قضت محكمة استئناف المنيا الدائرة "15" لشئون الأسرة بتعليق نظر استئناف مقدم من سيدة قبطية ضد شقيقة زوجها وأبناء شقيق زوجها لمطالبتهم بالحصول على نصيبهم الشرعي من إرث زوجها طبقا للشريعة الإسلامية بمعنى أدق يعني الزوجة الربع طبقا للائحة الأقباط ترث النصف والأملاك كبيرة والفرق من الربع للنصف يُقدر بملايين، بينما مصلحة الزوجة مع تطبيق لائحة الأقباط.
وذلك لحين الفصل في الدفع بعدم دستورية المادة الأولى من القانون 25 لسنة 1944، والمادة 875/1 من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948، والفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون 1 لسنة 2000، وصرحت لمبدي الدفع بإقامة الدعوى الدستورية، وذلك لمخالفة نصوص تلك المواد لنص المادتين 3 والمادة 53 من الدستور، ويأتي ذلك استجابة لطلب المحامى بالنقض أحمد قناوى.
وتنص الفقرة الأولى من المادة 875 من القانون المدنى على أن: "تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم فى الإرث، وانتقال أموال التركة إليهم تسرى فى شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة بشأنها"، بينما تنص المادة الثالثة من الدستور المصري عام 2014 على أن: "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية"، كما تقضي المادة 245 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، بمبدأ المساواة فى الإرث بين الأبناء الإناث أو الذكور.
الوقائع.. نزاع حول الإرث بين أقباط
تتحصل وقائع النزاع أن الطالبة أقامت دعوى قضائية أمام محكمة أسرة سمالوط بغية الحكم لها ببطلان اشهاد الوفاة والوراثة، وذلك فيما قررته من توزيع الأنصبة الميراثية للمرحوم زوجها "…" في تحديد نصيب المدعية بالربع بالمخالفة لنص المادة 3 من الدستور والمادة 3 من القانون 1 لسنة 2000 وكذلك الأحكام المقررة في لائحة الاقباط الارثوذكس والتى تقرر النصف للمدعية طبقا لنص المادة 241 و242 من لائحة الاقباط الأرثوذكس.
وفى تلك الأثناء – وبتاريخ 9 فبراير 2022 صدر الحكم برفض الدعوى، وفي المواعيد المقررة أقامت الطالبة استئناف على الحكم سالف الإشارة قيد برقم 1713 لسنة 58 قضائية استئناف أسرة المنيا دون سببه الاول على الدفع بعدم دستورية المواد رقم "1" من القانون 25 لسنة 1944 والمادة 875 فقرة "1" من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 والمادة 3 فقرة "2" من القانون 1 لسنة 2000 لمخالفتها لنص المادة الثالثة والمادة 53 من الدستور، وقدرت محكمة استئناف أسرة المنيا جدية الدفع ومنحت أجلاً لجلسة 21 سبتمبر 2022 لإقامة هذا الطعن.
الطعن على المادة 3 من الدستور الخاص بميراث الأقباط
وبالفعل تم الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا الخاصة بالمادة 3 من الدستور الخاص بميراث الأقباط، ما يعد أول قبول لذلك الدفع في محافظة المنيا، حيث ذكر الطعن في مقدمته أن دستور 2014 المعدل لدستور 2012 مبقياً علي وضع دستوري غير مسبوق في الدساتير المصرية بموجب المادة الثالثة منه والتى جاءت عقب المادة الثانية التى نصت علي: " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع "، وإعلاءاً من الامة المصرية التى وضعت دستور 2014 لقيم المواطنة والمساواة بين كافة افراد المجتمع فقد جاءت المادة الثالثة طبقاً لما نصت عليه: "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية".
ووفقا لـ"الطعن": نصوص الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، حيث أن الامة وهي تضع دستورها الذي يشكل الأصول والقواعد التي يقوم عليها نظام الحكم منزهة عن اللغو، وأن المادة الثالثة والجديدة في الدساتير المصرية تغيت المساواة بين عناصر المجتمع وأفراده، وإذ جاءت تلك المادة مع وجود نصوص قانونية تنظم ذات الأوضاع قبل دستور 2014، فإن الرقابة على دستورية القوانين التي تضطلع بها المحكمة الدستورية العليا منفردة هي المنوط بها إزالة مخالفة التشريع مع النص الدستوري الوارد في المادة 3 والمادة 53 من الدستور.
مكانة لائحة الاقباط الارثوذكس في النظام القانوني المصري
واستند الطعن على حزمة من الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا بشأن تطبيق لائحة الأقباط في هذه الشأن أبرزها القضية رقم 74 لسنة 17 ق "دستورية"، حيث ذكرت في حيثيات حكمها: " القواعد التي احتوتها لائحة الأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في 9/ 5/ 1938 تعتبر - وفقاً للمادة 6/ 2 من القانون رقم 462 لسنة 1955 - شريعتهم التي تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية - اعتبارها في مرتبة القواعد القانونية - خضوعها للرقابة الدستورية"، وكذا القضية رقم 79 لسنة 18 قضائية "دستورية" الذى قالت فيه: "ارتقاء المشرع بالقواعد التي تضمنتها شرائع هؤلاء إلى مرتبة القواعد القانونية التي ينضبط بها المخاطبون بأحكامها - اعتبار اللائحة التي أقرها المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس بتاريخ 9/ 5/ 1938 شريعتهم التي تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية".
وتضمن أيضا الطعن ما ورد من حيثيات القضية رقم 151 لسنة 20 قضائية "دستورية" الذى جاء فيه: "المشرع وقد أحال في شأن الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين إلى شرائعهم مستلزماً تطبيقها دون غيرها في كل ما يتصل بها؛ فإنه يكون قد ارتقى بالقواعد التي تتضمنها هذه الشرائع إلى مرتبة القواعد القانونية من حيث عموميتها وتجريدها؛ وتمتعها بخاصية الإلزام لينضبط بها المخاطبون بأحكامها؛ ويندرج تحتها في نطاق الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، لائحتهم التي أقرها المجلس الملي العام في 9 مايو سنة 1938، وعمل بها اعتباراً من 8 يوليه سنة 1938، إذ تعتبر القواعد التي احتوتها هذه اللائحة - وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية التي حلت محل الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 - شريعتهم التي تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية، بما مؤداه خضوعها للرقابة الدستورية التي تتولاها هذه المحكمة".
نطاق الدفع الدستوري
وبحسب "الطعن": المادة "1" من القانون 25 لسنة 1944 بشأن قانون المواريث "قوانين الميراث والوصية وأحكام الشريعة الإسلامية فيهما هي قانون البلد فيما يتعلق بالمواريث والوصايا على أنه إذا كان المورث غير مسلم جاز لورثته فى حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على أن يكون التوريث طبقاً لشريعة المتوفى"، وكذا المادة "875" فقرة "1" من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948: "تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم فى الإرث وانتقال أموالهم التركة إليهم تسرى فى شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة فى شأنها"، وأيضا المادة "3" فقرة "2" من القانون 1 لسنة 2000 من مواد الإصدار: "ومع ذلك تصدر الأحكام فى المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955 - طبقا لشريعتهم - فيما لا يخالف النظام العام"، وذلك لتعارضها مع المواد التالية من دستور جمهورية مصر العربية.
المادة رقم (3) من الدستور:
"مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية".
المادة 53 من الدستور:
"المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر، والتمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".
رابعاً: أسباب الطعن
السبب الأول: مادة 3 من الدستور تتعارض مع المادة 875 /1 من القانون المدني
المادة الثالثة من الدستور قررت أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية تظهر مختلفة بوضوح حين ينظم القانون المدني في الفقرة الاولي من المادة 875 جانب أصيل من جوانب الأحوال الشخصية وهي الميراث بوضع يتعارض مع المادة الثالثة من الدستور بجعل شريعة أخري غير شرائع المصريين من المسحيين تطبق عليهم ، خاصة وأن تلك المادة سابقة علي دستور 2014 ولم تكن الامة المصرية قد عقدت عزمها علي تمكين غير المصريين من المسيحيين من تطبيق مبادئهم المنظمة لأحوالهم الشخصية بشكل كامل.
ومن المستقر عليه أن تعبير الأحوال الشخصية بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم من حيث صلة النسب والزواج وما ينشأ عنه من مصاهرة وولادة وولاية وحضانة وحقوق وواجبات متبادلة وما قد يعتريها من انحلال تترتب عليه حقوق في النفقة والحضانة والإرث والوصية، "المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأحوال الشخصية هي مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً في حياته الاجتماعية لكونه إنساناً أما الأمور المعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية"، طبقا للطعن رقم 1694 لسنة 49 القضائية - جلسة 28 من إبريل سنة 1985.
والمادة الثالثة من الدستور ميزت بين أمور ثلاث يتعين مراعاة التشريعات مبادئ شرائع غير المصريين من المسيحيين وهي (ا) أحوالهم الشخصية (2) شئونهم الدينية (3) اختيار قياداتهم الروحية ومن ثم فإن أحوال المسيحيين الشخصية جزء أصيل من الترتيب الدستوري الذى جاءت به المادة الثالثة من الدستور وهو ما يعني بحكم اللزوم أن القاعدة الخاصة بالأحوال الشخصية بما فيها الإرث اصبحت جزء من النظام العام الذي تقوم عليه الدولة ويتعين على النصوص الأدنى في مدارج الترتيب التشريعي أن تلتزم به ، خاصة وان المشرع القانوني في المادة 3 من القانون 1 لسنة 2000 يعرف الجهات القضائية المنظمة للأحوال الشخصية للمسيحيين والتي كانت منظمة حتي 13 ديسمبر سنة 1955.
السبب الثاني: مادة 3 من الدستور تتعارض مع المادة 3 /2 من القانون 1 لسنة 2000
يكمن وجه المخالفة بين الفقرة / 2 من المادة 3 سالفة البيان والتى جاءت على النحو التالي: " ...ومع ذلك تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955 - طبقا لشريعتهم - فيما لا يخالف النظام العام"، والمادة الثالثة من الدستور في جملة "فيما لا يخالف النظام العام".
ذلك أن تلك الصياغة تسبق النص الدستوري المشار اليه بأكثر من أربعة عشر عاماً ولم تكن الامة في حينها قد قررت جعل مبادئ شريعة غير المسلمين في أحوالهم الشخصية نظاماً عاماً هي الاخرى بوضعها ضمن القانون الاعلي وهو الدستور، وقد كان النظام العام وقت التشريع المدفوع بعدم دستورية في مسائل المسيحيين المتصلة بالأحوال الشخصية ينصرف إلى الميراث وإلى بعض جوانب الزواج والطلاق، وكان مقررا أن قواعد الميراث في الشريعة الإسلامية تنصرف الي كونها نظاماً عاماً لكل المصريين، وقبل دستور 2014 كان هناك اتساقا بين النصوص الدستورية والقوانين ومع نص المادة 3 الجديد في الدساتير المصرية أصبح هناك قاعدة دستورية جديدة وهي ان مبادئ شرائع المسيحيين في الأحوال الشخصية أصبحت مصدراً للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية ، ومن ثم فإن كلمة النظام العام الواردة في الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون 1 لسنة 2000 أصبحت ليست ذات قيمة قانونية فيما يتعلق بميراث غير المسلمين من المسيحيين مع وجود نص المادة 3 من الدستور.
ويضيف "الطعن": من حيث أنه تم الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا على بعض جوانب الأحوال الشخصية في اللائحة الخاصة بالزواج والطلاق وانتهت المحكمة الى عدم دستورية العديد من مواد اللائحة في هذا الجانب وعلى سبيل المثال لا الحصر القضية رقم 107 لسنة 21 قضائية "دستورية"، القضية رقم 151 لسنة 20 قضائية "دستورية"، القضية رقم 79 لسنة 18 قضائية "دستورية"، القضية رقم 74 لسنة 17 ق "دستورية"، ومن ثم أصبحت عبارة "فيما لا يخالف النظام العام" الواردة في عجز الفقرة 2 من المادة 3 من القانون 1 لسنة 2000 منصرفة الى أوضاع الميراث التى نظمتها اللائحة ومن ثم يتعين القضاء بسقوط تلك العبارة من عجز الفقرة سالفة البيان .
السبب الثالث: تعارض المادة 3 من الدستور مع نص المادة 1 من القانون رقم 25 لسنة 1944
وتابع "الطعن": جرى نص المادة سالفة البيان على النحو التالي: " قوانين الميراث والوصية وأحكام الشريعة الإسلامية فيهما هي قانون البلد فيما يتعلق بالمواريث والوصايا على أنه إذا كان المورث غير مسلم جاز لورثته فى حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على أن يكون التوريث طبقاً لشريعة المتوفى، فقد قررت تلك المادة اصلاً عاماً هو أن الشريعة الإسلامية هي قانون البلد فيما يتعلق للمسلمين والمسيحيين ثم عادت لتضع استثناء على هذا الأصل وهو إذا كان المورث غير مسلم وهو تعبير يتجاوز المسيحية واليهودية التي حرصت عليها المادة 3 من الدستور فإن للورثة الاتفاق طبقاً لشريعتهم.
والنص المتقدم ذكره يتعارض هو الآخر مع نص المادة الثالثة من الدستور من نواحي متعددة:
(أ) - أن قواعد ميراث المسيحيين ليست نظاماً عاماً.
(ب) - أن الشريعة الإسلامية في حالة عدم الاتفاق يتم تطبيقها على غير المسلمين.
(ج) - أن المادة سالفة البيان لم تحلق بكلمة غير المسلمين أي ديانة سماوي آخري على خلاف ما هو وارد بالمادة الثالثة من الدستور، فقد حددت الديانتين السماويتين المسيحية واليهودية واكتفت بتعبير عام آخر غير مقيد وهو غير المسلمين وفقا لنص المادة 1 من القانون 25 لسنة 1944، ومن ثم فإن هناك تعارضا بيناً بين تلك المادة والمادة الثالثة من دستور 2014.
السبب الرابع: المخالفة بين المواد القانونية سالفة البيان ونص المادة 53 من الدستور
جاء نص المادة 53 من الدستور مقررا المساواة بين المصريين: "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر...........".
والمساواة التى قررتها المادة سالفة البيان بين المواطنين تنصرف إلى عدم التفرقة بينهم بسبب الدين ، فإذا كان المسلمين في الوطن يحتكمون إلى الشريعة الإسلامية في أحوالهم الشخصية فإن باب المساواة ينفتح لغيرهم من المسيحيين أبناء ذات الوطن بتحكيم مبادىء شرائعهم في أحوالهم الشخصية شأنهم شأن المسلمين ، وإذا كانت تلك المواد قائمة دون تفعيل قضائي للمادة 3 من دستور 2014 فإن التمييز بسبب الانتماء الديني يضحي قائماً مخالفاً لقصد المشرع الدستوري الذي جاء بمادة مستحدثة هي المادة الثالثة، ينظر إلى النصوص الدستورية جميعها سواء المادة 3 أو 53 أو غيرها من المواد الدستورية كل متكامل لا تنافر فيه ولا يغيب عنه الاتساق في تقرير المساواة التى نصت عليها المادة 53 من الدستور جنباً إلى جنب مع المادة الثالثة منه بحسبان أن ذلك هو عنوناً لدولة المواطنة التى أعلى من قيمتها دستور 2014 ، وبقاء تلك المواد بحالتها الراهنة فضلا عن مخالفتها للمادة 3 من الدستور فهي كذلك تخالف المادة 53 من الدستور.
بما مؤداه أن المسائل الدستورية دون غيرها هى جوهر رقابتها، وهى التى تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها ، ومن ثم لا يمتد بحثها لسواها ولا تخوض فى غيرها، وهو ما أضفى على الدعوى الدستورية طبيعتها العينية باعتبار أن قوامها مقابلة النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور، بالقيود التى فرضها لضمان النزول عليها، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية ، أو هى بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تعارضها مع أحكام الدستور هى الغاية التى تبتغيها هذه الخصومة، وقضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن هذه النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة صحتها أو بطلانها، ولا يجوز بالتالى أن تتناول هذه المحكمة فى مجال تطبيقها للشرعية الدستورية غير المسائل التى تدور حولها الخصومة فى الدعوى الدستورية إلا بالقدر الذى يكفل اتصال الفصل فيها بالفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وتلك هى الصلة الحتمية بين المصلحة فى الدعوى الدستورية والمصلحة فى الدعوى الموضوعية ، إذ يتعين دائما لقبول الدعوى الدستورية أن يكون الفصل فى المسألة الدستورية محلها لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها الدعوى 5 لسنة 14 - منازعة تنفيذ - المحكمة الدستورية العليا.
وطالب الطعن في نهايته بعدم قبول الدعوي شكلاً، وفي الموضوع: بعدم دستورية المادة "1" من القانون 25 لسنة 1944 بشأن قانون المواريث وبعدم دستورية المادة "875" فقرة "1" من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 وسقوط عبارة "فيما لا يخالف النظام العام" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون 1 لسنة 2000 من مواد إصدار القانون سالف البيان.