سلطت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين الضوء على واحد من الملفات المهمة، التى أثارت تساؤلات الكثيرين خلال الفترة الماضية، وهو مصير لجنة العفو الرئاسى، حيث ناقش صالون التنسيقية فى جلسته أمس تحت عنوان "مأسسة العفو الرئاسى.. بين الواقع والمأمول"، وذلك لمناقشة ضرورة وأهمية أن يتم تحويل لجنة العفو الرئاسى إلى مؤسسة لها فروع فى عدد من المحافظات لكى تعمل فى إطار تنظيمى وبشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى الدور الكبير الذى قامت به اللجنة خلال الفترة الماضية والذى ساهم فى الإفراج عن أكثر من ألف سجين.
حاجة ملحة لمأسسة لجنة العفو الرئاسى واستدامة عملها
وفى هذا السياق قال النائب أحمد مقلد، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إنه مع الاتجاه الذى يدعو إلى مأسسة عمل لجنة العفو الرئاسى، لأن طبيعة عملها وما بذلته من جهود خلال الشهور الأخيرة كشفت الحاجة إلى ذلك، متابعا: "اللجنة قامت بدور مهم جدا، واليوم خلال ورشة عمل عقدتها التنسيقية حول ذات الملف،كانت اللجنة محل تقدير عظيم جدا بين كل القوى السياسية المشاركة".
وتابع مقلد، قائلا: "الدور الذى لعبته لجنة العفو فى الإفراج عن العديد من الأشخاص جعل العديد وأنا منهم يؤيد الاتجاه لمأسسة عمل اللجنة، وألا تقتصر فقط على العفو الرئاسى، فيكون لها دور فى الدعم النفسى والاجتماعى والاقتصادى للمفرج عنهم"، مستطردا: "اليوم مثلا إذا تم الإفراج عن شخص فيخرج ويواجه معوقات اجتماعية واقتصادية، وهنا دور اللجنة مهم لمتابعة هذا الأمر فيما بعد الخروج حتى لا يحدث العودة لأى فعل ارتكبه مرة أخرى، وبالتالى نوفر مظلة دائمة لرعاية من أفرج عنهم".
وأضاف عضو مجلس النواب: "من ناحية أخرى الكثير من الأشخاص يقعوا فى جرائم قد تكون بسيطة لكن قد تضر بمستقبلهم، وهذا الموضوع تم مناقشته اليوم فى ورشة العمل، وكانت هناك اقتراحات بإعادة النظر فى بعض العقوبات والجرائم التى ارتكبتها فئات مثل الأطفال والمرأة والشباب، لأنها قد تضر وتؤثر سلبيا على مستقبلهم، واللجنة ممكن تتدخل لرعايتهم حرصا على مستقبلهم وتحقيق إصلاح اجتماعى وأسرى، فلماذا لا تبدأ لجنة العفو فى نظر مثل هذه الحالات وتكون هناك متابعة دورية للتعامل معها".
وأشار مقلد، إلى أن فكرة الدعم القانونى والتواصل مع كافة جهات الدولة الرسمية، ومسألة تعزيز الحريات العامة وإخلاء سبيل العديد من الأشخاص، شجع على مناقشة هذا الأمر بأن يكون للجنة العفو الرئاسى مقر دائم، فى ظل النجاح الكبير للجنة فى الشهور القليلة الماضية وتعزيز الدولة المصرية الحريات العامة، مستكملا: "لو وصلنا لهذا الأمر سيكون له عظيم الأثر فيما بعد".
وتابع النائب أحمد مقلد: "الرئيس عبد الفتاح السيسى هو أكثر رئيس استخدم صلاحية وآلية العفو الرئاسى، لأنها موجودة فى الدساتير المتعاقبة ومشار إليها فى القوانين المتعاقبة، ما يؤكد إعلاء وتطبيق أحكام الدستور والقانون"، وواصل: "أكدنا ونؤكد أن كل من ارتكب عنفا وتورط فى دماء هو خارج إطار هذا الأمر سواء حاليا أو مستقبليا إذا ما تم اتخاذ إجراءات لمأسسة هذه اللجنة".
واستكمل: "أصبح هناك ضرورة ملحة لمأسسة وحوكمة عمل اللجنة، وهو أمر فرضته الممارسة والأمر الواقع، أن المسالة لن تقتصر على قوائم العفو ومراجعتها، ووجدنا أننا أمام عدد ضخم من الطلبات والأمور ذات البعد الإنسانى التى يمكن أن تنتهى وفقا لصلاحية رئيس الجمهورية فى العفو، وأمور تحتاج لوجود لجان داخلية، والبعد الإنسانى يعد غاية فى الأهمية، وهناك ضرورة لوجود أمانة فنية ومقر للجنة تمارس فيه عملها، والاستعانة بخبراء فى هذا الأمر، ليتسع الأثر الإيجابى لما شهدناه من أداء لجنة العفو الرئاسى، والعديد من الناس ينظرون للأمر بمستوى من الرحمة بعد ما تم إنجازه".
ولفت مقلد، إلى أن مأسسة لجنة العفو الرئاسى داخليا سيكون بالتنسيق مع الجهات المختصة مثل المجلس القومى لحقوق الإنسان ولجنتى حقوق الإنسان بمجلسى النواب والشيوخ، قائلا: "نعول بشكل كبير على استدامة عمل اللجنة ومأسسة عملها مما يساعد على وضع أطر أوسع للعدالة، وهناك توصيات مهمة بشأن التقاضى على درجتين فى الجنايات، وملف الحبس الاحتياطى والتوسع فى العقوبات البديلة، والعديد من الأمور إذا ما تم توسيع صلاحيات لجنة العفو الرئاسى وتكوين لجان متخصصة قانونية واجتماعية واقتصادية ستساعد كثيرا، ونحن نعول كثيرا على مؤسسة الرئاسة لأن فى كثير من الأمور كانت دائما سابقة للجميع".
استدامة ومأسسة لجنة العفو الرئاسى وتوسيع اختصاصاتها
ومن جانبه قال إيهاب رمزى، عضو مجلس النواب، إن لجنة العفو الرئاسى تعمل من أجل التنسيق والبحث والتواصل مع مؤسسة الرئاسة ومع أجهزة الدولة ومع الجمهور أو المتضرر أو أسرة المتضرر لكن صاحب قرار العفو هو رئيس الجمهورية وفقا للقانون، والوضع الحالى عندما كلف اللجنة من أجل التنسيق، وبالتالى مهمتها التنسيق والتواصل، متابعا: "لما دخلنا الواقع العملى لقينا الموضوع كبير وأضرار ومعالجة أضرار وتواصل مع الأجهزة المعنية، فأصبحت الحاجة لاستدامة تلك اللجنة، لأن الامر ليس بصدد ظرف استثنائى لأن سلطة العفو موجودة فى الدستور، لذلك أمر العفو محتاج تنسيق دائم".
وقال رمزى: "أنا من أنصار توسيع اختصاصات اللجنة وتوسيع دائرة العفو، العفو قاصر على حالات معينة، ولابد من توسيع الاختصاصات، وذلك يحتاج استدامة ومقرات، واللجنة مكونة من كام فرد ومقرها فين؟، وهل تقدر تواكب على مستوى الجمهورية وكل الحالات أم لا؟، التوسيع والاستدامة مهم للتغطية والفاعلية والإنجاز بسرعة، تقريبا اللجنة تنجز كل أسبوع قائمتين وتحتاج قانونيين وخبراء".
وتابع: "نحتاج إلى التدخل السريع فى العدالة الجنائية لإحداث نهضة تشريعية تواكب كل العصر الحديث والفكر الحديث لكثير من التشريعات، وحتى الآن لم يصل لمجلس النواب أى مشروعات قوانين خاصة بالإجراءات الجنائية، وأنا تقدمت بمشروعات قوانين منها استئناف الجنايات وهو أمر مهم جدا وعاجل منصوص عليه فى دستور 2014، وفيه مهلة عشر سنوات لإصدار التشريع، والحبس الاحتياطى فى نظرى يحتاج الأمر إلى تفعيل وتوسيع بدائل الحبس الاحتياطى".
واستطرد: "هناك تشريعات المفروض تصدر الفترة القادمة منها بدائل الحبس الاحتياطى وبدائل العقوبات، عندنا العقوبات البديلة استبدال العقوبة السالبة للحرية بخدمات عامة يقدر يقدمها المواطن الصالح، وذلك يمكن أن يدخل فى اختصاصات اللجنة، وفى انتظار قوانين جديدة بشأن العدالة الجنائية، والتماس إعادة النظر بتوسيع دائرته، لتشمل حالات كثيرة جدا، وهناك تشريعات تكون سبب لإعفاء قانونى".
وأوصى عضو مجلس النواب، بأن يتم تثبيت أركان واستمرارية وتوسيع اختصاصات لجنة العفو الرئاسى، والعمل على تشريعات العدالة الجنائية والتدخل السريع سواء من خلال لجان مجلس النواب أو المجلس القومى لحقوق الإنسان أو لجنة العفو نفسها، وأن تشمل اختصاصات لجنة العفو كذلك العفو الصحى خاصة أن هناك مسجونين يتجاوزون 80 عاما.
عدد المفرج عنهم بلغ 1200 حتى الآن
فيما قال النائب محمد عبد العزيز، عضو لجنة العفو الرئاسى، وعضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن جارى حاليا تجهيز قائمة جديدة بأسماء للإفراج أو العفو عنهم قريبا، مشيرا إلى أن عدد المفرج عنهم أو صدر لهم قرارات عفو تجاوز ألف شخص حتى الآن، وتقريبا الرقم يصل لـ1200 مواطن.
وقال عبد العزيز: "نوجه الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى، صاحب مبادرة إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسى فى إفطار الأسرة المصرية، واللجنة تتلقى دعم كبير من الرئيس، وذلك ظاهرا لكل من يتابع عمل لجنة العفو، كل أسبوع تقريبا قائمتين أسماء يتم إخلاء سبيلهم والعفو عنهم، وأحيانا تصل إلى 3 قوائم فى غضون عشرة أيام فى أوقات متقاربة، وهو ويؤكد أهمية عمل اللجنة واهتمام ومتابعة الرئيس".
وأشار، إلى أن اللجنة تتلقى دعم كبير من رئيس الجمهورية فى مسألة دمج المفرج عنهم فى الحياة العامة والتواصل معهم، متابعا: "اللجنة تقترح القوائم المعنية ويجرى فحصها ثم تقترحها على مؤسسة الرئاسة، وأصبح هناك إشكالية جديدة أن شباب خرجوا فيتعرضون لمشاكل نتيجة فترة حبسهم، وأصبحنا نتواصل مع جهات معنية للعمل على هذا الأمر، وبالتالى العمل يتوسع".
وأضاف، أن وجهتى النظر بشأن مأسسة عمل اللجنة لهما وجاهتهما، فهناك وجهة نظر أن اللجنة أنشأت فى فترة استثنائية مؤقتة تنتهى بعد انتهائها، لكن أثناء الممارسة بحاجة لمزيد من المؤسسية، مستطردا: "متفق مع فكرة المؤسسية مع الأخذ فى الاعتبار أن لجنة العفو تقوم بدور فى فترة استثنائية ولا أتحدث عن مؤسسة دائمة، وممكن اختلف مع جزء من توصيات ورشة العمل بأن تتولى اللجنة نشر ثقافة حقوق الإنسان، حتى لا يحدث تداخل مع مهام المجلس القومى لحقوق الإنسان، أرى أن يكون عمل مؤسسى فى لحظة استثنائية لتؤدى واجبها بشكل أكثر كفاءة وأكثر تنظيما".
وتابع: "خرج حتى الآن نتيجة أعمال لجنة العفو، تجاوزنا رقم الألف، تقريبا حوالى 1200 تم إخلاء سبيلهم أو العفو عنهم، وهناك طلبات تصل بشكل متكرر ناس تقدم من خلال لمجلس القومى وترسل للجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب وترسل على الاستمارة على النت، ونتيجة تكرار الأسماء، نجرى عملية حصر الآن وفلترة، وبعدها سيتم إصدار بيان إحصائيى بالعدد الإجمالى".
وقال عضو لجنة العفو: "نحتاج مراجعة الأسباب التى تؤدى حبس ناس على ذمة قضايا، الأمر يحتاج إصلاح تشريعى واسع، وإجراء تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية، وأرى أننا بحاجة إلى تعديلات عاجلة تضمن أن يكون الحبس الاحتياطى إجراء احترازى إذا كان خوف من إضرار بالشهود والأدلة، الأمور التى تؤثر على سير العدالة، وهناك ضمانات وكل هذا الأمور موجود فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ولابد من تحديد المدد فى كل الجرائم".
وأشار عبد العزيز، إلى ضرورة تشكيل أمانة فنية للجنة، والعمل على تعديل تشريعى فى الإجراءات الجنائية، واستبدال العقوبات السالبة للحرية بعقوبات أخرى بديلة، والتوسع ما بعد العفو فى الدعم النفسيى والتأهيل ومحاولة حل المشكلات التى قدى يتعرض لها الشباب بعد الإفراج عنهم، وتوسيع التعاون مع الجهات المعنية .
"القومى لحقوق الإنسان" ينسق مع لجنة العفو الرئاسى
وبدوره أشاد ولاء جاد الكريم، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، بدور وجهود لجنة العفو الرئاسى، مؤكدا أنها أحدثت حراكا فى ملف مهم جدا ومحتقن، وهو ملف المحتجزين على ذمة قضايا أو صادر ضدهم أحكام فى قضايا، وتابع: "لا أميل لمصطلح قضايا الرأى، ممكن نسميها القضايا المرتبطة فى سياق الممارسة السياسية، خلال الـ7 أو 8 سنوات الماضية الدولة كانت تواجه إرهاب وقد يكون هناك تشدد فى قوانين وتشريعات جعل هناك حالات موجودة قيد الحبس الاحتياطى، واللجنة لعبت دور مهم فى الخروج من المساحة الرمادية".
وقال جاد الكريم: "مهم أن أفرق بين المأسسة والاستمرارية، هل نحن إزاء تحويل لجنة العفو إلى كيان مستديم يأخذ شكل قانونى، مثلا كيان أهلى وفقا لقانون المنظمات الأهلية، أو كيان سياسى وفقا للقوانين المنظمة، أو تحويل اللجنة بصيغتها الحالية لكيان متوافق مع القوانين، ولا نحن إزاء مأسسة عمل اللجنة بوضعها الحالى واختصاصاتها الحالية، بحيث المأسسة قرين الحوكمة وأن تكون أكثر فاعلية وانتشار وقدرة على التواصل مع المستحقين للعفو وأسرهم فى محافظات مصر المختلفة..توجه مشروع لا يخل بطبيعة عمل اللجنة، أما لو بنتكلم عن استمرارية عمل اللجنة بمعنى خلق كيان تحت مسمى لجنة العفو الرئاسى، أرى أن أضرار هذا التوجه أكثر من منافعه".
وأكد عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن المجلس يقوم بالتنسيق مع اللجنة على أعلى مستوى، قائلا: "المجلس سخر كل القنوات المتعلقة بتلقى الشكاوى سواء فروعه الـ11 والمقر الرئيسى لمكتب الشكاوى ومقراته لتيسير عمل لجنة العفو ومساعدتها، من حصر وتلقى وفلترة قانونية لكل طلبات العفو، وتم التنسيق على أعلى مستوى مع اللجنة"، مشيرا إلى أن المجلس القومى لحقوق الإنسان منذ بداية شهر مايو 2022 بعد دعوة رئيس الجمهورية لإحياء لجنة العفو الرئاسى وحتى نهاية شهر أكتوبر الماضى، شارك مع اللجنة، وتلقى 4237 طلب عفو، وهذا الرقم قد يكون له دلالة، حيث إن ثلث هذا العدد من المحبوسين احتياطيا، وتقريبا حالات العفو الرئاسى التى تمت حتى الآن غطت هذا الرقم، ومعظم المحتجزين احتياطيا تم الإفراج عنهم خلال الفترة الماضية.
واستكمل جاد الكريم: "فئات السن أيضا الحالات المستحقة للعفو، كنا نتكلم عن نوع معين من الجرائم، مثل جرائم مخالفة أحكام قانون التظاهر والتجمهر، ونشر أخبار كاذبة أو الانضمام حتى لجماعة أسست على خلاف القانون ما لم يرتبط ذلك بجرائم عنف ودماء وتخريب وغيرها، و95% من طلبات العفو التى قدمت من المجلس للجنة كلها فى إطار هذه الاتهامات أو الجرائم".
وأوضح، أن التعاون بين المجلس ولجنة العفو الرئاسى يعزز عملية المأسسة، متابعا: "لا نتطلع فقط أن اللحنة تكون حلقة وصل بين المستحقين للعفو وسلطة الرئيس الدستورية فى إصدار العفو، لكن نتطلع أيضا إلى أن تلعب اللجنة دور فى التعاون المجلس والجهات المعنية فى إصلاح التشريعات، ومسببات الحبس الاحتياطى، والأسباب الجذرية للمشكلة، فهناك عدد كبير من الجرائم تحتاج لإعادة النظر".
وأشار، إلى أنه يمكن استخدام وتوظيف المقومات المتاحة للجنة الشكاوى بالمجلس لتكون كأمانة فنية متطوعة للجنة العفو الرئاسى، سواء من مقرات تساعد وتمد اللجنة ما تحتاجه من موارد بشرية للتعامل مع التحديات والأطر الجديدة التى طرأت على العمل.