تعد السياحة البيئية أحد أنماط سياحة الطبيعة، يستمتع خلالها السائح بالمشى وسط المناطق الطبيعية، للتعرف على النباتات والحيوانات الموجودة بهذه المناطق، التى لم تمسسها التكنولوجيا أو الملوثات الصناعية، وتتجاوز السياحة البيئية أكثر من 20% من إجمالي حركة السياحة حول العالم بحسب إحصاءات ودراسات عالمية متخصصة، حيث يبلغ حجم السياحة في العالم يصل لـ1.4 مليار سائح وتستحوذ السياحة البيئية على ما يعادل 280 مليون سائح بيئي، ومصر قادرة على الدخول في سباق المنافسة الدولية لاستقطاب أكبر قدر ممكن من تلك الحصة العالمية.
تُعرف السياحة البيئية، وفقاً للأمم المتحدة، بأنها أحد أنواع السياحة المستدامة التي تساهم في الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي، وفي ظل توجه الدولة نحو القضايا البيئية، فلابد أن تتبني الدولة قطاع السياحة البيئية لما يحمله من فوائد ومكاسب متعددة ومنها القطاع البيئي، حيث يساهم في الحفاظ على البيئة وتعزيز دور الاقتصاد الأخضر في الناتج المحلي المستدام للدولة، لذلك لابد من إقرار منظومة تشريعية وقانونية تعزز من استدامة الموارد الطبيعية وحماية مواطِن التنوع البيولوجي، كما تدعم تحقيق منظومة الاستدامة في قطاعات عدة، ويعزز عمليات التحول نحو الاقتصاد الأخضر، ويحد من معدلات التصحر والتلوث.
والحقيقة أن مصر تتمتع بعوامل الجذب الطبيعية المنتشرة عبر ثلاث صحارى وبحرين ودلتا النيل، ما يجعل مصر مليئة بوجهات سياحية أكثر استدامة، وهو ما يتطلب العمل وفق إستراتيجية متكاملة لتذليل العقبات لتى تواجه قطاع السياحة البيئية في مصر، من خلال التقليل من التأثير البيئي الضار، والحفاظ على المناطق الطبيعية، وحماية الثقافة الأصلية كلها مكونات أساسية لهذا النوع من السياحة.
وتتمثل السياحة البيئية فى المحميات الطبيعية ذات الشهرة العالمية مثل: محميات رأس محمد، سانت كاترين ، نبق فى جنوب سيناء، هذا فضلا عما تتميز به البيئة فى سفاجا على البحر الأحمر من عوامل جذب خاصة تتجاوز حدود المناظر الطبيعية الخلابة وجمال البحر والجبال والصحراء حيث تزخر الحياة البحرية به بالشعاب المرجانية والكائنات البحرية المتنوعة مما يؤهله ليكون ثانى اكبر محمية بحرية بيئية فى العالم .
وفي هذا السياق تقول النائبة نورا على، رئيس لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب، إن هذا الملف من الملفات التى حظت بمناقشات طويلة داخل اللجنة على مدار دوري الانعقاد السابقين، مشيرة إلى أنه من بين أهداف استراتيجية مصر 2030 تحقيق الاستدامة البيئية من خلال الاستخدام الرشيد للموارد بما يحفظ حقوق الأجيال القادمة، في مستقبل أكثر أمانًا وفعالية.
وتوضح"على "، أن مصر تتمتع بمقومات بيئية متميزة ويوجد بها 30 محمية طبيعية، بالإضافة إلى أن مصر تتميز بالشواطئ التي تمتد على ساحلي البحر المتوسط والبحر الأحمر والصحراء الغنية والجبال والمياه العذبة والنظم البيئية المتنوعة، مؤكدة أهمية تطوير السياحة البيئية وتقديم الدعم الكافي لها ، في ظل توجه العالم نحو القضايا البيئية التى أصبح لها ملايين من الداعمين حول العالم.
وتؤكد "على"، أهمية تطوير المحميات الطبيعية من مظاهر الإهمال التى أصابتها والتى تهدد بإنقراض أنواع نادرة من النباتات، مطالبة وزارة البيئة بتقديم رؤية متكاملة حول هذا الملف ، بالإضافة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية بالبحر الأحمر وضمان استدامتها، ومنع استخدام البلوكات الخرسانية في ربط الشمندورات، ودعم الاستثمار في مجال السياحة البيئية لزيادة حجم مشاركته في الناتج القومي.
وتطالب النائبة الحكومة بمزيد من المرونة والتيسير فى إجراءات الموافقات البيئية وتحديد مدة زمنية مناسبة لمراعاة وقت المستثمرين وعدم توقف المشروعات نظراً لصعوبة الحصول على الموافقات البيئية اللازمة وخصوصاً فيما يتعلق بإنشاء البحيرات والمارينات .
وبدوره يطالب الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، بصياغة خطة حكومية لتطوير وتنمية السياحة البيئية والترويج لها عالميا، خاصة أن مصر تمتلك المقومات لذلك، مؤكدا أهمية الحد من ووضع آليات للحفاظ عليها ، وحماية الثقافة الأصلية للسكان ، مؤكدا على أهمية وجود خطة ترويجية للترويج للسياحة البيئية في مصر ووضعها على خريطة العالم.
ويقترح "محسب" ، منح القطاع الخاص فرصة للمشاركة في إدارة المحميات الطبيعية والانتفاع بها لعدد معين من السنوات، على أن تحتفظ الدولة بحقوق التملك، مشددا على أهمية وضع قواعد واضحة تحكم على وجه التحديد أنشطة الشركات التي تعمل في مجال السياحة البيئية، ومنها المواد التي يجب استخدامها وكيفية تنظيم الرحلات للزائرين، وغيرها من التفاصيل التي تضمن للسائح أن يعيش تجربة مثيرة ومختلفة.
وكان النائب السيد جمعة، عضو مجلس الشيوخ ،قد أكد أيضا على ضرورة تبني خطة فعالة ومتكاملة لتعظيم فرص السياحة البيئية في مصر والترويج لها عالميا ، خاصة أن هذا النوع من السياحة له أهمية كبيرة في دعم اقتصاد السكان المحليين وتحقيق عوائد لهم وخلق وظائف خضراء جديدة بتنشيط سوق الخدمات والسلع المرتبطة بالسياحة البيئية، كما أنه أقل في التكلفة من تكلفة الأنواع الأخرى للسياحة.
ولفت عضو مجلس الشيوخ، إلى أن مؤتمر قمة المناخ cop27 بما يتمتع به من اهتمام إعلامي عالمي سيكون فرصة لتعريف المجتمع الدولي بالجهود التي عملت عليها الدولة في تطوير هذا المنتج من السياحة وتأسيس البنية التحتية والخدمات بالمحميات وإطلاق أول حملة وطنية تحت مسمى "إيكو إيجيبت" للترويج لها، ما يستلزم إعداد فيديوهات تثقيفية للترويج لها من خلال المؤتمر وفى كافة الأسواق السياحية الكبري والناشئة والمعارض الدولية.
وأضاف"جمعة"، أنه لابد من بحث كافة كافة التحركات التي تؤدي لزيادة العائد من هذا المجال والذي يتماشى مع مفهوم السياحة الخضراء والمنشودة عالميا في ظل مواجهة التغيرات المناخية، مطالبا بضرورة التعرف على خصائص السائح البيئي من خلال إجراء دراسات متنوعة والاستعانة بتجارب الدول الأخرى التي توسعت في هذا المجال وتطوير البرامج السياحية البيئية من أجل ضمان تلبية احتياجاته ووضع الأنظمة الآمنة التي ترسم مسارات محددة للسياح داخل المواقع الطبيعية واختيار وسائل للنقل مناسبة، مطالبا بدعم البحوث البيئية التي ترمي إلى الحفاظ على النباتات والحيوانات والمناظر الطبيعية وبحث سبل تشجيع القطاع الخاص في المشاركة لتنمية السياحة البيئية وتسهيل تسجيل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تركز على هذا المجال، وتأهيل الشباب على الحرف والمنتجات التي يهتم بها السائح البيئي للتسويق لها خلال زيارته، وبناء ثقافة الوعى بالحفاظ على المحميات الطبيعية وإدارتها وفق المستويات العالمية وتيسير تنظيم برامج الرحلة السياحية البيئية.
وشدد على ضرورة تزايد الوعي المجتمعي بأهمية السياحة البيئية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وتبني رؤية متطورة في تأسيس النزل السياحية البيئية ومنها اختيار مكانها بالقرب من المواقع المتميزة بيئيا ومن مجتمعات محلية متميزة في نمط عادتها البيئية وما تمتلكه من حرف مناسبة وتحديد برامج للأنشطة مناسبة مع الخصائص البيئية على أن تتميز بإطار مستمد من البيئة المحلية وشكل معماري متناسق وإتاحة استخدام وسائل بديلة للطاقة من مصادر متجددة وتوفير مرشدين متخصصين وتوزيع مطبوعات تعريفية عن مميزات البيئة المحيطة.