تتجه مصر بقوة حالياً نحو الاقتصاد الأخضر، إذ تتبنى الدولة المصرية فى هذا الاتجاه، 5 مبادرات وإستراتيجيات هامة تم وضع خطة متكاملة لكل منها حتى عام 2050، كما تحرص فى كل عام مالى عند إعداد الموازنة العامة للدولة على توجيه نسبة كبيرة من الموازنة لخطتها الاستثمارية الخضراء وللمشروعات الخضراء المقرر تنفيذها فى كل قطاع بالدولة، بل تزيد من تلك المخصصات المالية الموجهة للاقتصاد الأخضر عاماً بعد عام، ومن أولى المبادرات والإستراتيجيات الخضراء التى تتبناها الدولة، مبادرة تغير المناخ والتى تنعقد قمتها الـ 27 حاليًا بشرم الشيخ بمشاركة العديد من دول العالم.
يأتى بالتوازى مع مبادرة تغير المناخ فى اهتمامات الدولة نحو الاقتصاد الأخضر، مبادرة إنتاج الهيدروجين الأخضر، والتى تعد أولوية أيضًا لدى الدولة المصرية فى خطتها الاستثمارية الخضراء للسنوات القادمة، وقد بدأت تلك المبادرة عندما وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو الماضي بإعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، حيث تتطلع الحكومة إلى إطلاق مرحلة أولية لعدد من مشروعات الهيدروجين الأخضر، التي قد تصل قيمتها إلى 3-4 مليارات دولار، وذلك بحسب أحدث البيانات الصادرة عن وزارة الكهرباء فى هذا الشأن.
واستمرارًا فى التأكيد على توجه الدولة نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر، أعلن الرئيس منذ أيام قليلة بالمشاركة مع بلجيكا إطلاق "المنتدى العالمي للهيدروجين المُتجدد"، وذلك خلال المائدة المستديرة رفيعة المستوى حول "الاستثمار في مستقبل الطاقة: الهيدروجين الأخضر" التى تضمنتها فعاليات قمة المناخ المنعقدة حاليًا بشرم الشيخ "COP27"، ومن المقرر أن يكون هذ المنتدى العالمى للهيدروجين المتجدد بمثابة منصة تجمع كافة أصحاب المصلحة المتعددين لتيسير عملية إنتاج واستخدامات الهيدروجين المُتجدد بما يُسهم في خفض الانبعاثات والإسراع نحو الانتقال للطاقة المُتجددة.
خاصة أن الهيدروجين الأخضر، يعد من أنظف أنواع الطاقة، كما إنه يحتوى على ما يقرب من 3 أضعاف الطاقة التى يحتويها الوقود العادى، مما يجعله أكثر كفاءة، كما يعد أيضًا مضاعف للكهرباء، فمع بعض الماء وقليل من الكهرباء، يمكنك توليد المزيد من الكهرباء أو الحرارة منه، هذا بجانب أنه متاح على نطاق واسع، لذا أصبح الهيدروجين الأخضر هو الموضوع الأبرز الآن على ساحة الاقتصاد الأخضر العالمى، حيث أعلنت العديد من الدول حول العالم عن مبادرات للهيدروجين الأخضر، وقد انضمت مصر أيضا لتلك الأسواق.
حيث تعتزم الدولة المصرية الإعلان عن عدد من المشروعات المتعلقة بالهيدروجين الأخضر قريبًا، كجزء من مبادرتها الوطنية فى هذا الشأن "مبادرة إنتاج الهيدروجين"، والتى تهدف دمجه في إستراتيجية الطاقة المتكاملة 2035، التى تعد إحدى مبادراتها الإستراتيجية أيضًا نحو الإقتصاد الأخضر "مبادرة إنتاج الطاقة المتكاملة 2035"، خاصة أن إنتاج الهيدروجين الأخضر يعتمد فقط على مصادر الطاقة المتجددة وهى تلك المصادر التى تستهدف الدولة التوسع فى إنتاجها ضمن إستراتيجية إنتاج الطاقة المتكاملة المشار إليها، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ولمزيد من التفاصيل حول إستراتيجية إنتاج الطاقة المتجددة والمستدامة 2035 التى تتبناها الدولة المصرية ضمن مبادراتها نحو الإقتصاد الأخضر وأطلقتها فى عام 2015، أكدت وزارة البترول فى أحدث بياناتٍ لها، أن الحكومة المصرية تبذل المزيد من الجهود للتوسع في استخدامات الطاقة النظيفة، خاصة الطاقات غير المستغلة والتى تمتلك مصر العديد منها، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، حيث تسعى الدولة إلى تحقيق التنوع فى مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2025، هذا بجانب رؤيتها للتوسع في الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في إنتاج 40% من الكهرباء بحلول عام 2030، خاصة أن إستراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة 2035، تشير إلى ضرورة أن تسهم الطاقة المتجددة بنسبة 42% من إجمالى قدرة الطاقة بحلول عام 2035.
وبحسب وزارة البترول، تقوم الدولة المصرية حاليًا بالإنخراط فى عدد من الشراكات الدولية والإقليمية لتحقيق مستقبل آمن ومستدام للطاقة النظيفة بمصر والمنطقة، مستفيدةً من علاقاتها الدولية ومقوماتها الجغرافية وبنيتها التحتية، وتأتى مبادرة تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط مع دول الجوار من أهم تلك المبادرات والخطوات التى تنفذها الدولة المصرية فى مجال الطاقة، خاصة أن هذه المباردة تهدف إلى الإسراع بتنمية واستغلال موارد الغاز الطبيعى بالمنطقة، وذلك لتحقيق رفاهية الدول والشعوب وتأمين موارد الطاقة النظيفة والتى يعد الغاز واحدًا منها أيضًا.
مبادرات أخرى تتبناها الدولة المصرية نحو الاقتصاد الأخضر فى المستقبل - بخلاف مبادرات "تغير المناخ، وإنتاج الهيدروجين، وإنتاج الطاقة المتكاملة المستدامة" السابق الإشارة إليهم- تتمثل فى، مبادرة تنمية الموارد المائية، ومبادرة حماية السواحل، حيث تستهدف الدولة من المبادرة الأولى، تنمية مواردها المائية وذلك عن طريق ترشيد الاستهلاك وتحسين نوعية المياه وتهئية البيئة الملائمة لذلك، وهو ما بدأت الدولة بالفعل فى تنفيذه الآن، من خلال مشروع تبطين الترع الذى تنفذه وتوجه له مليارات الجنيهات من موازنتها كل عام، هذا بالإضافة للتوسع فى إنشاء محطات مياه الشرب ومعالجة الصرف الصحى ومحطات تحلية مياه البحر.
أما فيما يخص مبادرة حماية السواحل، والتى تعد واحدة من مبادرات مصر الخمس نحو الإقتصاد الأخضر أيضًا، فقد أطلقت الدولة تلك المبادرة بهدف التكيف مع المتغيرات المناخية والتصدى لظاهرة النحر والآثار الناتجة عن ارتفاع منسوب سطح البحر، بالإضافة إلى إيقاف تراجع خط الشاطئ والحفاظ على الأراضى الزراعية والاستثمارات القائمة على السواحل، مع المحافظة على سلامة واستقرار الكتلة السكنية بالمناطق الساحلية.
ولهذا الأمر، قامت الدولة المصرية بإطلاق العديد من الأعمال لحماية السواحل والشواطئ، من أهمها، إدارة مخاطر تغير المناخ، ووضع إستراتيجية تفصيلية للتكيف مع تلك المتغيرات، هذا بجانب، حماية شواطئ متفرقة بمحافظات الجمهورية وحماية دلتا النيل من تداخل مياه البحر، علاوة على، اكتساب أراضى جديدة ستكون متاحة لمجالات استثمارية متعددة ورواج التنمية السياحية بالمحافظات وخلق فرص عمل، هذا بحسب وزارة الرى والموارد المائية، المسئولة عن تنفيذ تلك المبادرة.