"الطائر تحرر".. جملة أعلن بها الملياردير إيلون ماسك عن صفقة استحواذه لموقع التواصل الاجتماعى تويتر، فى إشارة إلى لوجو المنصة العالمية، تلك الجملة التى أعقبها الإعلان عن عدد من الإجراءات الجديدة التى سيتم تطبيقها على تويتر فى إطار خطة أطلق عليها ماسك "خطة إصلاحات"، ولكن على مايبدو أن الملياردير العالمى كان مخطئا فى ظنه.
وتلقى مالك تويتر الجديد ردا سريعا من قبل الاتحاد الأوروبى بـ"أن الطائر سيطير وفقا لقواعدنا"، حيث سرعان ما كتب أكثر من مائة عضو فى البرلمان الأوروبى إلى رئيسة البرلمان الأوروبى روبيرتا ميتسولا، يطلبون منها استدعاء الملياردير إيلون ماسك لحضور جلسة استماع برلمانية عاجلة لمناقشة الإصلاحات التى ينوى تنفيذها فى الشبكة الاجتماعية، والعقوبات المالية التى قد يتعرض لها فى حال مخالفة قوانين الاتحاد.
وكان ماسك قد أعلن عن مجموعة من خطط الإصلاحات التى سيطبقها على موقع التواصل الاجتماعى تويتر أثارت جدلا عالميا بين مستخدمى الشبكة، ومن ضمنها تطبيق اشتراك شهرى مقابل العلامة الزرقاء، وعبر الملياردير مرارًا وتكرارًا عن دعمه لـ "حرية التعبير المطلقة" والاعتقاد بأنه طالما أن هناك شيئًا ما قانونيًا، فيجب السماح بمشاركته على Twitter والبقاء هناك.
وأثار هذا التصريح مخاوف بين النشطاء من أن المنصة قد تصبح مكانًا أكثر تعسفًا واستقطابًا، ورفع من درجة القلق بالفعل ما قام به ماسك من إقالة فرق Twitter المسؤولة عن الإشراف على المحتوى، وما تبعها من حثه بشكل مباشر لأتباعه على المنصة لدعم المرشحين الجمهوريين اليمينيين فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس يوم الثلاثاء، مما يعد تأثيرا على الجمهور.
تصرفات ماسك على مدار الأسبوع الماضى أثارت مخاوف بشأن الاتجاه السياسى لمنصة التواصل الاجتماعى، التى يستخدمها بشدة العديد من المشرعين وواضعى السياسات الأوروبيين، وهو مادفع المجموعة البرلمانية الأوروبية بطلب استدعائه بشكل عاجل لجلسة استماع حول حقيقة نواياه.
وقالت ديتا شارانزوفا، العضوة العليا فى البرلمان الأوروبى فى لجنة السوق الداخلية، إنه لا يمكن ترك تويتر ليصبح "مكانًا جحيمًا بائسًا" وأنه يجب اتباع قوانين الاتحاد الأوروبى، كما قالت صوفى إن فيلد، رئيسة أعضاء البرلمان الأوروبى فى لجنة الحريات المدنية والشؤون الداخلية فى رينيو: "قد يكون الطائر حراً، لكن يجب أن تظل القيم والقوانين الأوروبية سارية على تويتر".
وأضافت: "قد يكون إيلون ماسك أغنى رجل فى العالم، لكن لا أحد غير خاضع للمساءلة، جلسة استماع مع السيد ماسك فى البرلمان الأوروبى ستكون فرصة للمشرعين الأوروبيين للتدقيق فى أفعاله ونواياه، فإن تصريحه والإجراءات التى اتخذها حتى الآن تثير القلق، أثار ماسك الجدل أثناء قيامه بتغيير الموقع، وقد أثار بالفعل القلق من خلال إقالة فرق Twitter المسؤولة عن الإشراف على المحتوى".
ووضع الاتحاد الأوروبى خلال يوليو الماضى تشريعات لتنظيم الفضاء على الإنترنت، لإجبار عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين على اللعب وفقًا لقواعد السوق الأوروبية، وقالت النائبة الأوروبية : "على العكس من ذلك، يجب أن تفعل أكثر مما كانت تفعله لمكافحة المعلومات المضللة والكراهية. يجب أن يأتى لرؤيتنا حتى يتمكن من فهم القواعد الأوروبية للعبة. لديه التزامات بموجب قانون الخدمات الرقمية (الاتحاد الأوروبي) وقانون 2022 لممارسة المعلومات المضللة، والتى يخضع لها تويتر."
ونهج ماسك المحتمل فى إدارة تويتر بفتح المجال لنشر أى أفكار عبر المنصة، وإذا تم تطبيقه الآن فسيتعارض قريبًا مع القوانين ليس فقط داخل الاتحاد الأوروبى بل داخل بريطانيا أيضا، فمن المؤكد أن نهجه هذا سيخالف قوانين الأمان على الإنترنت بأوروبا أجمعها، بعد أن صرح بأن اعتقاده هو أن خط الإشراف على المحتوى يجب أن يتم رسمه فقط فى المشاركات غير القانونية ويجب السماح بكل شيء آخر كجزء من المناقشة المفتوحة.
وعدم الالتزام من قبل ماسك سيؤدى إلى فرض غرامات قد تصل إلى مليارات اليوروهات أو حتى حظر الوصول إلى النظام الأساسى، كما يتضمن المشروع أحكام يمكن أن تجعل مديرى الشركات مسؤولين جنائيًا إذا فشلوا فى الاستجابة للمطالب القانونية.
ووفقا لقانون الخدمات الرقمية الأوروبى، فسيكون على ماسك وفريقه مكافحة المحتوى غير القانونى على منصاتها، ووفقا للقانون يمكن عدم الامتثال أن يكلّفه ما يصل إلى 6% من مبيعاته السنوية العالمية، وتخضع كل المواقع الإلكترونية للمسؤولية بموجب هذا القانون، لكن المنصات التى تضم أكثر من 45 مليون مستخدم فى الاتحاد الأوروبى، يجب أن تلتزم بقواعد أكثر صرامة، مثل دفع رسوم إشراف لبروكسل تصل إلى 0.05% من إيراداتها السنوية العالمية.
وكذلك الحال داخل بريطانيا التى فى طريقها هى الآخرى لإقرار قانون السلامة على الإنترنت، والذى سيطلب من المنصات تحديد وإزالة المحتوى غير القانونى لحماية المستخدمين، ولكنه سيتطلب أيضًا أكبر المواقع، بما فى ذلك Twitter، لاتخاذ إجراءات ضد الآخرين أصحاب المحتوى التى تم تصنيفه على أنه "قانونى ولكنه ضار.
وفى حين أن السياسيين فى المملكة المتحدة كانوا هادئين نسبيًا بشأن الاستحواذ حتى الآن، فقد أطلق أولئك الموجودون فى الاتحاد الأوروبى بالفعل تحذيرات مباشرة على ماسك بينما يتولى منصبه الجديد فى رأس شركة وسائط اجتماعية، مذكّرين إياه بضرورة الامتثال للوائح وسائل التواصل الاجتماعى الوشيكة فى الاتحاد الأوروبى.
وردا على تغريدة ماسك "الطائر تحرر"، قال تييرى بريتون، مفوض السوق الداخلية للاتحاد الأوروبى: "فى أوروبا، سوف يطير الطائر وفقًا لقواعدنا".