- قبول التيار المدنى المشاركة فى الحوار الوطنى موقف حكيم ووطنى وانسحابنا غير وارد
أمضى أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكى المصرى تحت التأسيس، ما يزيد عن الـ50 عاما من عمره مشتغلا بالسياسة منذ أن كان أحد قيادات الحركة الطلابية فى السبعينات وحتى اليوم، ويحتفظ برؤية خاصة تجاه الحوار الوطنى، كشف عن جزء من ملامحها فى سياق الحوار التالى.
كيف تنظر إلى تطورات الأحداث منذ الدعوة إلى الحوار الوطنى قبل 5 أشهر.. وحتى الإفراج عن زياد العليمى قبل أيام؟
لاشك أن الإفراج عن زياد العليمى بموجب عفو رئاسى هو خطوة إيجابية، وكان أحد المطالب الأساسية لأحزاب المعارضة، وهى لافتة طيبة تأتى فى لحظة مناسبة تساعد على تهيئة الأجواء للحوار، ونتمنى أن تكتمل هذه الخطوة بالإفراج عن باقى الشباب المحبوس فى قضايا الرأى، وأظن أن دعوة الرئيس إلى الحوار الوطنى خلال إفطار الأسرة المصرية، كانت مفاجأة متوقعة نظرا لأنه كانت هناك متغيرات على أرض الواقع وتطورات على المستوى المحلى والعالمى تضع الجميع فى مأزق، وليس السلطة وحدها ولا يمكن التغلب عليها إلا باتحاد إرادة المجتمع كله للخروج من هذه الأزمة بأقل قدر ممكن من الخسائر، وحتى هذه اللحظة هناك ما يشير إلى أن المسار مستمر والإجراءات التى تم اتخاذها خلال الفترة الماضية مبشرة، مثل التوافق على أن يكون الحوار عبر هيئة مستقلة تمثل الحكومة والمعارضة مناصفة تقريبا، وأيضا التشارك فيما يخص المقررين والمقررين المساعدين وكل هذه المؤشرات تؤكد أن هناك حركة إلى الأمام.
كيف تنظر الآن إلى الهجوم الذى تعرضت له أحزاب التيار المدنى عندما قررت المشاركة فى الحوار الوطنى؟
البعض كان يلوم على المعارضة القبول بدعوة الحوار وهناك بعض القوى السياسية كان لديهم تشكك فى جدوى الحوار ومراهنة على إنه معرض للفشل، أنا لا أهاجم هؤلاء الأصدقاء، وأظن إنهم كان لديهم نوع من خيبة الأمل، بسبب التجارب السابقة والإحباط من ممارسات لا تشجع على بناء مستقبل، قاسوا ما يحدث على ما مضى، وأنا اعتقد إنهم مخطئين فى هذا التصور، والأحداث أثبتت إن موقف أحزاب المعارضة كان حكيما وموضوعيا، ويثبت مجددا لمن لازال لديه مزايدات أو شكوك، أن هذه الأحزاب تضع مصلحة الوطن فوق أى اعتبار، لأن القضية ليست قضية حكم ومعارضة فقط، وإنما قضية وطن ومواطنين.
هل الحوار الوطنى كافى لإعادة أحزاب المعارضة إلى المشهد السياسى؟
أعتقد أن الحوار مهم وبدون حوار ستتحول البلد إلى ساحة حرب وانفجار أزمات اقتصادية واجتماعية نحن فى غنى عنها الآن، لأن الأوضاع الحالية للبلاد لا تحتمل جولة ثالثة من الانفجارات الكبرى، والحوار ضرورة دائما وأبدا فى كل مجالات الحياة، وحينما يتوقف الحوار وتنسد مسالك الحوار فلا تستغرب من انفجار الأمر فى أى لحظة ولأوهن الأسباب.
هل تعتقد أن الموعد المحدد لإنهاء الحوار فى مارس القادم كافٍ؟
لا يمكن أن يمتد الحوار إلى الأبد، لكن حالة الحوار مطلوبة، وحتى بعد انتهاء هذا الحوار لابد من فتح المجال للاستماع للرأى الآخر.
هل ترى أن الترتيبات الخاصة بالحوار مناسبة؟
تم الاتفاق على أن ينقسم المشاركين فى الحوار إلى ثلث للدولة وثلث للمعارضة وثلث للخبراء وهذه صيغة مناسبة وتحمل قدر من التوازن والندية، ونحن نتقبل ما يعبر عن الصالح العام ويدفع باتجاه حل مشكلات المجتمع.
هل تتفق مع اعتبار الحوار الوطنى نقطة فاصلة فى العلاقة بين الدولة والمعارضة؟
قبل الحوار كانت هناك حالة من الجمود والركود أدت إلى أن قطاعا واسعا من المثقفين ورجال الفكر والسياسة والشباب أداروا ظهرهم إلى الشأن العام، وكلنا نعرف أن وسط المدينة كان منذ سنوات يعج بمئات الآلاف من الشباب، هؤلاء جميعا انصرفوا عن الشأن العام وهذا أمر خطير جدا، لأن هذه الجموع من الشباب هى صاحبة المستقبل، وأظن أن جانب من أهداف الحوار هو إعادة الشغف بالحياة السياسية للمجتمع وإعادة الحيوية، فاليوم لا يوجد مجتمع مدنى ولا حياة ثقافية أو سياسية، ولا شك أنه لو نجحت هذه الجولة من الحوار فإنها ستفتح الباب أمام تغييرات كبيرة فى المجتمع، خاصة أننا سيكون لدينا مطالب بإعادة النظر فى كثير من التشريعات المنظمة للحياة السياسية مثل قانون الأحزاب وقوانين الانتخابات وقانون الحبس الاحتياطى وحرية تداول المعلومات وهذه الحزمة من المطالب إذا تم تنفيذها فإنها ستكون فى صالح المجتمع.
هل الحوار الوطنى فرصة لعودة اليسار مرة أخرى؟
تأثير غياب اليسار عن المجتمع كارثى، لأن الدور الأساسى لليسار هو الدفاع عن الطبقات الفقيرة والكادحة والمسحوقة والطبقات المنتجة والفاعلة فى المجتمع، وبالتالى فإن غياب اليسار يمثل خلل كبير جدا فى المجتمع، لأن مقابل غياب اليسار هو تغول التطرف الدينى والتطرف اليمينى الذى نراه الآن، بالإضافة إلى أن اليسار هو عمود من أعمدة المجتمع، ويمكنك أن تلاحظ أنه فى فترة من الفترات لم يكن يوجد مثقف حقيقى فى مصر إلا وينتمى لليسار وجزء أساسى من إنقاذ الوضع الحالى هو إعادة الاعتبار لليسار.
لماذا يغيب اليسار عن مشروع الدولة الآن لمواجهة التطرف الدينى؟
الدولة فى مواجهة مع جماعة الإخوان والإرهاب ولكن لم تدخل فى مواجهة مع الفكر الحامل لمشروع الإرهاب الذى هو أخطر مليون مرة من الإرهاب نفسه، واستغرب من يتحدث عمن لم تلوث أياديهم بالدماء رغم أن سيد قطب وحسن البنا لم يحملا مسدسا أو قنبلة لكن أفكارهم كانت أخطر وأشد دمارا من أى قنبلة، للأسف نحن نواجه فكرا عميق الغور فى المجتمع، وأنظر إلى المصريين فى الشوارع الآن وهذا الكم الهائل من النقاب واللحى والجلاليب القصيرة حتى بعد 30 يونيو، لذلك لابد أن يشارك المجتمع فى المواجهة مع الإخوان والإرهاب الذى هو فى الأساس ظاهرة اجتماعية، والإرهاب يبدأ فى العقول وفى العقول ينتهى.
هل تعترف بأن تحالف التيارات المدنية مع الإخوان قبل 25 يناير والاشتراك معهم فى كيانات سياسية كان خطأ؟
نعم كان خطأ بنسبة 100% لكن الظروف كانت مختلفة، وهنا تأتى قيمة 30 يونيو إنها "عرت" الإخوان من كل مزاعمهم وادعاءاتهم، وأبانت عن أنيابهم التى أجادوا التستر عليها، وكشفت أن برنامجهم الحقيقى هو التمكين، والانفراد بالسلطة إلى الأبد وهم، قالوا إنهم سيظلوا فى الحكم 500 سنة، وإذا كان هناك من يدعو اليوم إلى التصالح مع الإخوان فهو يرتكب جريمة فى حق هذا الوطن.
هناك تخوف دائم من انسحاب التيار المدنى فى أى وقت من الحوار الوطنى؟
لا داعى أبدا لهذه المخاوف، وأنا أحضر كل اجتماعات التيار المدنى، وقرارنا ثابت بالمشاركة فى الحوار الوطنى، وانتهينا من أعداد ترشيحات المشاركين فى عضوية اللجان، وستقدم فى قائمة موحدة عن كل أحزاب التيار المدنى.
هل الحوار الوطنى فرصة لفتح الأبواب أمام المعارضة فى الخارج ؟
هناك قسم فى الخارج تابع للجماعات الإرهابية وهؤلاء أجندتهم ليست وطنية، ولهم تواصل مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية، وهؤلاء موضوعهم أمنى وليس سياسى، أما الآخرين فمن كان لديه أجندة وطنية يتفضل يدلى بدلوه، وللأسف أرى البعض من يمارس الزعامة علينا من الخارج، من يرى فى نفسه زعيما يأتى إلى مصر.
