لم يكن مجرد جيش نظامى، بل إنه صنف من أقوى جيوش العالم، حيث احتل الجيش العراقى المرتبة الرابعة عالميا بعد "الاتحاد السوفيتى وأمريكا، وبريطانيا"، هذا الترتيب كان عام 1989 وبقى يحتل هذه المرتبة حتى عام 1991.
ولكن بسبب ارتباط ذكرى الجيش العراقى بحقبة الرئيس صدام حسين والتى يراها البعض حقبة ديكتاتورية بامتياز، واجه مشروع قانون التجنيد الإلزامى أو كما يُطلق عليه "خدمة العلم" معارضة شرسة داخل البرلمان.
وبدأت الخدمة العسكرية الإلزامية في العراق في العام 1935 في الحقبة الملكية، إلى أن صدر قرار فى 23 مايو 2003 من قبل الحاكم المدني الأمريكى بول بريمر، بحل القوات المسلحة العراقية وتسريح جميع عناصر الجيش العراقي والحرس.
ومنذ هذا التاريخ تحول نظام العمل بالجيش العراقي إلى التطوع والخدمة غير الإلزامية، ومنذ ذلك الحين مرّ العراق بحرب طائفية (2006-2008)، واحتلّ تنظيم داعش جزءاً من أراضيه (2014-2017)، حتى أعلن العراق انتصاره على الإرهابيين منذ نحو خمس سنوات.
وبعد تلك السنوات عاد مجددا مشروع قانون التجنيد الإلزامى للواجهة بعد أن تم عرضه على البرلمان خلال الأيام الماضية الأمر الذى أثار جدلا كبيرا بين مؤيد ومعارض للقانون، والذى اعتبره رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وسيلة لإعداد جيلٍ من الشباب أكثر قدرة على مواجهة مصاعب الحياة، مُلِمٍ بالحقوق والواجبات، ومتحفز لحفظ الدولة وسيادتها، ويسهم في تعزيز منظومة القيم والأخلاق والانضباط والالتزام بالهُوية الوطنية.
وسيشمل مروع القانون في حال تشريعه بصيغته الحالية مَن هم ما بين 18 و35 عاماً، وعمر الخدمة يحدده التحصيل الدراسي لكل مستحق، إذ إن مَن لديه شهادة متوسطة سيخدم 18 شهراً والإعدادية 12 شهراً والجامعة والمعاهد أو ما يعادلها 9 أشهر والماجستير أو ما يعادلها 6 أشهر والدكتوراه 3 أشهر.
وسيُمنح المكلفون مرتباً يتراوح بين 600 و700 ألف، والمتطوعون الحاليون في الجيش سيستمرون في الخدمة إلى حين وصولهم لسن التقاعد.
ويرى المؤيدون للقانون أنه وسيلة لمحاربة الطائفية وتعزيز الانتماء للوطن، حيث قال عضو مجلس النواب، همام التميمي، وفقا لفضائية السومرية، إن "مشروع قانون خدمة العلم أو ما يعرف بالتجنيد الإلزامي سيخلص العراق من الطائفية، ويخلق حالة من التوازن بين أفراد المجتمع العراقي".
وأضاف، أن "الجيش العراقي بات بحاجة ماسة إلى دماء جديدة، كون أغلب المنتسبين وصلوا إلى سن كبير"، منوهاً إلى أنه "كل ما كانت الأعمار كبيرة كانت الفاعلية أقل وبالتالي يلزم هذا الأمر إيجاد قوة عسكرية شابة".
وشدد على ضرورة "خلق وزارة (دفاع) رصينة بعيدة عن المسميات والأحزاب تدافع عن البلد بكل وطنية".
وقال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع، سكفان سندي، في تصريحات للقناة الرسمية، إن «المضي بتشريع مشروع قانون خدمة العلم عبر البدء بقراءته جاء بعد عقد اجتماعات متعددة ومطولة للجنة الأمن والدفاع النيابية، ورأينا أنه يصب بمصلحة الشعب العراقي».
وأضاف أن «تطبيق مشروع القانون سيتم في حال تشريعه بعد سنتين من نشره بجريدة الوقائع العراقية وفق ما جاء في نصه، بمعنى أنه سيكون هنالك متسع من الوقت يصل لعامين من أجل تهيئة جميع مستلزماته المالية أو من ناحية المعسكرات، وحتى الآن لم تبدِ الحكومة أو القادة العسكريون أي اعتراضات على تشريع القانون».
ويعتقد العضو النيابي أن «تشريع القانون ضروري لوجود مخاطر تتعلق بالإرهاب في البلد
فى حين يرى المعارضون، أن الجيش يحتاج إلى عتاد أكثر من الأفراد، وقال أستاذ الاقتصاد عماد عبد اللطيف سالم، في تدوينة، إن "التشغيل أهم من التجنيد، والإنفاق الاستثماري أهمّ من الإنفاق العسكريّ، والورش والمعامل والمشروعات أهم من الثكنات، والتعليم الإلزامي أهم من التجنيد الإلزامي، والمستشفيات أهم من دوائر التجنيد، والكتاب المدرسي أهمّ من البندقيّة، والمدارس أهمّ من المعسكرات، والأطفال أهمّ من الجنرالات".
كما استنكر حزب "البيت الوطني" المنبثق عن حراك تشرين، تشريع قانون التجنيد، وقال في بيان: "في الوقت الذي يتطلع فيه العراقيون جميعاً إلى تشريع قوانين تسهم في رفع مستوى الشفافية والنزاهة داخل مؤسسات الدولة وتعزيز الديمقراطية في هذا البلد، نتفاجأ بسماع نوايا البرلمان العراقي وهو يعتزم تشريع قانون التجنيد الإلزامي الذي يعيدنا إلى الحقبة الديكتاتورية المقيتة التي تسلطت على رقاب العراقيين أكثر من ثلاثين عاماً".
ودعا البيت الوطني مَن وصفهم بـ"النواب الوطنيين المعارضين لقوى الظلام" إلى منع تمرير القانون وثني القوى الظلامية عن تشريعه.