من خلال تشجيع المزارعين على هذا التحول، والتوسع فى استخدام تطبيقات الرى الذكى، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة فى ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة لمشروعات الحماية من اخطار السيول وحصاد مياه الأمطار حيث تم تنفيذ أكثر من 1500 منشأ للحماية خلال السنوات الماضية، بالإضافة لتنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ المصرية حيث تم تنفيذ أعمال لحماية 210 كيلومتر من السواحل المصرية وجارى العمل فى 45 كيلومتر أخرى، بالإضافة لتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى فى مجال معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى لتحسين نوعية المياه والوضع البيئى بالبحر المتوسط، مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا بمحطة بحر البقر ومشروع الاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا بمحطة الحمام ومشروع مصرف المحسمة بالإضافة لإنشاء أكثر من 450 محطة خلط وسيط، وتنفيذ إجراءات تحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية مع التوسع فى استخدام الطاقة الشمسية فى رفع المياه الجوفية لتقليل الانبعاثات.
كما أشار إلى أن العديد من دول العالم طلبت الاستفادة بالخبرات المصرية فى مجال إدارة المياه وتدوير المياه، وأن الوزارة تُقدم كل أشكال الدعم للدول العربية والأفريقية الشقيقة فى مجال الموارد المائية، سواء من خلال تنفيذ مشروعات مختلفة بالعديد من الدول الإفريقية بالشكل الذى يعود بالنفع على مواطنى هذه الدول، أو من خلال العمل على تبادل الخبرات الفنية بين المتخصصين فى مصر وهذه الدول، خاصة فى ظل الإمكانيات التدريبية المتميزة التى تمتلكها الوزارة مثل المركز الإقليمى للتدريب التابع للوزارة وفروعه بالمحافظات ومركز التدريب الإقليمى التابع لمعهد بحوث الهيدروليكا.
وعلى صعيد التطوير التشريعى تم إصدار مشروع قانون الموارد المائية والرى الجديد، والذى يهدف لتحسين عملية تنمية وإدارة الموارد المائية وتحقيق عدالة توزيعها على كافة الاستخدامات والمنتفعين، وحماية الموارد المائية وشبكة المجارى المائية من كافة أشكال التعديات.
كما أكد على ضرورة التوسع فى البحث العلمى والاعتماد على التكنولوجيا فى مجال إدارة المياه، مشيراً إلى أهمية وجود منظومات للتنبؤ والإنذار المبكر بمختلف الدول للتعامل مع الظواهر المناخية المتطرفة الناتجة عن التغيرات المناخية، حيث تعمل مصر على توفير الدعم اللازم لتطوير وتطبيق أنظمة الإنذار المبكر فى مجال المياه والمناخ على المستوى الإقليمى، وذلك بهدف زيادة جاهزية جميع الدول بالمنطقة للتعامل مع الظواهر المتطرفة كالسيول والجفاف، وبما يوفر الحماية للمواطنين من مخاطر التغيرات المناخية، خاصة فى ظل الإمكانيات المتميزة التى تمتلكها الوزارة فى مجال استخدام تقنية الرصد والمتابعة والإنذار المبكر بالأمطار والفيضانات وذلك من خلال مركز التنبؤ بالفيضان والذى يعمل على مشاركة خرائط الامطار مع عدد من الدول العربية والافريقية.
وأضاف أنه وفى ضوء العمل على رصد ومراقبة الموارد المائية بكفاءة عالية تُمكّن متخذى القرار بالوزارة على كافة المستويات من اتخاذ ما يلزم من قرارات لتحقيق الإدارة الرشيدة للموارد المائية والوفاء بكافة الإحتياجات المائية للقطاعات المختلفة بالدولة.. فقد قامت الوزارة بإنشاء منظومة متطورة للرصد الآلى "التليمتري"، والتى تسمح بتدفق البيانات من 300 محطة رصد - تعمل بالطاقة الشمسية - تنتشر عبر النقاط الحاكمة والفاصلة على إمتداد شبكتى الرى والصرف على مستوى الجمهورية، وقد أثبتت هذه المنظومة نجاحها كأداة فعالة فى توفير بيانات دقيقة ومستمرة على مدار الساعة تتابع حالة سريان المياه فى المجارى المائية، ولقد كان لهذه المنظومة أثر بالغ فى متابعة وضبط إدارة المياه خاصة فى موسم الأمطار وفترة أقصى الإحتياجات والتعامل الفورى مع أية طوارئ فى شبكة الرى.
كما استعرض عبد العاطى أهمية أسبوع القاهرة للمياه والذى يُعقد بشكل سنوى فى شهر أكتوبر من كل عام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أنه أصبح علامة دولية للمياه، حيث يشارك فيه العديد من دول العالم بشكل متزايد عاما بعد عام،وأنه اصبح منصة دولية وإقليمية للحوار يشارك فيها ممثلين من كافة الفئات المتعاملة مع المياه، كما اصبح أداة هامة للتوعية بقضايا المياه بين مختلف فئات المجتمع، حيث يشارك فى المؤتمر العديد من المزارعين الذين يقومون بعرض تجاربهم فى ترشيد المياه والتحول لنظم الرى الحديث، ومن المنتظر أن يشهد أسبوع القاهرة الخامس للمياه مشاركة واسعة من الوزراء والوفود الرسمية وكبار المسئولين فى قطاع المياه وكذلك مشاركة لفيف من العلماء والمنظمات والمعاهد الدولية ومنظمات المجتمع المدنى والسيدات والمزارعين والقانونيين من مختلف دول العالم.