تعيش أمريكا لحظات حاسمة مع انطلاق انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، التى تتم مع انتصاف مدة الرئيس الأمريكى فى الحكم، ورغم أنها انتخابات تشريعية يتنافس فيها الديمقراطيين والجمهوريين على المجلسين التشريعيين، إلا أن أهميتها تتخطى حدود كونها مجرد انتخابات، بل يعتبرها المراقبون استفتاء على شخصية الرئيس الأمريكى جو بايدن ومؤشر قوى على الرئيس المقبل.
وفى تلك الانتخابات التى تنطلق اليوم، يختار الأميركيون كل أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 نائبا، ونحو ثلث أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100، وحكام 36 ولاية من أصل 50، ووصل الإنفاق على الحملات الانتخابية إلى 16.7 مليار دولار على الانتخابات الفيدرالية والمحلية فى الولايات المتحدة.
وخلال الحملات الانتخابية اتفق الحزبان المتنافسان على شيء واحد وهو حث الناخبين بشتى الطرق على الادلاء بأصواتهم، فكانت رسالة "اذهبوا إلى التصويت" هى شعار حملات انتخابية لكلا الحزبين، فيما تصاعدت حدة الخلافات السياسية بينهما فى صراع شرس لاقتناص المقاعد.
وظهر الصراع جليا فى جولات الرئيس السابق دونالد ترامب لدعم الجمهوريين، فيما ظهر جو بايدن وباراك أوباما معا فى الحملات الانتخابية لدعم الديمقراطيين، وبينما اعتبر بايدن وأوباما الانتخابات معركة من أجل الديمقراطية، رأى ترامب أن أمن وسلامة البلاد على المحك.
ومضت الساعات الآخيرة تحمل مزيدا من الأمل للجمهوريين بالعودة لأغلبية الكونجرس، فيما مرت ثقيلة على الديمقراطيين ومن خلفهم الرئيس جو بايدن، بعد أن تهاوت شعبيتهم فى استطلاعات الرأى الآخيرة قبل التصويت.
ومن المتوقع أن يعود إلى مجلس النواب الأمريكى 28 جمهوريا، فى حين يحتاج الحزب بأنهم يحتاجون إلى 5 أعضاء فقط لنيل الأغلبية فى المجلس، فى حين تتجه كافة الأنظار إلى ولاية بنسلفانيا والتى تشهد صراع محتدم بين الحزبين، حيث هناك فارق ضئيل يفصل بين مرشح الحزب الديمقراطى جون فيترمان، 53 سنة، والمرشح الجمهورى ميميت أوز، 62 سنة.
وألقى ظهور الرئيسين الأمريكيين الحالى بايدن والأسبق أوباما فى مؤتمر انتخابى فى هذه الولاية، فى عطلة نهاية الأسبوع التى تسبق الانتخابات، الضوء على أهمية هذه الولاية بالنسبة للحزبين، وكان فوز ترامب بأغلبية الأصوات فى بنسلفانيا من العوامل التى ساعدته على الفوز بمقعد الرئاسة الأمريكية فى 2016.
وكشفت أحدث استطلاعات الرأى لانتخابات التجديد النصفى، أنه على الرغم من أن الديمقراطيين يسيطرون فى الوقت الراهن على مجلسى الشيوخ والنواب، إلا أنهم مهددون بفقد تلك الأغلبية فى مجلس النواب. كما أنهم يصارعون بكل قوة من أجل الحفاظ على الأغلبية فى مجلس الشيوخ الأمريكى.
ومع تراجع شعبية بايدن إلى 40%، وفقا لأحدث استطلاعات الرأى، أصبح أمام الجمهوريين الكثير من السلبيات التى يمكنهم انتقادها فى أداء الرئيس الأمريكى وسط حالة من القلق تنتاب الأمريكيين إزاء التضخم المرتفع وحمل السلاح فى الولايات المتحدة بالإضافة إلى قضية الهجرة.
ويعتبر فوز الجمهوريين بغرفة تشريعية واحدة سيعرقل بشدة جدول الأعمال التشريعى للرئيس بايدن فى باقى مدته الرئاسية وبالتالى مزيد من الغضب ضد حزبه الديمقراطى ومن ثم خسارة الانتخابات الرئاسية فى بعد عامين من الآن، وظهر ذلك الخوف عندما حذر الرئيس الأمريكى جو بايدن من محاولات عزله من منصبه فى حال سيطرة الجمهوريين على الكونجرس الأمريكى فى انتخابات التجديد النصفى.
ووفقا لوول ستريت جورنال، قال بايدن خلال خطاب ألقاه فى كلية ميراكوستا فى سان دييجو: "لقد تم إخبارى بالفعل أنه إذا استعادوا مجلسى النواب والشيوخ، فسوف يعزلونني"، لافتا إلى أنه لا يعرف سبب تلك الإقالة، بينما يعول الرئيس السابق ترامب على تلك الانتخابات بأنها آخر فرصة له للعودة لقيادة الجمهوريين، فى الانتخابات الرئاسية 2024.
ويلعب كل من الحزبين بعدد من القضايا حيث يٌصدر الديمقراطيون قضية الحق فى الإجهاض والتى قد تخسرها النساء إذا فاز الجمهوريين، فى حين يٌصدر الجمهوريون ومن خلفهم ترامب قضايا التضخم والإحباط من ارتفاع مستوى المعيشة والركود.
واليوم ستكون ولايات أريزونا وجورجيا وميتشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن ونيفادا، محط أنظار المتابعين لانتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، والتى – وفقا لسى ان ان - لعبت دورا حاسما فى الانتخابات الرئاسية، وكانت سببا رئيسيا فى فوز الرئيس الأمريكى جو بايدن عام 2020.