- نصيب الدول النامية لم يتجاوز سوى مشروعين من ضمن نحو "680" مشروعًا مقترحًا فى مجال الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم
قال الرئيس عبد الفتاح السيسى، إن مصطلح "الهيدروجين الأخضر"، ربما بات الأكثر شيوعًا واستخدامًا، خلال السنوات القليلة الماضية فى سياق الحديث عن التحول نحو الطاقة المُتجددة، وتقليص الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية لاسيما وأن أزمة الطاقة التى يمر بها العالم فى الوقت الراهن، قد فرضت علينا جميعًا، تحديًا حقيقيًا، فى تأمين إمدادات الطاقة التى تحتاجها دولنا دون الإخلال بواجباتنا تجاه مواجهة أزمة المناخ العالمية أو التراجع عن الأهداف التى توافقنا عليها والسياسات الوطنية التى نساهم من خلالها فى هذا الجهد.
جاء ذلك، خلال كلمة الرئيس السيسى، اليوم فى المائدة المستديرة "الاستثمار فى مستقبل الطاقة: الهيدروجين الأخضر".
وأضاف الرئيس السيسى أن الهيدروجين الأخضر، أحد أبرز الحلول، على صعيد التوجه نحو الاقتصاد الأخضر، خلال السنوات القادمة بما يمثله من فرصة حقيقية للتنمية الاقتصادية، المتوافقة مع جهود مواجهة تغير المناخ، ومع أهداف "اتفاق باريس"، مضيفًا: "الكثير من الدول، قد بدأت بالفعل، فى اتخاذ خطوات جادة فى هذا الاتجاه سواء من خلال صياغة سياسات وطنية للهيدروجين أو من خلال وضع أهداف زمنية طموحة، للانتقال التدريجى للهيدروجين الأخضر، كمصدر رئيسى للطاقة إما من خلال الإنتاج المحلي، أو الاستيراد من الخارج أو كليهما".
وأكد الرئيس السيسى، أن مصر كانت من أولى هذه الدول، التى أدركت مبكرًا الفرص المتاحة فى هذا المجال استنادًا إلى إمكاناتها الهائلة فى إنتاج الطاقة النظيفة والتى ستمكنها من التحول إلى مركز عالمي، لإنتاج الهيدروجين الأخضر، على المديين المتوسط والبعيد.
وتابع الرئيس السيسى: "وفى إطار الترجمة العملية لذلك، وكمثال حى على مبدأ "التنفيذ"، الذى نجتمع اليوم تحت مظلته أقوم اليوم مع فخامة رئيس وزراء النرويج، بإطلاق المرحلة الأولى، لمشروع إنشاء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بقدرة "100" ميجاوات، فى "العين السخنة" والذى يعد نموذجًا عمليًا، للشراكة الاستثمارية المحفزة للتنمية الاقتصادية المستدامة والتى ترتكز، إلى جانب دور الحكومات، على القطاع الخاص الوطنى والأجنبى للعمل يدًا بيد فى هذا القطاع المثمر وستتاح لنا الفرصة اليوم، للتعرف على كافة جوانب هذا المشروع من الشركات المنفذة له، والتى تشارك معنا فى هذا الحوار".
وأضاف الرئيس السيسى: "أما وأننا قد اتفقنا، على أن الصراحة والمكاشفة، هما السبيلان الوحيدان، نحو المضى قدمًا، بشكل منسق، نحو أهدافنا المشتركة فاسمحوا لى أن أنقل لكم، بعض ما يثير قلقنا هنا فى مصر، وفى غيرها من الدول النامية الصديقة".
أولًا: على الرغم من الفرص التى يتيحها قطاع الهيدروجين، والجارى ترجمتها بالفعل، إلى مشروعات فى الكثير من الدول فوفقًا للوكالة الدولية للطاقة، فإن نصيب الدول النامية من هذه المشروعات المقترحة، لم يتجاوز سوى مشروعين، من ضمن نحو "680" مشروعًا مقترحًا، فى مجال الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم ومن ثم، يظهر جليًا أن الدول النامية، تظل أقل قدرة على الاستفادة، من الفرص التى يمثلها التحول نحو الهيدروجين الأخضر بخطى متسارعة، وذلك لضعف قدراتها التكنولوجية فى هذا المجال الجديد، وغياب البنية التحتية اللازمة للنقل والتخزين، وخلق سلاسل الإمداد اللازمة للتجارة الآمنة وكذلك لضعف تدفقات التمويل والاستثمارات الموجهة إليها، على نحو مستدام.
ثانيًا: إنه وحتى فى الحالات القليلة، التى تستطيع فيها الدول النامية، أن تخطو خطوات ثابتة فى هذا المجال، كمصر؛ على سبيل المثال يظل عليها مواجهة التحدي، الناجم عن توجه بعض الدول، لدعم منتجى الهيدروجين الأخضر المحليين، على نحو يخفض من تكلفة إنتاجهم وهو الأمر الذى يتسبب فى إحداث الخلل بالسوق العالمى للهيدروجين ويساهم فى إضعاف تنافسية الهيدروجين الأخضر المنتج بالدول النامية، مقارنة بنظيره من الدول المتقدمة وهو ما يضاف إلى التحديات الفنية، المرتبطة بالمعايير والاشتراطات، الخاصة بتجارة الهيدروجين وتحديد مصادره والتى يتعين أن تتسم بالمرونة، مع الحفاظ على مبادئ الشفافية.
وقال الرئيس السيسى، إن ما يدعوه إلى طرح هذه الشواغل، هو ثقته فى أن حوارهم اليوم، لابد وأن يخرج بخطوات تنفيذية واضحة، نتوافق عليها جميعًا تصل بنا إلى آليات وحلول ناجعة، تدفعنا نحو تحقيق أهدافنا المشتركة، فى تحول الطاقة.
من هذا المنطلق، واتساقًا مع مبدأ "التنفيذ"، الذى نركز عليه فى هذه القمة، أعلن الرئيس السيسى، عن مبادرة جديدة، عملت عليها مصر وبلجيكا، خلال الأشهر الماضية بالتنسيق مع عدد من الشركاء وبالشراكة مع "ألكسندر دى كروو"، رئيس وزراء بلجيكا، بإطلاق مبادرة "المنتدى العالمى للهيدروجين المتجدد" والتى تهدف إلى إنشاء منصة دائمة، للحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة للهيدروجين ومع القطاع الخاص والمنظمات، ومؤسسات التمويل العاملة فى هذا المجال بغرض تنسيق السياسات والإجراءات، وخلق ممرات للتجارة والاستثمار فى الهيدروجين بما يساهم فى الإسراع من وتيرة الانتقال العادل، الذى نصبو إليه جميعًا.
وفى ضوء أن هذه المائدة، تجمع بعض كبريات الدول المنتجة والمستهلكة للهيدروجين، ورؤساء المنظمات والشركات العاملة فى هذا القطاع، عبر الرئيس السيسى عن تطلعه إلى نقاش هادف ومثمر وبناء نستمع فيه إلى التوجهات والآراء المختلفة ونتعرف من خلاله على أفضل الممارسات والخبرات المتراكمة، مضيفًا:" وإننى لعلى ثقة، أننا سنخرج اليوم، أكثر فهمًا لطبيعة المسألة، وأكثر وعيًا بحجم العمل، الذى يتعين علينا القيام به فى هذا الإطار، لتحقيق ما نطمح إليه".
كان الرئيس السيسى، استهل كلمته، بتوجيه الشكر للحاضرين فى الاجتماع المهم، كما خص بالشكر "أولاف شولتز"، المستشار الاتحادى لألمانيا، على الرئاسة المشتركة لهذه المائدة، والتى تتناول إحدى أهم القضايا، فى إطار مواجهة تغير المناخ، بل ربما أهمها على الإطلاق وهى الاستثمار فى مستقبل الطاقة وبالتحديد فى الهيدروجين الأخضر.