تحارب المرأة على كافة الجبهات، فتسعى دوما أن تكون أما مثالية وزوجة صالحة وفى الوقت ذاته تحافظ على عملها وتطورها المهنى، تلك الحرب لا يعلم الكثير عنها شيئا، وجهودها لإحداث التوازن بين كافة المهام دون الإخلال بأى منها جانب خفى لا يراه الآخرون.
ولكن هذا التوازن يتطلب تفهما مجتمعيا لما تقوم به المرأة وتقبلها بكافة صورها دون الانتقاص من مكانتها، إلا أن هذا لايحدث كثيرا على أرض الواقع، حيث يرى البعض أن مهام الأمومة يجب ألا تخرج من باب المنزل لتختلط بأوقات العمل، وبينما يدور هذا الجدل فى دولا كثيرة، ضربت دولا أخرى مثالا يُحتذى به لدعم حقوق المرأة واتخاذ اجراءات تُيسر عليها القيام بمهامها جميعا دون إخلال.
وكان البرلمان الإيطالى أحدث المؤسسات التى دعمت المرأة، حيث اتخذ قرارا يسمح لنائباته باصطحاب أطفالهن الرضع للبرلمان، لتقوم المرأة بمهامها المهنية وفى الوقت ذاته تمارس الأمومة بشكل طبيعى دون انتقاص.
وقررت لجنة فى البرلمان الإيطالى، تعديل قاعدة لا تسمح بحضور أحد سوى النواب فى المجلس خلال الجلسات وعمليات التصويت للسماح بحضور الرضع مع أمهاتهم، وستخصص منطقة صغيرة منفصلة فى الصف الأخير للأمهات لإرضاع أطفالهن فى مجلس النواب.
ونقلت وكالة أنباء "أنسا" الإيطالية عن جيلدا سبورتيلو، النائبة عن حزب حركة "خمس نجوم"، التى قدمت الاقتراح، قولها إنها تأمل أن تدخل القاعدة الجديدة حيز التنفيذ خلال العام الجارى.
وليست إيطاليا وحدها التى اتخذت مثل هذه الخطوة حيث سبقها البرلمان الأوروبى، والذى سمح للنائبة ليشيا رينزولى، ممثلة إيطاليا فى البرلمان الأوروبى، بحضور الجلسات بصحبة رضيعتها فيكتوريا قبل سنوات، والتى ظلت تشارك والدتها الحضور حتى بعدما كبرت.
ودخلت الطفلة فيكتوريا البرلمان الأوروبى لأول مرة مع والدتها فى سبتمبر 2010 ولم تتجاوز حينها 6 أسابيع، وذلك عندما قررت والدتها الاستفادة من قانون يسمح للأمهات باصطحاب أطفالهن إلى العمل.
ودخلت فيكتوريا البرلمان مرة أخرى بعد أن كبرت لتخطف الأضواء، لكنها هذه المرة أكبر، حتى إنها تتصفح هاتف والدتها وتشاركها التصويت.
كذلك شهد البرلمان الاوروبى تكرار لهذا المشهد، حيث اصطحبت عضوة البرلمان الأوروبى جيتى جوتلاند، طفلها الرضيع معها إلى المجلس، فى رسالة منها أن الأمومة لا تتعارض مع المكانة السياسية، داعية أن تكون أماكن العمل صديقة أكثر للأطفال.
كذلك رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن التى اصطحبت طفلها معها خلال جميع الجلسات والمناقشات.
وتعد كارينا غولد أول وزيرة كندية وضعت مولودها أثناء توليها حقيبة وزارة الصحة، إذ أنجبت طفلها فى مارس 2018 واضطرت إلى استئناف العمل فى مايو من العام ذاته مع وليدها أوليفر، وصادفت فى تلك الفترة التصويت على سن قانون ضد المخدرات فى البرلمان الكندى.
ووفقا للقانون الكندى كان على وزيرة الصحة التصويت، فلم تتردد غولد وذهبت مع طفلها إلى البرلمان، وقدمته للجميع بما فى ذلك رئيس الوزراء الكندى جاستين ترودو.
وقالت غولد للصحافة الكندية حينذاك إنها سعيدة بالانتماء إلى دولة تعتبر الرضاعة الطبيعية أمر طبيعيا (كما يفترض أن تكون)، تبعت ذلك بتغريدة قالت فيها "الرضاعة الطبيعية ليست عارا، حيث يحق للطفل أن يأكل.. وواجبى أن أصوت". وأضافت أنها سعيدة لكونها محاطة بدعم زملائها.
فيما اضطرت نائبة البرلمان الأسترالى لاريسا واترز إلى العودة لعملها فى البرلمان بعد شهرين من الولادة، الأمر الذى جعلها تصطحب ابنتها آليا جوى إلى البرلمان، ولم تكن أتمت الشهرين، وبحسب لاريسا فإنها كانت تقوم بواحدة من أكثر الأمور طبيعية فى هذا العالم وهو الرضاعة.
وصفتها الصحافة المحلية بعدها بأنها دخلت التاريخ كأول نائبة ترضع رضيعها تحت قبة البرلمان الأسترالى، واحتفت الأمهات الأستراليات والعديد من السياسيات حول العالم بلاريسا ووصفنها بالبطلة، وسلطت قصة لاريسا الضوء على البرلمانيات والسياسيات اللاتى حرم أطفالهن من حق الرضاعة الطبيعية.
وفى الارجنتين حضرت فيكتوريا دوندا بيريز جلسة البرلمان فى العام 2015 بصحبة ابنتها ذات الثمانية أشهر، وأثناء انعقاد الجلسة أرضعت النائبة طفلتها بعفوية واستكملت الحديث والتصويت فى الجلسة.
والتقطت الصحافة الأرجنتينية صورة للنائبة، وسرعان ما انتشرت بشكل كبير وتصدرت الصحف الدولية، اشتهرت بيريز بأنها أصغر النائبات بالبرلمان منذ دخولها عالم السياسة فى العام 2007.
وأكدت فيكتوريا أن المرأة العاملة عليها أن تعيش حياتها الطبيعية كأم وتمارس حياتها الطبيعية سواء كانت أما عاملة أو سياسية أو ناشطة، وهو ما أكدته جولات فيكتوريا بصحبة رضيعتها فى كل الحملات السياسية والحقوقية.
وفى 2016 شهد البرلمان الإسبانى جدلا عندما اصطحبت نائبة إسبانية طفلها البالغ من العمر خمسة أشهر، وهو فعل أرادت منه إظهار الصعوبات التى تواجه النساء فى التوفيق بين العمل والحياة العائلية.
وكانت النائبة المنتخبة حديثا كارولينا بيسكانسا البالغة من العمر 44 عاما أخذت مكانها فى اجتماع البرلمانى حاملة طفلها ذا الأشهر الخمسة الذى لا تفارقه، مثيرة موجة تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى.
وقالت النائبة "هناك نساء كثيرات فى اسبانيا لا يقدرن أن يربين أطفالهن كما يرغبن، ولا يمكن أن يذهبن إلى أعمالهن معهم.
وبالفعل نجحت العديد من البرلمانيات النساء حول العالم، فى تحدى الموازنة بين حياتها الأسرية واهتمامها بأطفالها، ووضعها السياسى، وقررت اصطحاب أطفالهن الصغار إلى البرلمان للقيام بمهامهن على اكمل وجه، دون التأثير على أطفالهم.