بشكل متسارع تسير العراق إلى حافة الهاوية بعد شهور من الخلافات بين الأطياف السياسية، ومعاناة البلاد من شلل سياسى بعد فشل تفاهم الفرقاء على اختيار رئيس للحكومة، ورغم دعوات الحوار اللامتناهية ومبادرات الحل إلا أن حل الاحتكام إلى الشارع وتحريض انصار كل تيار للتظاهر أصبح هو الكلمة العليا فى العاصمة بغداد.
ورغم أن البلاد تحملت حالات التظاهر واقتحام البرلمان إلا أن ما أعلنه رغيم التيار الصدرى مقتدى الصدر بشكل مفاجئ كان القشة التى قسمت ظهر البعير، حيث ظهر الزعيم الشيعى صباح اليوم بإعلان إعتزاله العمل السياسى وغلق كافة مؤسساته.
إعلان الصدر المفاجئ أدى إلى خلط الأوراق فى العراق وتعقيد المشهد السياسى وشحن أنصاره بمزيد من مشاعر الغضب تجاه الأطياف السياسية الآخرى، خاصة بعد أن ألمح الزعيم الشيعى إلى احتماليه قتله قائلا فى بيانه :"الآن أعلن الإعتزال النهائى وغلق كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام، والكل فى حلٍّ منى، وإن متُّ أو قتلت فأسالكم الفاتحة والدعاء".
وقال الصدر فى تغريدة له إنه "على الرغم من استقالته، فإن النجف الأشرف هى المقر الأكبر للمرجعية هو الحال دوماً".
وتابع: "إننى لم أدَّعِ يوماً العصمة أو الاجتهاد ولا حتى (القيادة) إنما أنا آمرٌ بالمعروف وناهٍ عن المنكر ولله عاقبة الأمور، وما أردت إلا أن أقوِّم الإعوجاج الذى كان السبب الأكبر فيه هى القوى السياسية الشيعية باعتبارها الأغلبية، وما أردتُ إلا أن أقربهم الى شعبهم وأن يشعروا بمعاناته عسى أن يكون باباً لرضا الله عنهم، وأنى لهم هذا".
المتظاهرون داخل غرفة رئيس #العراق بالقصر الجمهوري. pic.twitter.com/ruc9MYrdB1
— الأحداث الأمريكية🇺🇸 (@US_World1) August 29, 2022
وما أن انتشر خبر اعتزال الصدر حتى خرج أنصاره معربين عن غضبهم بالتظاهر داخل المنطقة الخضراء، واقتحم عشرات المحتجين أسوار القصر الرئاسى فى العاصمة بغداد، اليوم الاثنين، وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعى محجتجين يتسلقون أسوار القصر الرئاسى فى المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد، كما أظهرت لقطات أخرى العشرات متجمهرين أمام بوابات القصر.
ودعت قيادة العمليات المشتركة العراقية، اليوم الاثنين، المتظاهرين الى الانسحاب الفورى من داخل المنطقة الخضراء، وأعلنت فرض حظر تجوال شامل فى بغداد يبدأ فى الساعة الثالثة والنصف من ظهر اليوم.
وقالت القيادة فى بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع)، انه "تقرر فرض حظر التجول الشامل فى العاصمة بغداد، ويشمل العجلات والمواطنين"، واضاف ان "ذلك يبدا اعتباراً من الساعة الثالثة والنصف من ظهر هذا اليوم الاثنين".
🛑الإستيلاء على بدلة الرئيس العراقي برهم صالح في غرفة نومه بعد إقتحام القصر الجمهوري وفراره الى السليمانية حيث قصره المحصن بالقرب من جبال قنديل#المنطقة_الخضراء #العراق #بغداد pic.twitter.com/KdZ9tmp6ay
— سفيان السامرائي (@SufianSamarrai) August 29, 2022
وقال بيان للعمليات المشتركة وفقا لوكالة الأنباء العراقية، إن "القوات الأمنية تدعو المتظاهرين الى الانسحاب الفورى من داخل المنطقة الخضراء"، مؤكدة انها "التزمت اعلى درجات ضبط النفس والتعامل الاخوى لمنع التصادم او اراقة الدم العراقى".
وأضاف البيان أن "القوات الأمنية مسؤوليتها حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية والاملاك العامة والخاصة"، مشيراً الى أن "التعاطى مع التظاهرات السلمية يتم من خلال الدستور والقوانين"، وأكد أن "القوات الامنية ستقوم بواجبها فى حماية الامن والاستقرار".
ووسط تصاعد الأحداث لا تملك النخبة السياسية فى العراق سوى الدعوة إلى ضبط النفس وإيقاف التصعيد السياسى والاحتكام للحوار، وهو ما أكد عليه رؤساء الجمهورية برهم صالح والوزراء مصطفى الكاظمى والبرلمان محمد الحلبوسى والقضاء الأعلى فائق زيدانبعد ساعات من تدهور الأوضاع الميدانية.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية، أن الرؤساء الأربعة عقدوا اجتماعا أكدوا خلاله على أن "الحفاظ على الأمن والاستقرار والمسار الديمقراطى والدستورى فى العراق هو واجب جميع العراقيين، كما هو واجب مؤسسات الدولة والقوى السياسية الوطنية"، لافتاً الى ان "الحوار البنّاء هو الطريق السليم لإنهاء كل الخلافات الحالية حفاظاً على مقدرات البلاد".
المتظاهرون في مسبح القصر الجمهوري بـ #العراق. pic.twitter.com/k2GoM7BVBD
— الأحداث الأمريكية🇺🇸 (@US_World1) August 29, 2022
وجدد الاجتماع دعمه لدعوة رئيس مجلس الوزراء، لـ "عقد جولة جديدة من الحوار الوطنى الأسبوع الحالى، لبحث ومناقشة الأفكار والمبادرات التى تخص حل الأزمة الحالية"، مجدداً "الدعوة لقيادات التيار الصدرى للحضور فى جلسة الحوار".
ويستبق إعلان الصدر اعتزاله السياسة، قرارا مهما من القضاء العراقى، ينتظر غدا الثلاثاء، بشأن إمكانية حل البرلمان، وكان الصدر وجه أتباعه وأنصاره المرابطين فى احتجاجات المنطقة الرئاسية بتنظيم دعاوى رسمية تتضمن المطالبة بحل البرلمان، وتقديمها إلى القضاء حتى يتسنى للأخير التحرك "دستوريا" إزاء هذا الأمر.
وتتوجه جميع الأبصار إلى قرار القضاء حول البرلمان فإما أن يصدر قرار بحل المجلس ويهدأ أنصار التيار الصدرى ويعود الهدوء للعاصمة، وإما يصدر حكما بعدم اختصاص القضاء مما قد يقود العراق إلى طريق اللاعودة.