وضعت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى برنامجاً متكاملاً لـ"تنمية وتطوير التعليم المجتمعي"، والذى يهدف إلى توفير تعليم مجتمعى لكل الأطفال فى الفئة العمرية (6 – 14 عاما)، ولم يلتحقوا بالتعليم الأساسى أو تسربوا منه، لاسيما الفتيات والأطفال فى المناطق الحضرية والريفية الفقيرة.
كما تقدمت الحكومة بمشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، يستهدف فرض غرامة من 500 إلى 1000 جنيه على ولى أمر الطالب الذى يتغيب عن الحضور للمدرسة بدون عذر مقبول.
وأشارت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، إلى أن الدستور قد ألقى على نحو ما نصت عليه المادة (80) على عاتق الدولة التزاما برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى، واعتبر أن التعليم المبكر للطفل حتى السادسة من عمره حقا له.
وأضافت المذكرة: "عنى قانون التعليم بمواجهة ظاهرة أطلق عليها التسرب من التعليم إذ أوجب فى المادة (19) على ناظر المدرسة إذ لم يتقدم الطفل إلى المدرسة فى الموعد المحدد أو لم يواظب على الحضور بغير عذر مقبول مدة 10 أيام متصلة أو منفصلة إنذار والده أو ولى أمره بحسب الأحوال بكتاب يوقع عليه والد الطفل أو المتولى أمره، فإذا لم يتقدم الطفل إلى المدرسة خلال أسبوع من تسليم الكتاب أو عاود الغياب لأعذار غير مقبولة أعتبر والده أو ولى أمره مخالفا لأحكام هذا القانون وتطبق عليه العقوبات المنصوص عليها فى المادة (21) من القانون المشار إليه.
وأشارت إلى أن مشروع القانون وفقا لرؤية الحكومة، يهدف لرعاية الطفل وحمايته وتوفير التعليم المناسب له كأحد حقوقه الأساسية، وللحد من ظاهرة التسرب من التعليم وذلك من خلال استبدال نص جديد للمادة (21) من قانون التعليم الصادر مفادها "يعاقب بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد على 1000 جنيه والد الطفل أو المتولى أمره إذا تخلف الطفل أو انقطع دون عذر مقبول عن الحضور إلى المدرسة خلال أسبوع من تسلم الكتاب المنصوص عليه فى المادة من هذا القانون (19) من هذا القانون، وتتكرر المخالفة وتتعدد العقوبة باستمرار تخلف الطفل عن الحضور أو معاودته التخلف دون عذر مقبول بعد إنذار والده أو المتولى أمره.
وقد أثار مشروع القانون جدل مجتمعى كبير، انعكس على مجلس النواب الذى رفض أعضائه مشروع القانون المقدم من الحكومة، معتبرين أنه يمثل عبء على أولياء الأمور، خاصة أن أحد الأسباب الرئيسية فى زيادة نسب التسرب المدرسى هو الفقر وتدنى الأوضاع الاقتصادية للأسر.
القانون الحالى يحمل الأب مسئولية تخلف الابن عن الحضور للمدرسة
وتجدر الإشارة إلى أن قانون التعليم الصادر برقم 139 لسنة 1981، فرض عقوبات وغرامات للحد من ظاهرة تسرب التعليم، وحمل على الاب مسئولية تخلف الابن عن حضور المدرسة، وفرض عليه غرامة مالية عليه الالتزام بسدادها.
حيث نصت المادة رقم 25 من القانون، على أنه يجوز فصل الطالب من المدرسة إذا تغيب بغير عذر تقبله لجنة إدارة المدرسة خلال السنة الدراسية مدة تزيد على خمسة عشر يوما متصلة أو ثلاثين يوما منفصلة، واعتبر القانون التغيب فى أى وقت أثناء اليوم الدراسى تغيبا عن اليوم بأكمله.
وأجاز القانون إعادة قيد الطالب المفصول طبقا لحكم الفقرة السابقة وذلك بقرار من لجنة إدارة المدرسة بعد سداد رسم إعادة قيد قدره عشرة جنيهات، على ألا يجوز إعادة القيد أكثر من مرة واحدة فى ذات السنة الدراسية، وأكثر من مرتين فى المرحلة كلها، ويشترط لدخول الطالب الامتحان حضوره 85% على الأقل من عدد أيام الدراسة.
مطالب بإعفاء غير القادرين من المصروفات المدرسية
وفى هذا السياق طالب الدكتور ياسر الهضيبى، عضو مجلس الشيوخ والمتحدث الرسمى لحزب الوفد، بإعفاء الأسر الفقيرة وغير القادرة من دفع المصروفات المدرسية، بالإضافة إلى تقديم كافة أشكال الدعم المادى والعينى لمساعدتهم فى تعليم أبنائهم، السماح للطلبة المتسربين بالالتحاق بالدراسة بغض النظر عن سنهم.
وأكد الهضيبى، على أهمية التعليم فى تحقيق النهضة وتقدم المجتمعات وإزدهارها، مشيرا إلى أن التسرب المدرسى أحد الظواهر السلبية التى تعانى منها منظومة التعليم فى مصر، لافتا إلى أن نسبة التسرب المدرسى فى مصر 7.3% بما يعادل 6.1 مليون نسمة من إجمال الملتحقين البالغ عددهم 55 مليون نسمة تقريبا وفقا لأحدث إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
وأوضح عضو مجلس الشيوخ، أن ظاهرة التسرب المدرسى ترجع إلى مجموعة متنوعة من الأسباب النفسية والاجتماعية والاقتصادية، على عكس ما يتصور البعض أن الفقر وتدنى الأوضاع الاقتصادية هو السبب الوحيد، مشيرا إلى أن تدنى التحصيل العلمى للطالب يشعره أحيانا بالإحباط وسط زملائه وأمام معلميه وأسرته فيدفعه للانقطاع عن المدرسة، بالإضافة إلى ضعف مهارات الطالب التفاعلية والاجتماع، ومن ثم يجد صعوبة فى الإندماج مع الآخرين.
وتابع الهضيبى، أن الفقر وعدم قدرة الأسر على الوفاء بتكاليف العملية التعليمية من مصروفات وكتب و ملابس وغيرها سبب مهم أسباب التسرب المدرسى، بالإضافة إلى مشاركة الطفل فى الانفاق على الأسرة وتلبية احتياجاتها من خلال العمل، الاهتمام بالتعليم يرتبط بدرجة وعى الأسرة، لافتا إلى وجود أسباب اجتماعية من بينها تدنى المستوى الاجتماعى والثقافى لأفراد الأسرة، وغياب المتابعة للطالب من جانب الأسرة، وأخيرا زواج الفتيات المبكر، حيث تعتقد بعض الأسر بعدم أهمية التعليم للفتاة والأهم هو الزواج.
وشدد الهضيبى، على أن ظاهرة التسرب المدرسى، لها انعكاسات وآثار سلبية على المجتمع، خاصة مع تزايد حجم الظاهرة، أبرزها زيادة نسبة الجهل والأميّة ومن ثم تدنى الثقافة العامة، وارتفاع مستوى البطالة حيث أن انخفاض مستوى التعليم للفرد يعنى بالضرورة انخفاض فرصة الحصول على عمل مناسب، وكذلك ارتفاع معدلات العنف والجريمة فى المجتمع، فالأميّة وارتفاع مستوى البطالة يؤدى إلى انخراط الفرد فى الأعمال غير القانونية وغير الأخلاقية.
وأكد عضو مجلس الشيوخ، أن حل ظاهرة التسرب المدرسى يكمن فى معالجة الأسباب، بالإضافة إلى تفعيل سن تشريعات تحمى حق الطفل فى التعلم، وتلزم الدولة بتذليل العقبات التى تعرقل تعليم الأطفال، مطالبا بزيادة وعى المجتمع بأهمية التعليم والتأكيد على حق الطفل فى التعليم، وتدريب المعلمين وتأهيلهم للتعامل مع كافة المستويات من الطلاب خاصة أصحاب المستوى المتدنى.
وطالب ىالهضيبى، بالاعتماد على المناهج التى تعتمد على التدريب العملى لزيادة تحصيل الطلاب، مؤكدا على أهمية وجود إخصائى اجتماعى ونفسى فى كل مدرسة للتعامل مع المشاكل النفسية والاجتماعية التى تواجه بعض الطلاب وتؤثر سلبا على مستواهم الدراسى.
وشدد على أهمية بناء مدارس فى مختلف المناطق خاصة فى القرى حتى لا يضطر الطالب الذهاب إلى مدرسة بعيدة عن منزله، ومنع العقاب بكل أنواعه فى المدرسة (البدنى والنفسى)، وتوفير تعليم مهنى قريب من السكن، كذلك توفير تعليم تمكينى علاجى للطالب الذى يعانى من صعوبات التعلم، وزيادة مساهمة القطاع الخاص والمجتمع المدنى فى دعم غير القادرين ومساعدتهم على استكمال تعليمهم.
ومن جانبها أكدت النائبة أمل زكريا قطب، أن المستوى الاقتصادى وارتفاع معدلات الفقر سبب رئيسى فى زيادة نسب التسرب المدرسى، بالإضافة إلى المستوى الاجتماعى والثقافى، مؤكدة على أهمية دعم الأسر الفقيرة للمساعدة فى تعليم أطفالهم، وإعفائهم من المصاريف المدرسية ومنحهم الكتب دون مقابل لتخفيف الأعباء عن كاهل ولى الأمر.
وقالت قطب، إن زيادة معدلات التسرب تؤثر بشكل سلبى على المجتمع حيث ترتفع معدلات الأمية والبطالة كذلك معدلات الجريمة، وهو ما يتطلب التعامل مع الأزمة بقدر كبير من الوعى، مطالبة بتقديم حوافز للأسر الفقيرة التى تلتزم تعليم أولادها.
وأشارت عضو مجلس النواب، إلى ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب فى المدارس، من خلال تنوع أساليب الشرح التى تناسب كافة المستويات، وتساعد الطلاب على استيعاب المناهج، لافتة إلى أن أحيانا يكون الإحباط وعدم القدرة على الاستيعاب سببا فى التسرب المدرسى.